ما أجمل خصوصية ديموقراطيتنا ما دامت الرياح الموسمية تحرك النواب وتنتهي بـ «حبة خشم».. تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 316 مشاهدات 0





 
 تركي العازمي / النواب والرياح الموسمية!

 
اخواننا النواب حفظهم الله ورعاهم قبل كل دور انعقاد نجدهم يتوعدون بعض الوزراء بالاستجواب، وإنني أستمتع بمراجعة مواقف بعضهم الأشبه بقطعة النقود المعدنية (إما سفينة أو كتابة) على هوى الرياح الموسمية، فمنهم مع عبور السفينة نحو حال التهدئة، ومنهم من يريدها كتابة ليبدي امتعاضه من تدهور الأداء الحكومي مكتوباً ومنشوراً على صدر صفحات الصحف: طيب «شنو الجديد»!
هذا نحن كما كنا في العام الماضي والعقود المنصرمة لم نشهد الجديد، إنه الأداء نفسه ولكنهم، أي النواب، كسروا الحاجز في جلسات الاستجوابات الأربعة... و«يا سلام على التوصيات» التي انتهت معها جلسات الاستجوابات السابقة!
صحيح أن النسيان نعمة والظروف تحكم ولكن التاريخ لا يرحم فنحن أمام سجل دون مواقف الجميع سواء كان سعدون العتيبي في الخامسة أم الثالثة، سواء كان الوزير صفر في هذه الوزارة أو تلك، سواء كان الوزير العبدالله في الصحة، الإعلام، النفط... أمر غريب جداً أن يخرج وزير ويقول «الأمر مو بيدي»!
ما يزعجني في هذا الأيام حيث تهب الرياح الموسمية من جانب النواب، أن البعض يهدد ويتوعد رغم أن الأدوات الدستورية واضحة بدءا من السؤال البرلماني وانتهاء بالاستجواب ومروراً بالنقاش وتوجيه النصح، وهذا المثلث لا يصبح في متناولنا ما دامت الأنفس غير مستقرة على وضع معين يبحث عن التهدئة!
فيا أخي النائب ويا أختي النائبة: من يريد أن يستجوب ليس بالضروري أن يهدد ويصرح... لديكم الأدوات الدستورية اعملوا بها في هدوء: اسألوا، اجتمعوا بالوزير المعني، استوضحوا، جمعوا أدلتكم وراجعوا مواقف زملائكم وقدموا الاستجواب بهدوء... ومن لا يملك الأغلبية «يستريح ويريحنا معاه» و«الشق عود» يا صاحبي ويا صاحبتي!
إنه من غير المعقول أن يأخذها البعض من «الشق إلى الشق» ويظهر لنا بصورة الإصلاحي، وكما عبر عنه إخواننا في الغرب... «Come on Look who is talking»... فالناس «المفتحة باللبن» تعي بعض بواطن الأمور والسواد الأعظم لا يعلم فتأخذه العاطفة وتبهره بعض التصريحات «العنترية»، إنهم «غلابا» لهم الظاهر ولو علموا بالباطن لرشقوا البعض بالبيض أو الطماطم كما يحصل في الدول الأجنبية التي تفصل بين ممارستنا وممارستهم الديموقراطية عقود من الزمن!
إنه الجهل بالمعطيات، فغياب الشفافية والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص ينتج لنا جيلا في مستوى متدن من الثقافة حيث الظاهر صالح والباطن أغلب طالح!
إنني من أشد المؤيدين لاستخدام الاستجواب كأداة دستورية يراد منها تقويم الاعوجاج دون ضرر أو ضرار، ولكن هل نحن على المسافة نفسها من بعضنا البعض، وهل المسطرة التي نقيس فعالية بعضنا البعض واحدة، وهل نحن مجردون من هوى النفس: طبعاً لا!
إن تحدثت عن قيادي ليبرالي: وقف مساندوه، وإن تطرقت لقيادي إخواني أو سلفي: ظهرت التصريحات المعاكسة، وهكذا الحال بالنسبة للقيادي القبلي ومن ينتمي لحزب أو مجموعة تسانده، وهذا حقيقة سلوكيات مجتمعنا، ورغم أن واقعيتها تغضب البعض لأنهم يتصورون أن «الشر برا وبعيد»... وما أجمل خصوصية ديموقراطيتنا وإفرازاتها فالحال كما كانت وستظل كما هي ما دامت الرياح الموسمية تحرك النواب وتنتهي بـ «حبة خشم»، أو بأي طريقة اعتاد عليها الأخوة دون اللجوء إلى «شق الجربة» لأنها بالأصل «منبطة» ولا يمكن رقعها... والله المستعان!

تركي العازمي

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك