د. سليمان الخضاري يؤكد أهمية الاحتفاظ برمزية دواوين الإثنين وعدم استدعائها في المعركة الحالية

زاوية الكتاب

كتب 1674 مشاهدات 0

السعدون والخطيب فى دواوين الإثنين

 

الراى

 

 

 فكر وسياسة / دواوين الاثنين... حتى لا نكرر الخطأ نفسه!

 

 

مازالت دواوين الاثنين تعبر عن محطة مهمة من مراحل الحراك السياسي في الكويت، ورغم تعدد الروايات حولها وحول تفاصيلها، إلا أنها اكتسبت بالفعل مكانة رمزية في وجدان معظم المواطنين كونها أتت في لحظة تاريخية مهمة مكرسة ما عرف عن الكويتيين من رغبة عميقة في المشاركة في صنع حاضرهم ومستقبلهم، وكتعبير عن تمرد ساكني هذه البقعة الصغيرة من أرض الجزيرة عن أعراف وتقاليد حكمت مجتمعات المنطقة المفعمة بالتقاليد العشائرية والأشكال النمطية لعلاقة الحاكم والمحكوم.

لكن هذه الدواوين وذكراها التي تثير مشاعر أقرب للرومانسية في نفوسنا، يبدو أن قدرها أن ينالها ما نال معظم مناحي الحياة السياسية في الكويت من تشوش واضطراب، إذ يبدو أن رواد المعارضة الجديدة هذه الأيام قد استنفدوا الكثير من رصيدهم في معارك تستهدف ازاحة رئيس الوزراء عن موقعه، ولم يتبق لهم إلا استدعاء الرمزية التي أشرنا لها والتي تتمتع بها ذكرى دواوين الاثنين في موقعتهم الجديدة مع الشيخ ناصر المحمد، اذ ألمح بعضهم إلى إمكانية إقامة تجمعات «إثنينية» جديدة تستهدف تصعيد الأجواء السياسية في محاولة لخلق حالة من الزخم تدفع في اتجاه الضغط عليه إما بالعزل أو التنحي.

ونحن وإن كنا نقر بأننا نحتاج دواوين بعدد وأسماء أيام الأسبوع لتناول واقع تهلهل الدولة وترهل أجهزتها على جميع الأصعدة، إلا أننا نرى أن هنالك أزمة نعاني منها في اللحظة الراهنة في الكويت تجعل من المشكل موضوعيا استدعاء الارث المعنوي لدواوين الاثنين للتعامل مع واقعنا الحالي، هذه الأزمة تتعلق بأن مشكلتنا في الكويت الآن متعددة الأطراف ولا نستطيع اختزالها في تسلط السلطة وانفرادها بالقرار كما كان الحال إبان انعقاد دواوين الأثنين، بل لعل الكثيرين يتفقون معي في أن الطرف المقابل للسلطة هذه الأيام لا يقل سوءا عنها، إن لم يكن بالفعل أسوأ، ولا نستثني من هذه الانطباع السلبي أيا من الحركات السياسية أو من يعاضدهم من أقطاب برلمانية مستقلة، والذين لا نخالهم يملكون مشروعاً متكاملاً للانقاذ الوطني، بل إن بعضهم غارق حتى أذنيه في لعبة التوازنات القبلية أو الطائفية، والبعض الآخر يعتاش على ارتباطه ودعمه المتبادل لبعض القيادات الوسطى في أجهزة الدولة ممن يعزى لهم الفضل في الكثير من الانحدار المزري الذي تعانيه مؤسساتهم وأجهزتهم الوظيفية، ناهيك عن المسكوت عنه من تحالفات عقدها ويعقدها سياسيونا مع هذا القطب في الأسرة الحاكمة أو ذاك في تلاعب خطر على أوتار طموحات متعلقة بتراتبية الحكم والسلطة.

النقطة الأهم في خضم كل هذه الضوضاء، هي ما أشرنا إليه آنفاً وهي تلك المتعلقة بغياب أي مشروع متكامل للانقاذ الوطني لمعارضة اليوم، ولا أخالني مبالغا إن قلت ان المعارضة هذه تتعمد عدم الاجابة عن هذه النقطة الملحة، فالتباين حول الوجهة التي يجب أن تتحرك نحوها الدولة يصل حد التناقض بين أطياف هذه المعارضة، فلا إجابات تتوافر بشأن دولة القانون ومدى مدنيتها، وما حجم تدخل الدين في السياسة في كويت المستقبل، وهل سيتم فك الترابط بين الإطارين السياسي والاجتماعي لتشكيلاتنا المذهبية والأسرية والقبلية وكيف سيتم ذلك؟ كل هذا مجرد غيض من فيض، مع ملاحظة عدم تعرضنا لأسئلة أخرى تتعلق بالأسرة الحاكمة ودورها المستقبلي في ظل مطالبة البعض بإمارة دستورية كاملة.

لقد آن الأوان لمثقفينا وللناشطين من أبناء هذا الشعب لوقف عجلة التدهور والتدحرج السياسي المنحدر لما لا نهاية، فإن كانت دواوين الأثنين استجابة صحيحة ومنطقية لظرف تاريخي معين، فإن المشكلة لربما كانت في ضرورة التحالف مع الجميع من أجل الحفاظ على الشكل المتقدم للممارسة السياسية التي تتمثل في الدستور والبرلمان، لكن الثمن الذي دفعناه مرغمين سابقا ويحاول إرغامنا على دفعه مرة ثانية بعض السياسيين الذين ابتلينا بهم هذه الأيام هو في تجاهل التوافق على عقد اجتماعي وسياسي يحدد ما يجب أن تكون عليه كويت المستقبل، وفي غياب أمر كهذا، ماذا يتبقى لمجلس أو دستور لا يساعدنا إلا على اجترار واقعنا التعيس بكل آلامه ومراراته!

 

 

د.سليمان إبراهيم الخضاري

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك