لماذا يتم التشكيك في أرقام الدول النفطية؟!

الاقتصاد الآن

1993 مشاهدات 0

كامل الحرمي


الفجوة الرقمية  هي مشكلتنا الحالية بالتعامل حول معرفة حجم الكميات الاحتياطية المؤكدة للنفط الخام الكويتي، وبدون تدوين وتحويل تصريحات كبار مسوؤلينا عن الاحتياطي النفطي وترجمته الى رقم معين، فالعالم ليس بحاجة الى تأكيدات وتطمينات ورقية، ولكن بحاجة الى رقم وحيد ممكن قياسه. ولايهم مدى  كبر أو صغر الرقم فالأهم هو الرقم و تأكيده و توثيقه، فالرقم المتدوال الوحيد في المنظمات والمؤسسات النفطية العالمية النفطية هو ان احتياطي الكويتي من النفط الخام في حدود ال100 مليار برميل، وهذا الرقم مبني على احصائيات من وزارة النفط تزود بها سنويا منظمة 'اوبك ' و المنظمات العالمية الاخرى و تحدث سنويا، ولكن ماسبب التشكيك في أرقام الدول النفطية من احتياطياتها النفطية وعدم مصداقيتها.
يعود السبب في عدم المصداقية هو ان في منتصف الثمانييات بدأت دول 'اوبك' بمضاعفة احتياطياتها حيث زادت الكويت حجمها من 67 مليار الى 92 مليار، و ايران من 59 الى 92 ، والعراق من 65 الى 100 ، والسعودية من  169 الى 260 مليار والامارات من 33 الى 98 مليار برميل. وهذه المعلومات والتغيرات موجودة في جميع النشرات والاحصائيات النفطية، ولهذا السبب تحديدا فقدت الدول المستهلكة للنفط ثقتها بموجودات الدول المنتجة للنفط من النفط الخام، خاصة خلال تلك المدة لم تعلن هذه الدول عن اي اكتشافات نفطية ضخمة جديدة في تلك الدول، أما سبب مضاعفة دول منظمة 'اوبك' لمخزونها النفطي يرجع الى أن المنظمة بدأت بتطبيق نظام سقف وحصص الانتاج أو مايسمى ب 'الكوتا'، وعليه قامت هذه الدول بمضاعفة أرقامها آملين بأن حصص الانتاج ستوزع ايضا حسب إحتياطي كل دولة من النفط الخام على قدراتها الإنتاجية.

ونحن في الكويت من الدول النفطية السباقة المطالبة بالكشف عن الأرقام الحقيقية، وحجم الاحتياطي المؤكد، وحدث هذا عندما طلب عضو مجلس الأمة الأسبق سالم المرزوق بحقيقة الأرقام الحقيقة لاحتياطي النفط الكويتي من وزير النفط آن ذاك عبدالمطلب الكاظمي، والذي كان رده ايجابيا ووضعت الحكومة الأرقام في مجلس الأمة لاطلاع جميع أعضاء المجلس وكان ذلك تقريبا في عام 1977. هذه هي قمة الشفافية في الكشف والافصاح عن الأرقام الحقيقة للنفط .
ولم نتوقف عند هذا الحد حيث يطالب الآن بعض أعضاء مجلس الأمة بربط انتاجنا اليومي من النفط الخام بحجم النفط المثبت، ويعود السبب بأن إعتمادنا الكلي على النفط، ولابد من معرفة حجمه الحقيقي والى  متى سننعم بنعمة النفط، وأليس من حق الأجيال ايضا ان نحافظ لهم على جزء من هذه الثروة الطبيعية الناضبة وايجاد مخرج مالي آخر لهم، حيث يبلغ حجم انتاجنا السنوي من النفط في حدود المليار برميل في السنة، في حين نرى دولة نفطية مثل النرويج تعلن رسميا عن خفض احتياطها النفطي بمقدار 120 مليون برميل في الأسبوع الماضي لأسباب بيئية، وانها لن تستكشف هذه الكمية، وهذا هو الفرق بين الشفافية عندهم وعندنا في الدول النفطية.
من المؤكد ان الكل عندنا في انتظار الخبر السعيد عن مضاعفة موجوداتنا من الإحتياطي النفطي، ونتمنى في نفس الوقت عند كشف الأرقام أن تكون مدججة ومثبتة بالأرقام، ويكون مسارنا صحيا وصحيحا لنضرب المثل والمثال للدول النفطية الأخرى، والإحتياطي النفطي بدون أرقام سيزيد من أزمة فجوتنا الرقمية محليا وعالميا، ونحن الآن في انتظار الرقم الملياري أو أكثر والبشارة الحلوة.
 


       

الآن: كامل عبدالله الحرمي - كاتب ومحلل نفطي

تعليقات

اكتب تعليقك