التقارب الإيراني الأمريكي..

عربي و دولي

محفزات التقارب،التبعات على أمن الخليج ،و الاجراءات الخليجية الممكنة

5111 مشاهدات 0

التقارب الإيراني - الأمريكي وأمن الخليج


-محفزات التقارب،التبعات على أمن الخليج ،و الاجراءات الخليجية الممكنة

1- المحفزات

زعزع التقارب الامريكي الإيراني ثم الاتفاقات النووية البنى المعرفية لصانع القرار الخليجي فانفجر مخزون الانفعالات الخليجية في الدول الست وان كان بدرجات متفاوتة بل ومتناقضة، إلا انها تتفق على النقاط المرجعية التالية :

- التهديد الإيراني جزء من صراع حضاري كتب القسم الاول منه رعاة الإبل الحفاة من العرب،ثم تحول لهجوم إيراني معاكس منذ مطلع القرن الماضي مشكلا كابوس رعب حقيقي لدول الخليج .

- تمحيص البديهيات يظهر ان طهران ستزيد من تهديدات مجربة بين الالتهام والتجسس والتدخل والتحريض مع أو بدون الاتفاقات النووية الاخيرة.

- من فرط ما هو حاضر فينا عدم اليقين او الاقتناع بموقف واشنطن والغرب - لسرية المحادثات-أصبح هناك شعور بأن الغرب سيبرم اتفاقا سيئا على كل حال.فواشنطن تنظر لتقربها من طهران على انه إتفاق ثنائي، مع تجاهل حقيقة انه شأن إقليمي بنتائج إقليمية .

أ-المحفزات الاميركية
سعت واشنطن لمثل هذا التقارب منذ زمن لأسباب عدة منها :

-تقليل الكلفة الاقليمية وتخفيض قواتها بعد تحرك مركز الثقل الى منطقة المحيط الهادي الاسيوية فخطر حاملة الطائرات الصينية ' لياونينغ' أشد من خطر صواريخ زلزال وقادر الايرانية.

- الوقت مناسب للحلول الدبلوماسية الاقل كلفة من غيرها على دافع الضرائب الاميركي .

- أعطت الديمقراطية التي حملت روحاني للسلطة أوباما وكيري حيزا للمناورة في الشارع الاميركي حيث يطمح أوباما في حصد ما قام به غيره من رؤساء أمريكا السابقين، ويريد وزير الخارجية جون كيري ان يعيد العلاقات مع ايران كما فعل كيسنجر مع الصين 1972م فابواب التاريخ مشرعة للاثنين عبر طريق طهران .


ب-المحفزات الايرانية

تلك كانت هي المؤشرات الاميركية التي فشل الخليجيون في قراءتها رغم انها كانت بحجم بعير اما المحفزات الايرانية فأهمها مايلي :

-لقد كانت العقوبات الاقتصادية وازدياد الاستياء الشعبى تدفع بنظام الملالي لمثل هذا التقارب .

-رغم ان مناكفة الشيطان الاكبر هي القراءات التي شكلت المعجم السياسيى للمرشد الاعلى إلا انه وصل لقناعة ان أفضل السبل لحماية النظام وضمان استمراره هو إنهاء المواجهة مع الغرب

- ان إنهاء المواجهة ان لم يكن هدف لذاته فهو جسر لشراء مزيدٍ من الوقت لتحقيق النوايا النووية.

ج-المحفزات الخليجية

لقد شرع مستشارو صناع القرار بالخليج-وأغلبهم غير خليجي من بقايا البعثيين والفلول ومتعاقدي بلاكووتر- في تسويق أدوية اذابة الانتقادات بعد صدمة إعلان التقارب ثم الاتفاق النووي ،وفي تبسيطية فضة قالوا إن واشنطن قررت ان تكون محايدة بين ضفتي الخليج بدل الانحياز للخليجيين. لكن الحقيقة تقول انهم لم يتمتعوا بادراك جاد لمحيطهم مع قصور في فهم البيئة الامنية الخليجية فغاب عنهم ان تحرك واشنطن سرعت به أسباب خليجية أيضا ومنها :

- كانت الاجواء ملبدة بخلافات خليجية أميركية تبدأ بمستقبل النفط الصخري مرورا بالإرهاب والعراق وتنتهي في سوريا.

-لقد قال الاستراتيجي الاول 'صن زو' في القرن6 ق.م إن صانع القرار السياسي يحتاج الى 'المعرفة المسبقة'. وفي تقديرنا ان الاستخبارات الخليجية فشلت في مهمتها الرئيسية وهي تكوين تلك 'المعرفة' بصورة شاملة للمحيط الاقليمي، عبر جمع المعلومات والتحليل باستخدام أدوات العلاقات الدولية المعاصرة ومن منظور استراتيجي لتخدم بشكل افضل احتياجات قادة البلاد .

-كما كشف فشل الخليجيون في استشراف ملامح التودد الامريكي الإيراني مبكرا عمق المسافة بين صانع القرار الخليجي و مراكز الابحاث الاستراتيجية الخليجية أو حتى الإقليمية التي تملك القدرة على قراءة تسجيلية دقيقة لما هو قائم ،وأظهر ذلك قصورا في الماما المحيطين به في مجال الدراسات الاستشرافية .

2-تبعات التقارب الإيراني – الأمريكي

- إعادة التقييم الواسعة للسياسة الخارجية الأميركية والغربية بشكل عام في المنطقة بأسلوب سريع و غامض هو اندفاع يذكرنا بالدبلوماسية القذافية. وهو تغير أسرع من ان تجاريه دول الاعتدال الخليجية المحافظة .مما يجبرها على انتهاج 'دبلوماسية كيدية' لافشال هذه التغيرات. فالهجوم على مركز 'الأوجاع' الحدودي بين السعودية والكويت من قبل جيش المختار كان اتهام صريح بمسئولية هذه الدول عن تفجيرات لإفشال جنيف السوري وجنيف النووي.وقد تتقدم هذه التفجيرات خطوات عن الحدود البعيدة لتصل الى قلب الرياض والكويت والدوحة وغيرها من دول الخليج كما قال بذلك واثق البطاط زعيم هذه الميلشيات.

-سيشمل التقارب الإيراني الأمريكي درجة ما من المصالحة بين ايران وإسرائيل.فتصبح المقاومة عند حزب الله غير مبررة على الجبهة الصهيونية، وستتركز على الجبهة السورية فتصبح القوى الخليجية المشاركة في الازمة السورية العدو المفترض لحزب الله الذي لن يتوان عن نقل معركته لميدان اقل شراسة وأكثر مردودا استراتيجي وذلك هو الشارع الخليجي .

-لن يكون التقارب الاميركي الايراني الكسب الوحيد لطهران والخسارة الوحيدة للخليجيين فمن تداعيات التقارب ولدت الخسارة الخليجية في جنيف النووي وستتبعها خسارة خليجية آخر في جنيف السوري .

- لقد شرعنت طهران أسلوب استخدام الطموح النووي العسكري لأخذ العالم رهينة وابتزاز الدول الكبرى فما الذي يمنع الرياض وانقره والقاهرة من الوقوف في ذلك الطابور وانتشار الاشعاع النووي في المنطقة كلها !

-لقد أنهت الاتفاقات الاميركية والنووية العقوبات الاقتصادية التي استغرق بناؤها سنوات عدة ,ويعني ذلك عسكريا نهاية قوة الواجب البحري CTF المكلفة بتنفيذ الحصار وكانت القوات البحرية الخليجية جزء من هذا التحالف. وكانت تلك الارمادا رافدا للخبرة والدعم اللوجستي والعملياتي لبحرياتنا وهيكل من هياكل أمن الخليج .

3-الاجراءات الخليجية الممكنة تجاه التقارب الإيراني – الأمريكي

-الحديث عن مد اليد للتعاون مع الصهاينة هو تبني خيارات سطحية وجزئية في معالجة قضايا بنيوية،فقد كان من النتائج الفورية للاتفاق مع طهران إعطاء ضوء أخضر لبناء829 وحدة سكنية استيطانية اسرائيلية في الضفة الغربية. وعليه تصبح إقامة شراكات مع قوى دولية كبرى كروسيا والصين والهند على الصعيدين الأمني والعسكري هو الاكثر اتزانا بدل انتهاج سياسة ردة الفعل .

- تتبنى دول الخليج نظام الدوائر الامنية فتبدأ بدائرة الدفاع الذاتي لكل دولة ثم دائرة الامن الجماعي مع دول الخليج ، ثم الدائرة العربية،تليها دائرة الحلفاء وأخيرا دائرة الاصدقاء . والتقارب الإيراني/الأمريكي يفرض على الخليجيين إعادة انتاج مشروعها الامني بالكامل من خلال التقليل من الاعتماد على دائرة الحلفاء وتجديد شروط علاقات التحالف القائمة حاليًا مع واشنطن وتقوية بقية الدوائر خصوصا دائرة الامن الجماعي الخليجي حيث ان من المناسب اعادة طرح مشروع الوحدة الخليجية في ابواب السياسة والاقتصاد والدفاع .

- تحويل التقارب والاتفاقات النووية الى'تفاهمات موقتة' عبر فرض دول الخليج لنفسها بربط الملفات المطروحة بملفات تعتبرها طهران خطوط حمراء كملف الجزر الاماراتية وقضايا التجسس ودعم التمرد في دول الخليج وسيكون الاقتصاد والاستثمار بين طهران ودول الخليج اداة الضغط التي يكمن فيها علاج مشكلات الاقتصاد الايراني. كما ان الوقت -في تقديرنا- لازال سانحا للحصول على ضمانات كالتي حصل عليها الكيان الصهيوني ولنطالب بتفكيك مفاعل بوشهر لفقدانه للكفاءة التكنولوجية والتشغيلية .

- بسبب الانقلاب الذي سيحدثه التقارب في المشهد ألاستراتيجي نرى ان مجتمع الاستخبارات الخليجي بحاجة الى الاصلاح التنظيمي الجذري فورا. فالاتفاقات الايرانية مع الغرب كان بالإمكان التدخل والتعامل معها. ويشمل الاصلاح خط سير المعلومة ومنع وصولها لمسئولين قد يجعلون التحليل ألاستخباري مقيدا بخياراتهم و ما يستهويهم بدل الاخذ بالإنذار بادراك غريزي.

أخيرا

لقد مارست بعض دول الخليج الاستجابة المرنة مع التغيرات الاخيرة فرحبت وامتدحت زوال شبح الحرب رغم مرارة الاستدارات الاستراتيجية لواشنطن. ولم يكن بالإمكان غير ذلك فقد كانوا كالعادة مرتبكين استراتيجيا و عاجزين عملياتيا. في وقت كان المفترض فيه ان نكون في مزاج اقل تسامحا مع من اطلق العنان للهيمنة الايرانية في الخليج. وما ذلك إلا مؤشر على عزلة صانع القرار الخليجي عن مراكز الابحاث الخليجية كما ظهر قصور المحيطين بصانع القرار الخليجي في مجال الدراسات الاستشرافية.

الآن - د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك