فهد البصيري يتساءل عن استعداد مصر للمعركة الجديدة بين الديموقراطية العلمانية والفقه الإسلامي على غرار مايحدث في ايران

زاوية الكتاب

كتب 809 مشاهدات 0


جمهورية مصر الإسلامية!


وبغض النظر هل تنحى الرئيس حسني مبارك أم لم يتنح ساعة كتابة هذه المقالة إلا أن الأكيد أنه سيتنحى، وأن رياح التغيير جرفت مصر أمامها، وستكون العملية مؤلمة، ولن تكون سهلة أبداً كما يظن المتظاهرون أو محبو التغيير، فالعملية تكتنفها المخاطر وتنتظرها الأخطاء، وهذه هي طبيعة كل بداية مهما حاولنا إنجاحها من أول مرة.
لم يكن حسنى مبارك سيئاً بالدرجة العربية المعهودة، وقد نعمت مصر في عهده بحالة من الاستقرار لم تعرفها على مدى عقود طويلة، وعادة ما يرافق كل استقرار شيء من الازدهار. وكانت هناك بعض الأصوات القليلة التي تنادي بالإصلاح السياسي قبل هذه الانتفاضة الشعبية، ولم يكن أحد يعيرها أي اهتمام، وحتى الرئيس مبارك لم يتعامل معها بالقمع العربي الأصيل، ربما لثقته بمحاسن عهده وبراءته من الصفات الديكتاتورية، أو ربما لاعتماده على آلة بوليسية عريقة ومتمرسة في إسكات مثل هذه الأصوات، ولكن الثورة الشعبية في تونس أشعلت النار في الهشيم وسكبت الزيت على النار، وأصبحت الأصوات اليتيمة جيوشاً هادرة من المتظاهرين من كل الأحزاب والطوائف، وهو أمر لم يحسب له الرئيس المصري والحزب الحاكم أي حساب، لذا وقع في الفخ التونسي وأساء إدارة الأزمة، وحاول الخروج منها بديبلوماسية ولكن الديبلوماسية تنتهي عندما تبدأ المعركة.
ومشكلة الرئيس مبارك أنه امتداد لنظام سياسي لم يتغير منذ 1952، فقد وجد الرئيس حسني مبارك نفسه رئيساً بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في عام 1981، وبعد تسلمه السلطة استمر الحرس القديم في قيادة مصر بنفس النهج الساداتي، وبالروح العسكرية نفسها للضباط الأحرار، ولتصحيح الأخطاء التي عابت سابقيه، قام بإخراج السياسيين من السجون، وسمح بانتخابات برلمانية نزيهة لكل الأحزاب باستثناء الأحزاب الإسلامية، ولكنه سمح لها بالترشح تحت غطاء الأحزاب الأخرى، وبالفعل جاء عام 1987 و«الأخوان المسلمين» ثاني أكبر كتلة برلمانية بعد الحزب الوطني الحاكم، ولكن النجاح الديموقراطي للجماعات الإسلامية في مصر والجزائر وتونس في تلك الفترة أوجد نوعاً من القلق لدى الحزب الحاكم في مصر، ما جعله يتراجع عن سخائه الديموقراطي ويبدأ مرحلة جديدة من التضييق على الجماعات الإسلامية دون تمييز بينها، وفي انتخابات العام الماضي 2010 شمل التضييق جميع الأحزاب المعارضة ما جعل هذه الأحزاب تقاطع الجولة الثانية ليصبح البرلمان المصري هو مجلس «الحزب الوطني».
وعلى مدى ثلاثة عقود بقي موضعان مصيريان معلقان كحبل المشنقة الذي يخشاه الجميع، هما قانون الطوارئ والذي أطلق يد الحزب لتحجيم المعارضين، وفترة الرئاسة أو عملية تداول السلطة، وهي مسائل لا تخص مصر فقط بل تخشاها جميع الدول العربية، ورغم أنها مسائل جوهرية فإن الرؤساء العرب تركوها للزمن، والزمن يحل كل شيء بما فيها الأنظمة والدول أيضاً!
واليوم أصبح التغيير في مصر كالقدر الذي لا مفر منه، وما يقوله بعض أعضاء «الحزب الوطني» عن الخشية من سيطرة الأحزاب الإسلامية، هي كلمة حق ولا أعلم هل أرادوا بها باطل، ولكن الأكيد أنه إذا ما حدثت انتخابات برلمانية حرة ونزيهة فإن الجماعات الإسلامية سوف تكتسح الأحزاب الأخرى بالراحة لأسباب كثيرة أبسطها أن لدى المصريين عطش إسلامي قديم، وهنا ستبدأ معركة جديدة بين الديموقراطية العلمانية والفقه الإسلامي، تماماً كما يحدث اليوم في جهورية إيران الإسلامية، فهل أنتم مستعدون؟


فهيد البصيري

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك