وليد الطبطبائي يُحذر من تكرار حادثة مأساة مجزرة حماة مع 'درعا' السورية ؟!

زاوية الكتاب

كتب 2234 مشاهدات 0


ديوان العرب
 

درعا على طريق حماة؟!

 
د.وليد الطبطبائى 

 
قبل نحو اسبوعين وفي مدرسة اطفال بمدينة درعا السورية كان التلاميذ يلعبون خلال فترة الاستراحة، وقامت مجموعة منهم – وبكل براءة – تردد (الشعب يريد اسقاط النظام) تقليداً لما يرون ويسمعون في الفضائيات من أحداث في دول أخرى، فقام المدرسون بتوبيخهم واسكاتهم.
ولكن بعد مرور اقل من ساعة وصلت الى المدرسة واحاطت بها دوريات الأمن السياسي، وتم احتجاز مدير المدرسة والمدرسين ومساءلتهم عن تقرير بلغهم بوقوع اعمال معادية للدولة في المدرسة، وحاول المدير والمدرسون افهام ضباط الأمن بأن الأمر لا يعدو عن كونه عبث صبيان، لكنهم لم يقتنعوا، وبعد التحقيق تقرر اعتقال 15 تلميذاً «تورطوا» في جريمة الدعوة لاسقاط النظام.
وعبثاً حاولت اسر هؤلاء التلاميذ الذين لا تتجاوز اعمارهم 12 سنة اقناع السلطات بالافراج عن اولادهم كونهم قصر وان لا جريمة في الموضوع، ثم توجهوا الى محافظ درعا للشكوى ولكنه نهرهم وطردهم، وامام استمرار احتجاز الاطفال لايام وبسب بالاوضاع العامة السيئة سياسياً ومعيشياً قام نحو 100 من شباب درعا بالتظاهر مطالبين باطلاق الاطفال وانهاء هذه التجاوزات فاشتبكت معهم قوى الامن وقتلت 4 منهم، فلما خرجت المدينة في اليوم التالي لتشييع جنائز الاربعة اشتبك معهم الامن السياسي وقتل آخرين.
وسعت السلطات في دمشق بعد ان تبين لها حماقة تصرف الامن في درعا ان تحل الامر باطلاق الاطفال والدعوة الى مصالحة وحاولت ان تلبس الجريمة لمحافظ درعا الذي تمت اقالته، غير ان الدماء كانت قد سالت والمدينة كلها ثائرة على قوى الامن وعلى النظام، وتوسعت دائرة الغضب لتشمل قرى اخرى في محافظة درعا، فعاد النظام الى اسلوب القمع وارسل قوات وتعزيزات واسلحة ثقيلة لقمع المظاهرات.
وخلال الانتفاضة والمواجهات لجأت مجموعة من المتظاهرين الى الاحتماء بالمسجد العمري وهو من اقدم المساجد في بلاد الشام، لكن هذا لم يمنع قوى امن النظام فجر الاربعاء من اقتحام المسجد بقوة النيران فسقط نحو 21 قتيلاً سوى الجرحى والمعتقلين وهم بالمئات، واغلقت المدينة وقطعت عنها الاتصالات والكهرباء.
هذه هي تفاصيل احداث درعا كما بلغتني من بعض ابنائها، ولا اعرف مدى دقة هذه الرواية الا ان تقارير كثيرة في وسائل الاعلام وفي الانترنت تؤكد صحتها، لقد تسبب النظام البعثي القلق والمتحفز من احداث ليبيا ومصر في تحويل مسألة تافهة الى مواجهة كبيرة سالت فيها دماء بريئة من شعب اعزل من السلاح، واعزل من الحقوق واعزل من اي امل بتحسين اوضاعه المعنوية والمادية منذ 40 عاماً.
لا اعلم الى اين ستتجه هذه الاحداث في سورية، لكن تجارب سابقة للنظام واهمها مأساة مدينة حماة الجريحة عام 1982 تنذر السوريين والعرب جميعاً انه لو ترك للقبضة الامنية للنظام الانفراد بمدينة درعا الباسلة فقد تتكرر مأساة حماة من جديد، وهذا لا يمكن قبوله في عصر جديد هبت علينا رياحه وصارت الديكتاتوريات فيه تتهاوى تحت ارادة الشعوب، فهل يعي اصحاب القرار في سورية هذا ام انهم لا يزالون يعيشون في الماضي؟. 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك