فيصل الزامل يكتب عن الفرق بين من يزرع الكراهية ومن يزرع المحبة، وإهتمام الدولة المتقدمة ؟!

زاوية الكتاب

كتب 1859 مشاهدات 0


الفرق كبير بين من يزرع الكراهية ومن يزرع المحبة 
 
الاثنين 28 فبراير 2011 - الأنباء
 
فيصل الزامل

مكافحة الكراهية موضوع تهتم به الدول المتقدمة وتبذل فيه جهودا كبيرة، حتى ذابت ـ في الولايات المتحدة ـ أجيال جاءت من جميع أنحاء الأرض في هوية وطنية متجانسة في الطموحات والأولويات، ونحن في منطقتنا أكثر تقاربا مما عليه الحال في أميركا أو أوروبا، ما يتطلب حركة نشطة للتعامل مع هذا الموضوع بجدية كاملة.

على سبيل المثال، قد يكون معك زميل في العمل تعجبك أخلاقه وهو أيضا معجب بطباعك، بينكما احترام متبادل، ثم يجيئك من يقول لك «انتبه.. هذا جعفري» ويتفنن في تنفيرك منه، ثم يتابع ويهمس وهو مائل نحوك «يعني رافضي»، بالمثل قد يأتي إلى زميلك ذلك الشاب الطيب والحبوب من يقول له عنك «انتبه.. هذا سني»، وأيضا يتفنن في التنفير، فيتابع قائلا «يعني أموي» نسبة للأمويين ـ تخيل! ـ بالنسبة للكثيرين من الشباب هذه الألقاب مبهمة إلا أن مستعملها يطلقها بطريقة بوهيمية غريبة، على أنها الحقيقة الكبرى والخافية على الناس، وأنك أنت مؤتمن عليها!

وهكذا توغر صدور كانت متآلفة ويحل الشك والحذر في صدور كانت هادئة، وتسودها ثقة متبادلة، هل هذا الحال مقبول؟

إنك، لو تفحصت الجمهور العربي العريض الذي يتحدث عن أسماء وصفات الطوائف، لوجدت معظمه لا يكون معنيا بالتوصيف المذهبي لذاته بقدر اهتمامه بالتصنيف «الاجتماعي» الذي يترتب على ذلك التوصيف، ولولا تلك النمطية والتكرار في التوصيف التي يسمعها منذ الطفولة لما اكترث به، وللمزيد من التوضيح حاول أن تتصور أن ابن النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي توفي وهو طفل «إبراهيم» عاش وقدر له ان يعمر سنين يعرف خلالها بعلم كريم وسيرة عطرة كما حدث مع الجيل الذي خلف عهد النبوة، هل كنا سنجد فئة اليوم تسمى «الإبراهيميين» على وزن «العلويين»؟ الجواب قد يكون «نعم»، كوننا اليوم نعرف أن العلويين والجعفريين من الناحية الدينية والتاريخية يخرجان من بيت واحد، إلا أن الواقع المتعدد الذي يحركه دفع اجتماعي ثم سياسي يقول شيئا آخر، بالنظر إلى البيئة التي ترعرع فيها أتباع هذا وذاك.

صحيح أن العلمانية التي تدعو بالمطلق الى تجميد الفكر الديني مرفوضة، ولكن في ظني هناك محرك آخر لبعض من يتكلم عن العلمانية وفي اعتقاده أن من يبث الحزازات باستخدام الدين هو السبب في دفع «بعض» من ينادي بالعلمانية ويوجهها نحو معاداة الدين نفسه، بدلا من التعمق في الأمر وكشف تلك الغلالة التي يختبئ وراءها من تحركه نوازع أخرى، فيبث الكراهية لأجل تلك النوازع، اكشفوا تلك الغلالة، عالجوا جوهر الموضوع، اتركوا الخلط بين الدين الحنيف وتلك التوظيفات الخاطئة التي تكرس الكراهية بشكل يتصادم مع جوهر الدين وكافة نصوصه.

كلمة أخيرة: دخل تاجر إلى مدينة دمشق زمن الدولة الأموية، فسمع من يناديه من غرفة في أعلى الدير (الكنيسة)، كان الشاعر الأخطل يناشده أن يطلق سراحه فقد حبسه الراهب لقوله شعر الغزل في النساء، دخل التاجر إلى الدير فرحب به الراهب لمكانته في المدينة، ولكن عندما علم بطلبه ثار قائلا «أعيذك بالله من أن تسعى في هذا الفاسق».

قال التاجر «هو طلبتي اليك، فلا تردني خائبا».

استدعى الراهب الشاعر الأخطل، وعنفه طويلا أمام التاجر، والأخطل لا يزيد على القول «حاضر، نعم، حاضر، نعم».

عندما خرجا من الدير قال له التاجر: «ما هذا يا أخطل؟ الكبراء والأمراء يهابونك، ويطلبون رضاك، الخليفة يقربك، وأنت تتوسل وتتذلل للراهب هكذا؟!».

فأشار اليه الأخطل أن اسكت: «انه الدين.. انه الدين».

 

 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك