ازدواجية الولاء وهزيمة برشلونه وموت سامرانش والكور والكار أفكار تجمعت عن بن طفلة بالصالون

زاوية الكتاب

كتب 1412 مشاهدات 0


الكور والكار والكرة وسامارانش!
تاريخ النشر: السبت 24 أبريل 2010
كان حديثاً طويلا مفصّلا عند الحلاق. أسلمت رأسي له وراح في حديث مع زميل له وخمسة زبائن غيري. كأس الفرق الأوروبية وكأس العالم القادم مدار الحديث الذي خاض فيه الجميع بمعرفة وتفاصيل دقيقة.

هم يتحدثون عن الكرة، وأنا أسلمت 'كوري' للمقص، والكور باللهجة الخليجية تعني الرأس، وهي مشتقة بمعناها من 'كور'، وتعني تكوير العمامة على الرأس أو ما شابهها. وقد يحلف أحدهم معترضاً: 'والله ما يصير ما دام هذا الكور يشم الهوا'، أي ما دمت حيّاً.

والكُور تعني المواشي عامة، لكنها انحصرت بمعنى الإبل فقط في لهجة الخليج ربما بسبب سنامها المكوّر. في مطلع قصيدة شهيرة لشاعر الكويت الشعبي حمود الناصر البدر: 'يا راكبين أكوار ستٍّ تبارى'. القصيدة غناها مطربون عدة أشهرهم الراحل عبدالله الفضاله.
 وقد استمر الحديث عن الكرة. شاركت بمداخلة أو اثنتين، حاولت أن أظهر معرفتي بالكرة، تطرقت إلى هزيمة برشلونة الكاتالوني الأسبوع الماضي على يد إنتر ميلان الإيطالي. ردود الأفعال عن نبرة حماسي 'البريئة' لم تعجب معظمهم. لبرشلونة جماهير تتجاوز حدود إسبانيا وأوروبا كلها. كانت ردودهم تحمل الوعيد الأسبوع القادم بهزيمة نكراء للطليان على أرض كاتالونيا. كنت قد أقسمت لنفسي بعدم الاختلاف مع الحلاق سياسيّاً. زدت هذه المرة ضرورة التعرف على ناديه العالمي المفضل لتشجيعه.

إنها العولمة بأنصع صورها: شباب من الكويت وسوريا ولبنان في هذا الصالون يتحدثون عن خبايا وتفاصيل اللاعبين والمدربين بفرق أوروبية. تذكرت الأيام التي كان الانحياز محصوراً فيها بين فريقي القادسية والعربي بالكويت، أو الأهلي والزمالك بمصر، أو الهلال والنصر بالسعودية. صحيح بأن هذه الفرق لا تزال تحظى بتأييد جماهيري عريض، لكنها جماهير - في الغالب- مزدوجة الولاء: هناك فريق محلي يشجعه الشاب، وآخر عالمي يتحمس له بنفس الدرجة -وأحياناً بدرجة أعلى.

شباب من كل الجنسيات يشجعون برشلونة. صيني وعراقي مهووسان بنادي مانشستر يونايتد الإنجليزي، جزائري وإماراتي يجمعهما حبهما ومتابعتهما لفريق ريال مدريد الإسباني. ساءلت نفسي عما يمكن أن يجتمع عليه حضور صالون الحلاقة غير الكرة؟

أصبحت الكرة 'كاراً'، والكار كلمة فارسية تعني المهنة والحرفة والصناعة. وقد يقال: 'هذا مو كاري' أي أن هذا ليس من اختصاصي ولا يعجبني. والكار يختلف عن 'الكير' التي وردت في الحديث الشريف وأصلها فارسي أيضاً وتعني منفاخ الحداد.

مات قبل أيام الإسباني خوان سامارانش - الرئيس السابق للجنة الأولمبية الدولية - الذي حوّل الكرة والرياضة إلى كارٍ عالمي وصناعة وتجارة مليارية خلال ترؤسه لها طيلة ربع قرن. استفاد سامارانش من ثورة الاتصالات والنقل الحي للرياضة فحوّلها إلى هوس عالمي بامتياز. أصبح اللاعب يباع ويشترى بعشرات الملايين من الدولارات، واشتعلت حرب بين الفضائيات لاحتكار نقل البطولات، وتنافست الشركات الكبرى على وضع إعلاناتها وشعاراتها على ملابس اللاعبين وأثناء المباريات الدولية لعلمها أن ملايين البشر عبر العالم يشاهدون المباريات الدولية.

بعد أسابيع قليلة ستنطلق بطولة كأس العالم في جنوب إفريقيا. البطولة تسبقها حرب تنافسية بين دول العالم لاستضافتها. استضافة البطولة تعني انتعاشاً اقتصاديّاً أثناء البطولة وقبلها وبعدها بسنين طويلة. حقوق للبث، وأخرى للبيع، وثالثة للملابس وأخرى للأغاني والأهازيج الرياضية الحماسية. شركات طيران عالمية تتسابق لاستقطاب الجماهير عبر إعلاناتها على 'فانيلات' اللاعبين، وبنوك عالمية رسمت شعاراتها على الكُور التي ستلعب بها الفرق بالبطولة وهكذا.

يا له من كار عظيم، ويا لها من عولمة كروية جمعت مئات الملايين من البشر من أطراف الكرة الأرضية. هذا ما دار في كوري، وأنا أغادر الصالون.

الشرق الأوسط-الاتحاد الظبيانية

تعليقات

اكتب تعليقك