بعد الاستجواب اصبحنا حكاماً ومواطنين على حد سواء نسير على صفيح ساخن برأى سعود السمكة

زاوية الكتاب

كتب 734 مشاهدات 0



القبس

قراءة بين السطور 
ماذا بعد الاستجواب؟! 

كتب سعود السمكه : 

 
اعتقد يا سمو الرئيس ان الامر لا يحتاج الى كثير من الامثلة لنتأكد أننا اصبحنا حكاماً ومواطنين على حد سواء نسير على صفيح ساخن يغطي تحته بركانا مدمراً سوف يأكل الاخضر واليابس في حالة اندلاعه، لا سمح الله، اذا لم نبادر ع‍لى وجه السرعة الى تدارك الامر.. والامر هنا يا سمو الرئيس هو ان نفهم جيدا ان ادارة الاوطان لا يمكن ان تنجح وتستمر على نحو يوفر لها الامن والاستقرار اذا ما استمرت تعتمد على سياسة شراء الولاءات وتجميع الموالاة للحكومة من اجل البقاء لا من اجل العطاء! واعتماداً ع‍لى النفوس التي تسيرها الاهواء لا على النصوص التي تعمل وفق بلاغة المنطق وقواعد القانون!
ان تقديم الجزرة على العصا امر يعاكس المنطق في مفهوم الدولة العصرية، فالدول التي تتمتع بسقف عال من التقدم يا سمو الرئيس لا تأتي فيها الجزرة من فراغ وان اتت، فالامر يكون من باب الاستثناء كأن يقوم احدهم بعمل مشروع يعمل على خدمة المجتمع، فإن الجزرة هنا تكون بمنزلة اعفاء من الضريبة.. هذا هو مفهوم الجزرة عند الدول المتقدمة، وهو تعبير عن تشجيع الدولة للعطاء للمصلحة العامة، غير هذا فإن العصا هي التي تكون دائما تحتل المقدمة باعتبارها الاداة التي تضبط ايقاع التقدم عندهم.. والعصا هي سيف القانون الذي يتساوى فيه الناس كأسنان المشط.
عندنا يا سمو الرئيس المفهوم مختلف لوظيفة الجزرة، فهي تعني العكس تماما عند الدول المتقدمة.. ففي الوقت الذي تكون فيه عند الدول المتقدمة بمكانة تشجيع على اقامة مشاريع خدمية يستفيد منها المجتمع.. نجدها عندنا تشجيعاً على كسر العصا اي القانون وانفلاتا من النظام العام! فأي تقدم ننشده يا سمو الرئيس وعن اي تنمية نتحدث ما دام فهمنا لمبدأ العصا والجزرة على هذا النحو المدمر!
انك اليوم ومنذ انتقال مسؤولية الحكومة لك يا سمو الرئيس اصبحت تمثل عهداً جديدا في سياق التاريخ السياسي للكويت كما يفترض.. ولعلك تعلم ان طبيعة التاريخ منذ الازل لا تخفي شيئا وسجلاته مكشوفة لتطلع عليها كل الاجيال المتعاقبة.. وفي اعتقادي انك لست بعيداً عن الحديث الذي يتداوله الناس حين يتحدثون عن الازمات التي اخذت تتفجر بين لحظة واخرى وكأنها قنابل موقوتة من اين نشأتها ومن الذي تسبب فيها؟
ان صراحة التاريخ يابسة لا ترحم يا بو صباح، وها هو يحكي للجيل الحاضر عن الاسباب والمتسببين.. عن مسلسل التجنيس الذي غير من طبيعة التركيبة النسيجية للمجتمع.. وعن الضربات الموجعة التي توالت لتنال من اساسات نظامنا الدستوري واعمدته حتى غدا هذا النظام الفريد من نوعه في المنطقة، والذي كاد ان يصل بالكويت الى مصاف دول العالم الاول لولا تلك الضربات المتتالية من قبل المتسببين.. وها هي الادارة الحكومية تئن من شدة الفساد والذي يحتاج من الحكومة، اي حكومة، مهما بلغت درجة مهنيتها، الى سنوات وسنوات حتى تستطيع ان تحيّده.. فالناس يا بو صباح يعرفون جيداً ان ما يشهده البلد اليوم من فساد وافساد ليس لكم دخل فيه ولا تتحملون مسؤوليته.. لكن هذا لا يعني، بعد ان قبلتم تحمل مسؤولية ادارة الدولة، قبول استمرار هذا الفساد تحت تبرير انه لم يحدث في عهدكم!
ان مجرد قبولكم بتحمل هذه المسؤولية يا سمو الرئيس هو قبول بكل تبعاتها ومن ثم تكونون مسؤولين عن هذا الفساد او على الاقل عن استمراره في عهدكم.. وان احداً يا سمو الرئيس، اذا كان منصفا، لا يستطيع ان يطالبكم باجتثاث الفساد والمفسدين بمجرد كبسة زر.. والا فإنه هنا يخالف منطق الاشياء!.. لكن هناك اجماعا من كل الناس على ان طريق الالف ميل تبدأ بخطوة وخطوة ثابتة تدفعها ارادة صلبة على الوصول الى نهاية الطريق.
«وللحديث بقية»

سعود السمكه

تعليقات

اكتب تعليقك