آخر فرص البحرين هي بالحوار

زاوية الكتاب

العبيدلي: مطلوب من كل المعارضة شجاعة نادرة لتفويت الفرص على أعداء البحرين

كتب 3662 مشاهدات 0


شجاعة الشجعان وآخر الفرص

لا أدري إن كان هذا المقال سيصل إلى القارئ بعد أن يسدل الستار على آخر فصل من فصول مسرحية «الدوار» الدرامية، أم أن الأمر سيتطلب بعض الوقت قبل بلوغ الخاتمة المأساوية التي لا يتمنى أحد أن تراها البحرين.

في كل الأحوال، وكما تشير كل الدلائل، يبدو أن الموافقة قد تمت، وعلى أعلى المستويات، للأخذ بالحل العسكري، وتأجيل الحديث عن الاتفاق السلمي، فالمشهد السياسي البحريني، كما يبدو اليوم، ينذر بخطر تصاعد الأزمة ووصولها إلى نهايتها المؤلمة، فالقوات الخليجية قد عبرت الجسر ودخلت البحرين، وما سينتج عن هذا التدخل قد يفتح البحرين على شيء مختلف تماماً، ولاسيما ان مساء أمس لم يكن طبيعياً وأجواء مختلفة خيمت علينا جميعاً.

لا أريد أن أبدو متشائماً، فيتحول ما أكتبه إلى عامل بث اليأس في النفوس، وإشاعة الإحباط في صفوف المعارضة البحرينية، لكن نداء المسئولية، ومنطق الضمير الحي، يرغمني على أن أدعو قادة المعارضة البحرينية، انطلاقا من ثقة المواطن فيهم، أن يعيدوا النظر، بكل ما يحملونه من شجاعة، لا تساور المواطن أي شكوك في أنهم يتمتعون بها، كي يسارعوا إلى تقويم الأوضاع، من منطلقات موضوعية صرفة بعيدة كل البعد عن أي انفعال عاطفي، أو ردة فعل تشنجية، يمكن أن تفقدهم القدرة على الاحتفاظ بالتوازن المطلوب لأخذ القرارات الصائبة الجريئة، لصالح الوطن والمواطن.

الموقف اليوم يريد شجاعة الشجعان القادرة على التقاط الفرص، بما فيها تلك التي تبرز في آخر لحظة، كي لا تضيع، من بين أيدي تلك المعارضة، فالمطلوب اليوم أخذ ما يمكن أن يؤخذ، لصالح التقدم نحو مجتمع المملكة الدستورية الذي تسعى الغالبية العظمى من شعب البحرين كي تنعم بقوانينه.

ليس الغرض هنا التهويل من تفوق قوات السلطة التنفيذية، التي استعانت، سواء بحق أو بدون حق، بقوات شقيقاتها من دول مجلس التعاون، من أجل حسم المعركة لصالحها، كي تستثمر ذلك النصر في زيادة كفة العناصر المؤازرة لأوراقها عندما يبدأ الحوار. هذا على افتراض عدم تلاشي فرصة الحوار، نظراً لتغير الظروف، واختلال موازين القوى في غير صالح المعارضة.

الموقف اليوم في غاية الدقة، ولكل دقيقة، إن لم يكن كل ثانية أهميتها، فما يمكن أن يناقش الآن، قد لا يكون متوفراً على طاولة المفاوضات بعد أقل من ثانية، نظراً لتغير الظروف، واختلال موازين القوى.

المواطن اليوم، يناشد المعارضة، بكل قواها المختلفة، وأطيافها المتعددة الألوان، أن تضع خلافاتها وراء ظهرها، وتبادر، مرتكزة إلى شجاعة نادرة سيقدرها لها المواطن الشريف، وسوف يسجلها لها التاريخ بأحرف من ذهب، لأنها ستكون الرافعة الضرورية التي تنتشل البحرين من مستقبل مظلم يتوعدها، نحو مستقبل أفضل بوسع المعارضة أن تزرع بشكل تدريجي صمامات أمان بنائه. يدعو ذلك المواطن ان تعلن المعارضة صراحة، ودون أي تردد أنها، ومن منطلق المسئولية الشجاعة، موافقتها الواضحة، التي لا لبس فيها، على الجلوس إلى طاولة الحوار، والبدء في جلساته دون أي تلكؤ أو تردد.

ليس هناك من يشك، انه وفي ظل الظروف القائمة، ستجد المعارضة نفسها أمام أوضاع أكثر تعقيدا، وصعوبة من تلك التي تواجهها عند إعلان الرفض عن المشاركة في الحوار والاكتفاء بالموقف السلبي المطلق، المرتكز إلى وضع الشروط التعجيزية، والتستر وراء مطالبات «شباب دوار اللؤلؤة»، هذا، دون الانتقاص من الدور الإيجابي الذي مارسه شباب ذلك الدوار.

تقف المعارضة البحرينية اليوم، وحدها دون أي دعم خارجي، امام امتحان تاريخي عليها أن تتجاوزه، بأفضل الأرباح، وأقل الخسائر، وهذا لا يمكن أن يتحقق دون ان تتوافر له شجاعة الشجعان القادرة على تحقيق الاستفادة القصوى حتى من آخر الفرص المتاحة.

ينطلق المواطن الشريف في دعوته الصادقة هذه معتمداً على شجاعة المعارضة أولاً، لكنه بالقدر ذاته، يأخذ بعين الاعتبار أن كل القوى المناهضة للمشروع الإصلاحي، والتي لا تحب الخير للبحرين، ولا تريد أن تراها دولة متحضرة تقف في مصاف الأمم المتقدمة، ستقف في وجه شجاعة المعارضة هذه. يقف وراء ذلك تيقن تلك القوى أن في بدء الحوار تهديد مباشر لمصالحها الذاتية، فوصول المجتمع البحريني، وربما من خلال الحوار، إلى مستوى الشفافية التي تحارب الفساد، وتكرس المصداقية، لا يمكن إلا أن يصب في طواحين مناهضة لمشروعات تلك القوى الفاسدة، وضد عناصر النفوذ التي تتمتع بها، وتوفر لها ما يتطلبه إطلاق يدها في مصالح البلاد والعباد.

يدرك المواطن الشريف، وبشكل مسبق، أنه يدعو المعارضة كي تسير في طريق يشبه حقل للألغام الذي يمكن أن ينفجر أحدها في أية لحظة فيشظي جسدها، لكن ثقته في هذه المعارضة، واستعداده أن يسير وراءها، متى ما تحلت بشجاعة الشجعان التي يتطلبها الموقف الراهن، وأفصحت صراحة عن موقف صريح يقول بقبولها بالبدء في الحوار، بل وإصرارها على سرعة انطلاق جلساته، هو الذي يشجعه على هذه الدعوة، التي ستقطع الطريق على أي من القوى المناهضة للمشروع الإصلاحي، ولن تسمح لها بأن تضع «عصيها في دواليب الحوار»، فتنجح في العبث بمسيرته، ومن ثم، تحقق إفشال أهدافه.

المواطن بحاجة الى أن يرى شجاعة الشجعان تلك، قبل أن تفوت آخر الفرص، هذا إن لم تفت بعد

 

الوسط-عبيدلي العبيدلي-مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك