الشيعة برأى خليل علي حيدر في ورطة سياسية، بعد إرغامهم مذهبياً على الدفاع عن أنظمة قمعية

زاوية الكتاب

كتب 5379 مشاهدات 0



الوطن
أمام الورطة السياسية

خليل علي حيدر




الجماعات والنشطاء الشيعة امام اختبار قاس اليوم مع هذه الثورة الشعبية الكبرى في بلاد الشام، هل يكونون مع ضمائرهم أم مع بعض مراجعهم؟ هل يكونون مع الشعب السوري وارادته في الحرية والديموقراطية والانتهاء من حكم الحزب الواحد، ام يكونون مع نظام صديق لإيران وللتشيع؟ لماذا وقف الشيعة الكويتيون والخليجيون وغيرهم بقوة وصلابة ضد دكتاتورية صدام حسين وجرائمه، ولايتخذون الموقف نفسه ضد جرائم كل هذه الاجهزة القمعية في سورية؟.
لماذا أوقعت هذه الجماعات نفسها والطوائف الشيعية في احراج كهذا، يصعب فهمه او اقناع الآخرين به؟! وهل الأولوية هنا لحقوق الانسان وحرياته أم للمصالح المذهبية.. مهما كانت؟ وماذا لو كان دكتاتور اخر كالقذافي متعاطفاً مع الثورة الاسلامية في ايران، او ممن يفسحون المجال لنشر المذهب هناك او كانت قبيلته الليبية علوية او قرشية او زيدية او غير ذلك، افكان موقف الشيعة من جرائم القتل والاغتصاب هناك هو السكوت او التقبل؟.
وماذا لو اضطرت ايران نفسها الى قمع ثورة داخلية بين المعارضين الشيعة، او البلوش او الاكراد او العرب أو غيرهم، ولجأت الى وسائل قمع وحشية وقصف للمدن والقرى بالقنابل والصواريخ والدبابات، فهل ينبغي لكل النشطاء السياسيين الشيعة وجماعات التشيع السياسي ان يستمرا في السكوت وربما التأييد؟.
السبب الرئيس في هذه الورطة الأليمة المحرجة هو سيطرة الأفكار غير الديموقراطية وغير العصرية على مبادئ الثورة الايرانية وحزب الدعوة وحزب الله وغيرهما من الاحزاب، وعلى الافكار التي تؤثر اليوم في الموقف الشيعي وشارعه السياسي في أماكن كثيرة، منها بالطبع الكويت والبحرين والاحساء واليمن.. ولبنان! هذه الافكار التي قد تبرر لأي سياسة وموقف.. مهما كان معارضاًَ للعقل والمنطق والمصلحة البعيدة والضمير! على شيعة الكويت والخليج والعالم العربي ان يسألوا انفسهم بكل صراحة، هل من يحدد فكرهم المذهبي اليوم، ويرسم خطواتهم المستقبلية، كتبهم المذهبية ودستور بلادهم ومستقبل اولادهم ومصالحهم السياسية، ام هؤلاء المغامرون والعسكريون والقمعيون، الذين ادخلوا الشيعة والتشيع في متاهات سياسية ومبدئية واخلاقية لا مخرج منها؟ كيف يمكن لمذهب اساسه الاعتراض على الاستبداد، ومحاربة الظلم وطلب العدالة والدفاع عن الحق، كما يؤكد كل مراجع الشيعة، ان يدافع عن نظام لا يعرف الانتخابات الحرة ولا المحاكم العلنية العادلة، ولا حرية الرأي، ولا يتردد عن قتل العشرات والمئات.. والآلاف؟ وما مصلحة الشيعة في ارغامهم مذهبياً على الدفاع عن انظمة قمعية، واحزاب مذهبية مغلقة سرية، ومصالح سياسية غير خاضعة لأي قاعدة ديموقراطية او اخلاقية مبدئية؟.
لايران بالطبع ان ترسم لنفسها ما تشاء من سياسات ولها ان تدافع كما تشاء عن سورية وحزب الله واي جماعات اخرى فمن يحاسب ايران هو شعبها وقواها السياسية.
ولها ان تعادي الولايات المتحدة والدول الغربية، وان توجه خطابها الاعلامي والديني في اي اتجاه، فنحن لا سلطان لنا على هذا كله.
ولكن لماذا يتحمس الكثيرون من شيعة العالم العربي لمثل هذه السياسات؟ لماذا يتبنى بعض الشباب في الكويت نفس الرؤى والسياسات والاجتهادات؟ هل مصالح امن واستقرار الكويت تتطابق حقاً مع مصالح وامن دولة مثل ايران، يهيمن على خطابها السياسي للأسف ومنذ فترة ليست بالقصيرة، التهديد بالغواصات والصواريخ والنار والدمار وحرق آبار البترول وتدمير المصافي وسد مضيق هرمز؟.
ان الجمهورية الاسلامية تقول انها ستدمر اسرائيل، وبأن لديها القوة للوقوف أمام كل جيوش أمريكا واوروبا واسرائيل، وبأنها ستدافع عن كل الانظمة والاحزاب التي «تقاوم» النفوذ الأمريكي والغربي، وقد تصرح بكل هذا من باب الدعاية او الجد، من باب التخويف او الرغبة في الانتحار، او لأي هدف وحافز آخر!.
وتقول ان لا مانع لديها من صرف نصف دخل النفط على السلاح والنصف الآخر على جبهات المقاومة والممانعة.. من سورية الى فنزويلا! ولكن الا ينبغي لشيعة الكويت والخليج والعالم العربي، ان يكون لهم رأي في مثل هذه السياسات؟ ألن تؤدي مثلاً الى تعريض مصالح الشعب الايراني للمخاطر والفقر والخسائر؟ واذا كانت هذه سياسات لا علاقة لها بمصالحنا فلماذا يدافع البعض عنها من انصار حزب الله، وكأن لا مخرج لايران ولا دور لها في المنطقة والعالم سوى العنف والقتال والثورة!.
لقد وقف شيعة العالم العربي يؤيدون «حزب الله» عندما حرر جنوب لبنان وهذا دور وطني لا جدال فيه ولكن الا تستحق بقية سياسات الحزب داخل لبنان اي نقاش صريح؟ هل هناك من يؤيد مثلاً تأسيس حزب مسلح من اهل السنة في الجمهورية الاسلامية الايرانية؟ هل سورية توافق على حزب مسلح، من اي دين ومذهب، داخل الدولة السورية؟ لماذا لا نعتبر ونستفيد من دروس 1980 وما بعدها في الكويت وغيرها؟ لماذا يريد البعض للشيعة ان يدسوا ايديهم في نفس الجحر؟

خليل علي حيدر

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك