زايد الزيد يكشف عن تفاصيل جديدة تتعلق بصفقة ' الداو ' المقبورة ، وخاصة عن قصة اتصال الشيخ ناصر المحمد بجاسم السعدون بعد قيام قوى الفساد مؤخرا بنشر تقارير مضللة عن النجاحات التي تحققها ' الداو '!

زاوية الكتاب

كتب 3571 مشاهدات 0


الخلاصة

«الداو» مرة أخرى!

زايد الزيد 

    لاحظت في الفترة الآخيرة ومن المؤكد أن كثيرين لاحظوا معي أن قوى الفساد تقوم بين الحين والآخر، بنشر تقارير تتحدث عن النجاحات والأرباح التي تحققها شركة «داو كيميكالز»، وتربط قوى الفساد بين هذه النجاحات، وبين ضياع فرصتنا في الكويت في الاستثمار بصفقة الشراكة مع «داو» التي سميت بـ «كي داو»، و تراجعت عنها حكومتنا في نهاية العام 2008 !

وبداية يجب أن نوضح أنه لم يقل أحد من المعارضين لصفقة «كي داو» أن شركة «داو كيميكالز» هي شركة فاشلة، ارجعوا للمقالات العشرة التي كتبتها عن الصفقة، لن تجدوا فيها أي إشارة إلى فشل الشركة، وارجعوا إلى تصريحات النواب المعارضين بشدة للصفقة في مجلس 2008 أمثال نواب كتلة العمل الشعبي وفيصل المسلم وأحمد المليفي وصالح الملا ووليد الطبطبائي وعبدالله برغش، فلن تجدوا أيضا أن سبب معارضة الصفقة يعود لفشل شركة «داو»!

نقطتان ركز عليهما المعارضون للصفقة، الأولى هي القيمة المبالغ فيها لتقييم حجم صفقة الشراكة، حيث يتعين على الكويت أن تدفع 7،5 بلايين دولار، بينما تقدم «داو» في المقابل أصولا تدعي أنها تقدر بـ 7،5 بلايين دولار، حيث رأى المعارضون أن مبلغ 7،5 بلايين دولار هو مبلغ كبير جدا في ظل الأزمة المالية العالمية التي كانت تحيط بزمن الشروع في اتمام الصفقة!

أما النقطة الثانية في معارضة الصفقة فكانت تتمثل في عدم شفافية إجراءاتها، فوزير النفط أنذاك المهندس محمد العليم ومؤسسة البترول لم يفصحا للرأي العام الكويتي ولممثلي الأمة عن الأسباب التي جعلتهم يوافقون على أن تبلغ قيمة البند الجزائي في حال إلغاء الصفقة 2،5 بليون دولار، وهو الأمر الذي لا يوجد له شبيه في اتفاقيات العالم كله، كما لم يكشف الوزير ومؤسسة البترول عن الأسباب التي دعتهم للتستر على البند (2) من المادة (10) في العقد وعدم كشفه رغم الذي يتيح لنا التراجع من دون دفع أية تعويضات مالية أو غيرها إذا ماتم انسحابنا من الصفقة قبل يوم 2 يناير 2009! هاتان هما النقطتان اللتان ركز عليهما معارضو «كي داو»، إذ لم يقل أحد أن شركة «داو» شركة فاشلة، كان التركيز على فشل الصفقة وليس على فشل الشركة، ومن المؤكد أن الفرق كبير بين الاثنين !

وهناك قصة لايعرف عنها سوى القلة من المتابعين لصفقة «كي داو»، وسأرويها اليوم للتاريخ حتى نضع الأمور في نصابها الصحيح، وحتى لاتسير قوى الفساد الأحداث المحيطة بالصفقة وفق أهوائها المصلحية الفاسدة، القصة رواها لي الصديق الأستاذ جاسم السعدون الخبير المالي والاقتصادي المعروف، وبحضور جمع من الأصدقاء، قال السعدون ان سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد اتصل به أثناء العاصفة التي كانت تحيط بالصفقة من جانب فريقي المؤيدين لها والمعارضين، وطلب منه أن يقدم رأيه في الصفقة كاستشارة للحكومة من حيث جدواها الاقتصادية، فاعتذر السعدون من سمو الرئيس في عدم قبول المهمة، وحينما ألح سموه في طلبه، اقترح السعدون عليه ثلاثة أسماء لشخصيات كويتية متخصصة يمكن أن تقوم بالمهمة ذاتها وتقدم رأيا فنيا محكما في الصفقة، وهذه الشخصيات هي : نادر السلطان نائب الرئيس التنفيذي السابق في مؤسسة البترول الوطنية، ونبيل المناعي النائب السابق لمحافظ البنك المركزي، والدكتور عدنان شهاب الدين المدير العام الأسبق لمعهد الكويت للأبحاث العلمية، وفعلا أخذ سمو الرئيس بنصيحة جاسم السعدون وتم الاتصال بالثلاثة، فاعتذر واحد منهم عن المهمة لارتباطه بعلاقة استشارية مع شركة «داو كيميكالز»، فقام الآخران بدراسة الموضوع من حيث جدواه الاقتصادية، فخلصا برأي مفاده أن قيمة الحصة التي يتحتم على الكويت دفعها لاتمام الشراكة هي قيمة عالية جدا، ونصحا الحكومة بالتراجع عنها، وفعلا أخذت الحكومة بهذه الاستشارة، وأعلنت تراجعها عن الدخول في الصفقة بناء على هذا الرأي الفني عالي التخصص.

وأنا شخصيا أعتقد أن قوى الفساد تعرف هذه القصة بكامل تفاصيلها، لكنها كالعادة لا تفوت فرصة في تضليل الرأي العام، فهي شعرت بأنها هزمت في قضية «الداو» التي انتصر فيها الشعب الكويتي في الحفاظ على أمواله العامة، وهذا أمر لا يفرح بالطبع قوى الفساد، لأن همها الرئيسي ينصب على تنمية أموالها الخاصة، حيث ليس من اهتماماتها أبدا الحفاظ على المال العام أو تنميته!

وبقيت نقطة أخيرة في الموضوع يجب أن يعيها أبناء الشعب الكويتي جيدا، وهي أن قوى الفساد تملك الكثير من المعلومات عن استثمارات خارجية قامت بها الحكومة وكانت فاشلة بكل المقاييس، وقوى الفساد تطلع على ما تنشره الصحافة العالمية عن تلك الصفقات الفاشلة، ومع ذلك تتستر قوى الفساد عليها ولا تقتفي أثرها رغم خسارة المال العام الفادحة منها، ذلك أن قوى الفساد شريكة في تلك الصفقات الفاشلة بصورة أو بأخرى! وحينما تتحسر قوى الفساد هذه الأيام على صفقة «كي داو» فإنها تتحسر أصلا على ما ضاع منها من مكاسب كانت ستحققها على حساب أموالنا العامة لو تمت الصفقة، فقوى الفساد لا تعيش إلا في أجواء الفساد.

 ولكن عهدا لن ندعهم يهنأون بأموال الشعب الكويتي ما استطعنا إلى ذلك سبيلا..

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك