حنان الهاجري تعتبر مسلسل'كازينو' أم عنبر خيالا غير سوي للأسرة الكويتية

زاوية الكتاب

كتب 1372 مشاهدات 0


 



 حتى أم عنبر تشتهي محمر 

كتب حنان الهاجري : 

 
بعد انقطاع تام عن مشاهدة التلفزيون العربي، وهي نعمة منّ الله عليّ بها لعقد من الزمن، قررت أن أعود تدريجيا لمتابعة البرامج العربية خارج اطار المقاطع اليوتيوبية القصيرة، ووقع اختياري في أول رمضان على مسلسل كويتي يعرض في التاسعة صباحا بتوقيت نيويورك، وكم ندمت بعد ايام قليلة من متابعته على اختياري هذا. ولكن الحق يقال ان دهشتي فاقت ندمي، لأنني لم أكن أتوقع أن تكون الكويت قد تغيرت الى هذه الدرجة! وحتى يطمئن قلبي قررت أن أشاهد مقاطع قصيرة من مسلسلين آخرين عبر اليوتيوب، فأتت النتيجة مفجعة، لأن كل ما شاهدت يدور في فلك علاقات الحب و«المواعد» وهموم المال والزواج والتفريخ. لذا أتمنى أن يقوم أحد الأكاديميين المختصين في علم الاجتماع بدراسة أثر هذه الأعمال في المُشاهد في الكويت، من حيث عرضها بشكل متكرر سلوكا منبوذا اجتماعيا، وتقديمه على أنه النموذج الجمعي- لا الفردي - السائد. وأيضا دراسة مدى تأثير المفردات والعبارات وسلوك الخارجين عن حدود الأدب واللباقة ومراعاة خصوصية أي مجتمع عربي مسلم، وما صحبها من ايحاءات جنسية رخيصة على الأسرة وخصوصا على الطفل فيها. اذا كان المسلسل الذي شاهدته، والذي أصبح يعرف بمسلسل «كازينو أم عنبر» وفق وصف أحد الاخوة المدونين، يُعد انعكاسا لكويت اليوم، فانني لا أعرف هذه الكويت. وأجزم من ردود الأفعال الكثيرة الناقدة والناقمة على رسالة المسلسل المذكور ان الاسرة الكويتية التي قُدمت لنا فيه، شاذة ولا تمثل الا خيالا لا يمكن أن يكون سويا، بل هو بحاجة الى علاج نفسي مكثف وسريع. كان بريخت قد قال يوما انه «لو كان الفن يعكس الحياة، فانه يفعل ذلك بمرايا خاصة»، ومرايا رمضان هذا العام مشروخة ويعلوها السخام. بريخت كان قد قرر يوما ايضا بأنه «يعيش في زمن أسود»، ويبدو أن هذا الامر ينسحب علينا اليوم، فكازينو أم عنبر نسخة 2010 لم يحرص فقط على رومنسنة (من رومانسية) العلاقات الخارجة عن حدود الدين والعقل والفطرة السليمين، بل تجاوز ذلك الى التعدي على صورة ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، في مشهد صور فتاة «مواعدة» على البحر بكرسيها المتحرك! أي انه حتى هذه الفئة لم تسلم من قولبة العلاقات الانسانية وحصرها في اطار أحادي الاتجاه والغاية، ليعتاد المشاهد على رؤية الوضع اللاأخلاقي المخالف للمألوف فيصبح سويا و«عاديا»! ثم كان أن عرج المسلسل المريض على السياسة، ليوصل رسالة خالدة وهي أن مجلس الامة ونوابه هم سبب مصائب الكويت، ومنها عدم وجود أسرّة كافية في المستشفى! وكأن المجلس هو من منع يد الحكومة من التنمية، واحتكر استيراد الاسمنت والصلبوخ والمعدات الطبية، أي أنه حتى مسلسلات مشاهد السرير والايحاءات الجنسية الرخيصة والألفاظ البذيئة والعلاقات المشبوهة تشتهي مثل المقابر... محمّرا، فتفتينا في الشؤون السياسية.
***
ملاحظة: «كازينو أم عنبر» اسم لمسرحية كويتية شهيرة، أما «حتى المقابر تشتهي محمّر» فهو مثل كويتي قديم، والمحمّر هو الأرز المُحلى بالسكر أو الدبس.

حنان الهاجري

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك