فهد البسام يروي تجربته الشخصية كتجربة حياة فى ظل انخفاض جودة حياتنا ككويتيين

زاوية الكتاب

كتب 1114 مشاهدات 0





 فهد البسـام / نقطة / تجربة حياة...
 
 
بالتأكيد ان حياتي لا تعني أحداً غيري، لذا فإمكان من يشاء عدم استكمال القراءة، لكني وددت إشراك بقية الفضوليين معي في تجربة انسانية جديدة بعيدة عن السياسة والساسة التي أودت بنا «تجاربهم الإنسانية» وطموحاتهم وأطماعهم الشخصية إلى مأزقنا الحالي وانخفاض جودة حياتنا وما يستجد مما لا نعلم من أزمات واخفاقات.
احتجت لشراء سيارة، وهنا بدأت التجربة، فهذه هي حدود تجاربنا في هذه المدينة «الكوزموبوليتانية» المنفتحة والمتجددة، ونظراً للأزمة الاقتصادية «العالمية» التي ضربتني من عرض من ضربت وأمعنت طعناً وتجريحاً وكأنني قبل الأزمة كنت بحال أفضل، فنحن قوم بالأصل تنسانا الازدهارات والانتعاشات الاقتصادية وتتذكرنا الأزمات والانهيارات المالية، ما علينا، وحيث تزامن ذلك مع تزايد أعدائي في الشوارع بكثافة غير مسبوقة جعلتني أفكر بجدية في تركيب قاذفة لهب بمقدمة سيارتي لو كانت لوائح الادارة العامة للمرور تسمح بذلك، تاكسي جوال يريد توصيلك «غصبن» عنك، باص طويل عريض مليء يريد أن يسبقك ليفوز، منقبة أو محجبة أو امرأة تحسب نفسها جميلة لا تريد أن تلتفت من باب غض البصر لكن ازهاق روحي مسألة فيها نظر، البطيئون المتحزمون الخارجون من بيوتهم فقط بقصد تعطيلك عن مواعيدك، وغير ذلك الكثير مما يخلق الله ولا تعلمون، ناهيكم بالطبع عن معركتي الأزلية مع الدولة ممثلة بوزارة أشغالها المؤبدة مع النفاذ، حفريات وخنادق نسينا معها شكل الأرض المنبسطة، مطبات أكبر من بعض بيوت الحكومة، مشاريع لا أعتقد أني سأراها مكتملة قبل أن يأخذ الله أمانته، كما ولا أستبعد أن تقوم الحكومة في يوم ما ليس ببعيد بزرع الألغام لحل مشكلة الازدحام المروري والزيادة السكانية وغيرها من مسببات صداعها المزمن، كل ذلك وأكثر ترافق مع ازدياد الوعي المروري وانتشار ثقافة التسامح واحترام الآخرين وكف الأذى كما لاحظتم بالتأكيد، لذا ولكل ما سبق وأكثر قررت شراء «وانيت»، سعره مناسب ويرهب الأعداء ويتحمل «سياسة» الدولة، فكانت بعض الانطباعات والتغيرات التي بدأت أشعر بها من خلال تجربتي الجديدة.
بالفعل مجتمعنا صغير بحجمه لكنه كبير بمكوناته، مجتمع من مجتمعات عدة، لكل أصحاب «كار» أو مهنة أو هواية أو «مرجعية» عادات وتقاليد وأعراف ومفاهيم تختلف عن غيرها، حتى اللغة تختلف ولها أكثر من لسان ولهجة، فمثلاً بعد «التطور» الأخير لغتي الجديدة صارت مزدحمة بألفاظ ومصطلحات من نوع: أقزوز، مدقر وجمعها مداقر، رمانة، حماية، تظليل، رفعة صدر وأرجو عدم اساءة الفهم، نياكل، خبُه، هدات، الرابطة، كيبات، أما بيئتي الجديدة فهي غالباً تتراوح ما بين: شويخ صناعية، شارع الزينة، الري، السكراب، أمغرة، الحراج، الكراجات ومحال قطع الغيار بمختلف المناطق، أما دائرة علاقاتي ومعارفي الجديدة فتتكون من مختلف الجنسيات والمستويات، فسيارتي الجديدة أمم متحدة على عجلات، صنعها أميركي وحسنها الإيراني ببعض الزوائد واللوامع، وبسببها صرت أعرف «المزين» عماد من «دير الزور»، و«الحاج» المصري الذي لم يحج ولا أعرف اسمه لكنه مدير عماد، والكثير من الشباب «القرعان» ذوي العضلات المفتولة ممن متعهم الله بروح الفزعة وحب المخاطرة والتي جمعتنا واياهم أُخوة «الموتر» ورفقة الطريق، كما وأني صرت أُلاحظ كثرة تلويح المشاة لي وأن السيارات الأخرى بدأت تعطيني أولوية المرور وتفسح طريقي في كل الحالات و«تحترمني» وتحرص ألا تجرح مشاعري، فهذه شوارع تخشى هولاكو ولا تحترم غاندي، كما واني بدأت أنطرب وأتفاعل كثيراً مع الأصوات الكويتية القديمة ولا أدري ما العلاقة السببية...
كان هذا ملخص تجربتي وانطباعاتي بعد أن اشتريت «الوانيت» ذا القمارة اليتيمة، ما جعلني أتساءل عما كان سيحدث لو كان بقمارتين؟!


فهد البسـام

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك