جريمة تبييض الأموال، الأسباب والحلول

الاقتصاد الآن

من يمتلك المال الكاش وكيف يخبأ وكيف يستعمل وكيف ينقل وبعلم من وتحت أي غطاء؟

2228 مشاهدات 0

الدكتور محمود ملحم

- العمل على استهداف التدفقات المالية الخارجيه المشبوهه وخاصة التحويلات والدفعات المنظمه المتأتية من جميع الأنشطة الخطيرة للجريمةالمنظمة بما فى ذلك الإرهاب والاتجار بالمخدرات امر يستلزم التحقيق والمتابعه والتشاور والتنسيق مع جميع الأجهزة الأمنية

- يجب تقديم الاستشارات قانونية والعمل مباشرة مع أجهزة خاصة مستنفرة ومتخصصه تواكب وتراقب

- العمل على تزويد السلطات الأمنية من ضابطة عدلية وغيرها بالأطر القانونية التي تمكنها من القيام بواجباتها وصلاحياتها وتنفيذ عقوباتها .


ظهرت جريمة غسيل الأموال في أمريكا وأوروبا منذ سنوات عدة , وتوسعت حتى غدة عبئا على عاتق تلك الدول , تؤرق ليلهم ونهارهم . ولكي لا يتحملوا وزر هذا الجرم وحدهم . بدأت فكرة التصدير تداعب خيالهم فانتقلت العدوى الى الدول العربية والإسلامية ؛ ولأن مثل هذه العملية تحتاج إلى اقتصاد متطور لتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح، والتحرك بحرية وفق اسواق ماليه غير مراقبة باحكام , فقد رافق قيام هذه الجريمة  وانتشارها قيام نشاطات اقتصادية مشبوهه ,  تحصل هذه المنظمات على أموال طائلة عن طريق نشاطاتها الإجرامية وتعمل على تدويرها وتوظيفها لتصبح مشروعة من الناحية العلنيه  ، و طالما ان هذه الأموال يتم الحصول عليها بطريقة إجرامية و غير مشروعة ،فإن الدولة التي يقع فيها مثل هذا الأمر تلجأ إلي ملاحقة العصابات الإجرامية لمنعها من الاستمرار في ممارسة أعمالها الإجرامية و تقوم بمصادرة أموالهم و تجميد أرصدتهم في البنوك  , ومع بروز الأزمة العالمية في العام 2008 وتوجيه السهام الى المصارف . وتسميتها بشكل حصري بالأزمة المالية العالمية أثار ذلك أكثر من نقطة استفهام حول مشروعية السرية المصرفية واستغلالها كأداة للتستر على ضعف الرقابة وغياب الشفافية وتحويل الأموال وتبييضها وإخفائها وعدم دفع الضرائب والافلاسات الاحتيالية وتعطيل الصلح والمقاصات كل ذلك شوه السرية المصرفية وساعد على عمليات التبييض، فعلى المستوى المحلي أثارت الأزمه العالميه في أوساط الساحة الاقتصادية بلبلة  وذلك عبر مطالبة المستثمرين البنوك بالإفصاح عن حجم انكشافاتهم الصحيحة من منطلق الحق الذي تفرضه الشفافية المعترف بها كمبدأ من المبادئ الأساسية لحوكمة البنوك.
وفي المحاضرة الأخيرة التي ألقيتها في جامعة بربينيون في فرنسا اكدت أن عصر السرية المصرفية في العالم قد انتهى، وأنه لابد من اتخاذ الإجراءات القانونية القمعية ضد المصارف والبنوك غير المتعاونة والتي أدت في الفترة السابقة وخاصة في الربع الثالث من 2009 الى تفاقم في الأزمة الاقتصادية خاصة رجال الأعمال الذين اتخذوا من هذا المضمار وسيلة للتهرب من الضرائب الواجبة. وقد حازت جريمة غسيل الأموال الكثير من الاهتمام من قبل المشرع والعاملين في الحقل القانوني لما يتعلق بتلك الجريمة من آثار تترتب على ارتكابها. وذلك ما بينته الدراسات التي أجريت في هذا الشأن، والتي بان منها مدى الأضرار التي تلحق بالمجتمعات وتهدد أمنها.
وتضر أبلغ الضرر باقتصاديات الدول. وكان لنا الشرف بأن نكون أعضاء في تلك الدراسات وصياغة البيانات وتبيان مدى الضرر الذي تلحقه هذه الجريمة خاصة في المجتمعات الاقتصادية النامية. فإن كان المشرع في أي دولة من الدول لا يحارب محاولة الإثراء ولكنه يحارب فقط عدم مشروعية الطرق المؤدية إلى الإثراء فللأفراد الحرية في العمل والكسب والاتجار والاستثمار الذي يدر عليهم الربح.. ولكن ذلك جميعه مشروط بمراعاة الطرق المشروعة والتي لا تخالف نصوص القانون الذي هو شبه مغيب في مجتمعاتنا العربية ان لم تكن محمية. والسؤال الذي يطرح، من يمتلك المال الكاش وكيف يخبأ وكيف يستعمل وكيف ينقل وبعلم من وتحت أي غطاء؟ أسئلة عديدة تبطل مفعول مكافحة جريمة غسيل الأموال. كأن يقوم مواطن الدولة ورغبة في إعطاء أموال مصادرها غير مشروعة وإدخالها إقليم الدولة وإخفاءها أو العكس يرتكب الجرم في إقليم الدولة ويترتب عليه الكسب والثراء ثم يخرجونه خارج الدولة لإعطائه وصف المشروعية.
ان هذه الجريمة الخطرة والآثار السلبية لجريمة غسيل الأموال على الدولة وكما رأى الفقهاء تتمثل في أن وجود كمية هائلة من الأموال مع عدم وجود استقرار فيها حيث انها قابلة للحركة في أي وقت نتيجة خروج الأموال الخاضعة للغسيل في أي لحظة ودون سابق إنذار من أجل الاستمرار في إخفاء أصول تلك الأموال، من شأنه أن يؤدي إلى عدم وجودها في لحظة ما في البلد الذي كانت موجودة فيه وانتقالها إلى اقتصاد آخر دون أن تشكل أي قوة أو دعم لاقتصاديات البلد الذي كانت موجودة فيه مما يؤدي إلى إفساد المؤشرات التي يعتمد عليها برنامج السياسة الاقتصادية فإذا نظرنا مثلا الى لبنان نرى خطورة الأموال الكاش الموجودة بين أيدي المواطنين والسبب اعتماد لبنان بالدرجة الأولى على النفط البشري وهي رؤوس الأموال الضخمة التي تدر من المغتربين والذين تعودوا على اقتناء الأموال في المنازل فلا تندهش مثلا من شراء لبناني لمنزل أو شقة بالكاش والبائع يتصرف بالمبلغ بشراء شيء آخر مها علا شأن المبلغ وهكذا دواليك . أين الرقابة سؤال يطرح. بينما في دولة مثل فرنسا فإن القانون من أين لك هذا واضح. واقتناء المال الكاش يحمل صاحبه مخاطر جمة لذلك هناك صعوبة كبيرة في تنقل المال لأنه محفوف بمخاطر ضياعها. فما يحدث من مجرمي غسيل الأموال ان يقوم بعض الأشخاص بإنشاء شركات وهمية وصورية والتي لا تنتج ما ينمي الاقتصاد القومي للبلد وإنما بغرض مجرد غسيل الأموال حيث تفتقد تلك الشركات إلى الأهداف الاقتصادية القومية.
كما أنه من شأن ارتكاب تلك الجريمة خروج الأموال المكتسبة بطريق غير مشروع من الدولة مما يؤثر على وجود العملة الصعبة التي يحتاج إليها اقتصاد البلد. وهو ما يؤدي إلى إحجام المستثمرين عن الاستثمار في بلد تخرج منه العملات الصعبة. ومن شأن أيضا تلك الجريمة الإضرار بأمن الدولة إذ انها وفي الأغلب الأعم من الأحوال تكون أثرا مباشرا لجريمة سابقة عليها وارتكبت ترتيبا عليها كأن تكون هناك جريمة مخدرات أدت إلى ربح الأموال فيقوم مرتكبو جريمة المخدرات بارتكاب جريمة غسيل الأموال من أجل إخفاء جريمة الاتجار بالمخدرات، أو جريمة رشوة أو أي جريمة أخرى يريد مرتكبها اخفاء مصدر الأموال المتحصلة منها، لذلك عرفت جريمة غسيل الأموال بأنها مجموعة عمليات معينة ذات طبيعة اقتصادية أو مالية تؤدي إلى إدخال أو ضم في دائرة الاقتصاد الشرعي وتكون رؤوس أموال ناتجة من أنشطة غير مشروعة تقليديا متعلقة بالمتاجرة بالمخدرات واليوم أصبحت نواتج كل جريمة جنائية ذات جسامة أو خطورة. فجريمة غسيل الأموال هي عبارة عن إضفاء صفة المشروعية على مال ناتج من جريمة وإدخاله ضمن دائرة الاقتصاد المباح فكل عملية ترتكب بهذا القصد تعد جريمة غسيل أموال، اذن جريمة غسيل الأموال جريمة عمدية يتطلب توافرها وجود ركنين ركن مادي يتمثل في نشاط إجرامي مؤثم عملا بنص القانون، بالإضافة إلى الركن المعنوي وهو قصد جنائي بتعمد ارتكاب الفعل مع العلم بنتيجته. ولكن الفقهاء القانونيين رأوا بالنسبة لجريمة غسيل الأموال وجود شرط مفترض يقتضي الأمر توافره قبل البحث عن توافر أركان تلك الجريمة وهو وجود متحصلات مالية ناتجة من جريمة فبدون هذا الشرط لا يصح الحديث عن أركان جريمة غسيل الأموال ونحن من مؤيدي هذه الفرضية لأن جريمة غسيل الأموال من الجرائم التخصصية التي تستلزم قدرا كبيرا من المتابعة والتحري واستكمال اجراءات البحث لكيلا يفلت أصحابها من العقاب بخطأ بسيط يرتكب، علما أن العاملين في هذا الحقل يكونون دائما أكثر دهاء وأكبر ذكاء. اذا ان المظهر الخارجي للجريمة هو الاعتداء على المصلحة التي يحميها القانون وهو سلوك أو نشاط مادي تترتب عليه نتيجة إجرامية يتطلبها المشرع الجزائي ورابطة سببية بين الفعل والنتيجة وهو ما يطبق على جريمة غسيل الأموال.. إذ بدون الركن المادي لا تقوم أي جريمة وقد عرف بأنه توظيف ما يتحصل من الجرائم من أموال أو تحويلها أو إخفائها أو تمويه تلك الأموال لإضفاء صفة المشروعية عليها، ومن صور السلوك المادي أو الركن المادي لتلك الجريمة في المادة الثانية منه:
إجراء عملية غسيل لأموال مع العلم بأنها متحصل عليها من جريمة أو متحصل عليها من فعل من أفعال الاشتراك فيها.
نقل أو تحويل أو حيازة أو إحراز أو استخدام أو احتفاظ أو تلقي أموال مع العلم بأنها متحصل عليها من جريمة أو متحصل عليها من فعل من أفعال الاشتراك فيها.
إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها أو ملكيتها مع العلم بأنها متحصل عليها من جريمة أو متحصل عليها من فعل من أفعال الاشتراك.
اذن جريمة غسيل الأموال هي النية أو القصد الذي يتحرك في نفسية مرتكب السلوك الإجرامي.. أو هي اتجاه إرادة الجاني إلى الفعل والنتيجة المترتبة عليه، وعرفه قانون الجزاء بأنه اتجاه الإرادة نحو ارتكاب الفعل المكون للجريمة وإلى إحداث النتيجة التي يعاقب القانون عليها في هذه الجريمة.. وعناصر القصد الجنائي لأي جريمة هي العلم والإرادة، وبتعريفنا العلم هو ضرورة علم الجاني أن سلوكه معاقب عليه جنائيا وهو عنصر مفترض إذا لا يعذر شخص لجهله بالقانون، أما الإرادة فهي العامل النفسي الذي يحرك الشخص لارتكاب جريمته، وفي جريمة غسيل الأموال لا يتصور وقوعها إلا إذا كان الفاعل يعلم تماما أنها حصيلة جريمة أو فعل من أفعال الاشتراك فيها فلا يمكن القبول بتصور وقوع جريمة غسيل الأموال عن طريق صورة من صور الخطأ وبالتالي لا يتصور وقوعها بطريق غير عمدية. لذلك فان مضار جريمة غسيل الأموال مدمرة بالنسبة لاقتصاد الدول النامية وحتى الاقتصاديات الحديثة والتي سوف نظهر ان شاء الله مخاطرها في تتمة لهذا البحث ومن ثم نشرح وبشكل موجز دخول عنصر غسيل الأموال كسبب من أسباب الأزمة الاقتصادية العالمية. فبعـد استعــــراضي وتحليلي للثوابت والقواعد العامة لجريمة غسيل الأموال من حيث التعريف والأركان، وبعد ان أظهرنا من الناحية القانونية مدى خطورة هذه الجريمة وتأثيرها على المجتمعات سواء اكانت شرقية أم غربية، فقد آثرت في إبراز خطورة هذه الجريمة من الناحية الاقتصادية البحتة.
ان جريمة غسيل الأموال تتفرع عنها آثار سلبية تنبثق عنها المسؤولية الاقتصادية الهدامة.
فعملية إعادة الإقراض والاستثمار في الأوراق المالية وخاصة في الأسواق المفتوحة حيث الرقابة ضعيفة تكون أولى الضحايا، حيث يقوم الغاسل بإيداع أمواله لدى بنك خارجي حتى لا يخضع لقيود وإجراءات غسيل الأموال ثم يقوم بطلب قرض من أحد البنوك المحلية في بلد آخر بضمان تلك الأموال المودعة في البنك الأجنبي، ويتم الاستثمار في الأوراق المالية لسهولة تحويلها إلى نقود، فضلا عما تمنحه أغلب الدول من إعفاءات ضريبية على مثل هذا النوع من الاستثمار. يعني في اللغة اللبنانية «تلبيس طرابيش لضياع طربوش من لمن».
وبذلك يتضح من خلال طرق غسيل الأموال في العالم أن البنوك تلعب دورا مهما في تسهيل أو منع انتشار هذه الجريمة التي طالما ارتبطت بالإرهاب والفساد الاقتصاديين، ونتيجة لذلك تترتب عن تلك الظاهرة آثار سلبية هدامة لا يعي مرتكبها للأسف أنه يتجه نحو هدم الاقتصاد الوطني وضياع مستقبل الأجيال، وهذا ينطبق على المستوى الاقتصادي الوطني أو الدولي.
ويشكل الضغط على موارد الدولة من العملة الأجنبية وإيجاد علاقات غير عادلة لأسعار الصرف إحدى ضحاياها، الأمر الذي قد يؤدي إلى قيام ظاهرة حب الاكتناز للعملات الأجنبية في الدولة التي تتحقق من ورائها أرباح طائلة، إضافة الى إصابة المجتمع بظواهر اقتصادية متعارضة هدامة، ففي الوقت الذي ترتفع فيه أسعار السلع نتيجة ارتفاع أسعار الواردات وعدم قدرة مصادر البلاد من العملة الأجنبية على تغطية حاجتها من الواردات تتسع الخسائر، وهنا تبدأ الدولة في فقدان السيطرة على الاقتصاد وتتجه نحو الاستعانة بالدول الكبرى وعادة تكون صديقه متربصة، لندخل بعد ذلك في «النفق المظلم»، كما يحدث ارتفاع في الأسعار بشكل متواصل لا يستطيع معه المستهلك شراء السلع والخدمات نظرا لمحدودية الدخل أمام ارتفاع الأسعار.
كذلك ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل نظرا لتهرب المستثمرين وعدم إقامة مشروعات استثمارية جديدة، فعدم الاستقرار الوظيفي يؤدي إلى تراجع الإنتاجية وتراجع حجم الإنتاج.
اضافة الى انخفاض قدرة الدولة على سداد التزاماتها المحلية والخارجية مع تفاقم الدين المحلي والخارجي، مما يؤدي إلى عدم استعداد المقرضين لمنحها قروضا إضافية إلا بشروط صعبة، وبالتالي اتجاه الدولة إلى الإفلاس.
يضاف إلى ذلك التهرب من الضرائب ومن ثم معاناة خزينة الدولة من نقص الإيرادات العامة عن مجمل النفقات العامة. إضافة إلى الآثار السابقة فإن سوق الأوراق المالية هي أيضا تأثرت بظاهرة غسيل الأموال من خلال تقلبات الأسعار بين الحدة الارتفاع والهبوط.
واستنادا الى ما تقدم فإن عملية غسيل الأموال تشكل نشاطا إجراميا لاحقا لنشاط جمع مال بالطرق غير المشروعة.
ولإضفاء المشروعية على مصدر تلك الأموال، ترتكب الجريمة حتى يسهل التعامل مع مرتكبيها، دون إضفاء الشكوك والأدلة القانونية على الأعمال المجرمة السابقة وهذه الجريمة هي جريمة دولية تتساوى فيها النتائج داخليا ودوليا، ولكن الأساليب تبقى كما هي لا تتغير.
لذلك تعد جريمة غسيل الأموال من أخطر الجرائم التي ترتكب بحق المجتمع، وهنا أسأل دائما هل يدرك هؤلاء أن بعملهم هذا يهدمون أوطانا ويضعون مستقبل أجيالهم في مهب الريح، وهل يدركون أن من مخاطر تبييض الأموال تبديد الثروات التي هي حق للأولاد والأحفاد والأجيال القادمة.
ان جريمة تبييض الأموال خروجا على القانون والجماعة، بل وعلى النظام العام، فهي شذوذ عن السلوك المألوف والطريق القويم وإجرام منظم يؤثر على الاقتصاد القومي والجماعة والدولة ككيان، بل يتعداه أيضا إلى الاقتصاد العالمي، إذ تعد الجريمة المنظمة اخطر أنواع الإجرام، ترتكبها جماعات منظمة تمتلك من الوسائل ما يمهد لها إتمام جريمتها والهروب من سطوة القانون خاصة اذا كانت تلك الجماعات النافذة تمتلك من الوسائل ما يدخلها ضمن دائرة المحظور مسه.
وهنا تكمن الاشكالية في ان تحويل الأموال الناتجة عن الأعمال غير المشروعة في أنشطة استثمارية مشروعة لإخفاء المصدر الحقيقي لهذه الأموال ولتبدو كما لو كانت قد تولدت من مصدر مشروع، من أخطر ما يهدد الاقتصاد المحلي سواء كانت الجريمة المنظمة داخلية أو خارجية أو مشتركة وهنا يكمن الخطر. ففي نظرهم أرقام تتكدس، سيارات وفلل ويخوت، وسلطة وفي نظرنا للأسف أوطان تضيع واقتصاد ينهار وفقر ينتشر وبطالة تدق الأبواب.
لذلك فعمليات غسيل الأموال هي عملية أو مجموعة من عمليات مالية أو غير مالية تهدف إلى إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال أو عائدات أي جريمة وإظهارها في صورة أموال أو عائدة متحصلة من مصدر مشروع، ويعتبر من قبيل هذه العمليات كل فعل يساهم في عملية توظيف أو تحويل أموال أو عائدات ناتجة بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن جريمة أو إخفاء أو تمويه مصدرها. وقد كان للأوروبيين ردة فعل عندما أدركوا أهمية هذا الأمر فانعقدت المؤتمرات وأدخلت الاختصاصات في الجامعات حتى وجدوا ضرورة الحد منها وان كانوا قد تيقنوا بانعدام الوسائل للقضاء على هذه الظاهرة.
وختاما فقد حازت جريمة غسيل الأموال الكثير من الاهتمام من قبل المشرع والعاملين في الحقل القانوني لما يتعلق بتلك الجريمة من آثار تترتب على ارتكابها. وذلك ما بينته الدراسات التي أجريت في هذا الشأن، والتي بان منها مدى الأضرار التي تلحق بالمجتمعات وتهدد أمنها.. وتضر أبلغ الضرر باقتصاديات الدول. وكان لنا الشرف بأن نكون أعضاء في تلك الدراسات وصياغة البيانات وتبيان مدى الضرر الذي تلحقه هذه الجريمة خاصة في المجتمعات الاقتصادية النامية. فإن كان المشرع في أي دولة من الدول لا يحارب محاولة الإثراء ولكنه يحارب فقط عدم مشروعية الطرق المؤدية إلى الإثراء فللأفراد الحرية في العمل والكسب والاتجار والاستثمار الذي يدر عليهم الربح.. ولكن ذلك جميعه مشروط بمراعاة الطرق المشروعة والتي لا تخالف نصوص القانون الذي هو شبه مغيب في مجتمعاتنا العربية ان لم تكن محمية. والسؤال الذي يطرح، من يمتلك المال الكاش وكيف يخبأ وكيف يستعمل وكيف ينقل وبعلم من وتحت أي غطاء؟ أسئلة عديدة تبطل مفعول مكافحة جريمة غسيل الأموال. كأن يقوم مواطن الدولة ورغبة في إعطاء أموال مصادرها غير مشروعة وإدخالها إقليم الدولة وإخفاءها أو العكس يرتكب الجرم في إقليم الدولة ويترتب عليه الكسب والثراء ثم يخرجونه خارج الدولة لإعطائه وصف المشروعية.

لذلك فان مضار جريمة غسيل الأموال مدمرة بالنسبة لاقتصاد الدول النامية وحتى الاقتصاديات الحديثة والتي سوف نظهر ان شاء الله مخاطرها في دراسة مفصلة . خاصة ان تبييض الأموال بدأت تأخذ اشكالا متطورة ومتنوعه . فأذا كان الغرب بدأ يعد العدة لدراسة القوانين والأليات لمحاربة هذه الضاهرة الغريبة فاننا في الول العربيه ما زلنا نلهوا بمشاكلنا الداخليه . فتغاضين عما يدور من حولنا . لنصل الى عصر دويلات الدوله المحكومه بتضخيم الثروات المحميه العاصية حتى على الدولة ذاتها لانه نصبح امام حالة فريدة عنوانها الرقيب والمراقب واحد والحامي دائما القانون .,

بقلم المستشار القانوني الدكتور محمود ملحم

 

بقلم المستشار القانوني الدكتور محمود ملحم

تعليقات

اكتب تعليقك