قمة مجلس التعاون(34).. إختلافات داخلية تحركها تحديات خارجية‎

عربي و دولي

1324 مشاهدات 0

قمة مجلس التعاون 34

رغم تبوأها صدارة قائمة المسكوت عنه إلا ان الخلافات الخليجية الداخلية تظهر في أروقة اجتماعات القمم الخليجية كأكثر الهمسات ترديدا وبقوة تفوق عبق بخور تلك الاروقة .وهناك من يقول إن قراءة الخلافات في وجوه قادتنا حفظهم الله بعد خروجهم من الجلسات المغلقة دون التطرق اليها أمر لايسر، فالمواطن وصانع القرار السياسي يشربون من بئر واحده ومايعكر صفو العلاقات يمس الجميع .لكن هناك من يقول إن دبلوماسية الحكمة وعدم التسرع أسلوب حميد أثبت نجاحه خلال مسيرة مجلس التعاون التي تجاوزت الثلاثين عاما.ومن ايجابياتها عدم تحميل المواطن ضغينة خلافات فنية وإشكاليات اقتصادية أو سياسية أو حتى حدودية لا تحتاج إلا للوقت لتجاوزها، ولنا فيما يرافق كأس الخليج من مشاحنات مايكفي.

ستعقد القمة الخليجية 34 في الكويت في 10 و11 ديسمبر الجاري وفي اجواءها خلافات خليجية داخلية مسكوت عنها في الصحف الرسمية،رغم تردد الهمس حولها عبر الخليج بقوة في'تويتر'و'واتسب' وتعود في محركاتها الى تحديات خارجية، على رأسها التقارب الغربي الايراني والانقلاب الذي سيحدثه في المشهد ألاستراتيجي الاقليمي . فهناك من يرى ان من المفترض ان تكون العواصم الخليجية في مزاج أقل تسامحا مع انطلاق الهيمنة الايرانية في الخليج دون الحصول على ضمانات كالتي حصل عليها الكيان الصهيوني وأبسطها تفكيك مفاعل بوشهر الذي يهددنا بالخطر لقلة الكفاءة التكنولوجية والتشغيلية فيه. ثم خطر المفاعل الجديد الذي أعلنت طهران قبل ثلاثة أيام عن نيتها إقامته في نفس المنطقة وعلى دول مجلس التعاون الاعتراض على ذلك والضغط لوقف البناء.فلماذا يتدافع الخليجيون بالمناكب والأكتاف لشراء تذكرة سفرعلى سفينة تايتانيك !من جانب آخر يرى فريق متفائل انه قد حان الوقت لإدخال ايران في ترتيبات الخليج الامنية والاقتصادية والسياسية بعد جنوحها للعقلانية ثم تكبيلها بالمواثيق الدولية .

كما ان من الملفات الخلافية الموقف الخليجي المتعارض في سوريا. فهناك اجماع على ان الخصم هو الاسد وزبانيته إلا ان هناك عدم اتفاق على من يستحق الدعم الخليجي من الثوار، وهو أمر مرتبط بجريان دم الاخوان المسلمين في شريان مقاتلي هذا الفصيل أو ذاك. وهذا الخلاف في غير محلة بدون شك،فالأجدى هو الارتفاع عن المستوى العملياتي للازمة والعمل على دعمها في المستوى الاستراتيجي. وأول الخطوات هي الضغط على السيد بان كي مون للتنسيق مع الدول الخمس دائمة العضوية لتوجيه الدعوات للخليجيين لحضور جنيف 2 ليكونوا من صانعي القرار، وليست هذه بسابقة في غير محلها فقد كانت الكويت مشاركة في مؤتمر جنيف 1.

ومما لاشك فيه ان الشراكة الاستراتيجية مع الاردن والمغرب والتي ستناقش في القمة القادمة هي إحدى وسائل الخروج من الدوران في فلك واشنطن و تحت رحمة جاذبيتها التي قد تتخلى عنا في اية لحظة فننطلق خارج مدارها الى الفراغ السحيق . كما ان من وسائل الخروج من ضغط الخلافات الداخلية -التي ستقود إن استمرت لتجوف هيكل مجلس التعاون من الداخل بشكل لابراء منه-العودة لفتح ملف الوحدة الخليجية الكونفدرالية ففيها دواء لعلاج الخلافات وجعلها اختلافات سياسية تقومها وتضبط ايقاعها شروط الوحدة نفسها.

لقد لاحظ توماس فريدمان في مقاله الربيع العربي الاخر ' The Other Arab Spring' في نيويورك تايمز 30 نوفمبر2013م 'ان هناك تطورات جذرية و تحول دقيق لكنه حقيقي في العلاقات بين القادة الخليجيين وشعوبهم،ويمكن اكتشافه. حيث يدعو المزيد من القادة شعوبهم ليحكموا عليهم من خلال أدائهم'. وفيما نبارك هذا النهج المنفتح محليا ،نؤكد ان قادة الخليج قد نجحوا فيما مضى في تبرير معوقات مسيرة التعاون عبر نظام متكامل لإدارة تقبل الشعوب الخليجية لتلك المعوقات،واعتمدوا أسلوب إدارة الازمة بالغموض.لكن الخلافات البينية الحالية التي قد تؤدي لانهيار هيكل التعاون تتجاوز قدرة الشعوب الخليجية على التسامح. فكيف عجزت التحديات الخارجية عن تفريقنا ونجحت حين أمتطت الخلافات الداخلية !

الآن -د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك