لأسباب يعددها في مقاله، مصطفى الصراف يصف الاتفاقية الأمنية بالانقلاب الأسود

زاوية الكتاب

كتب 1609 مشاهدات 0


الاتفاقية الأمنية انقلاب أسود

كيف يقبل شعبنا باعطاء صلاحيات للغير ان ينتهك حقوقه التي لم يعطها لسلطاته المحلية؟ هذا احد اسباب معارضتنا للاتفاقية الأمنية.

من ظلام الماضي السحيق اطلت علينا بنود الاتفاقية الامنية لتنسف كل مكتسباتنا كمواطنين نتطلع الى استكمال عناصر آدميتنا، التي ناضلنا وآباؤنا لنبلغ بعضا منها مقارنة بشعوب العالم في زمننا هذا. لقد كان الانسان في الماضي الغابر يباع ويشترى وتنتهك كرامته ولا فرق بينه وبين البهائم في مواجهة سلطة الدولة. فثارت الشعوب على تلك الاوضاع وأسست لحياتها الانسانية مبادئ تحرم العودة بها الى تلك العصور المظلمة، وتعارفت شعوب العالم الحديث على تدوينها في شرعة حقوق الانسان. واخذت الدولة الحديثة عنها تلك المبادئ واثبتتها في دساتيرها، ومن هذه الدساتير دستور دولة الكويت، الذي تواضع واتفق عليه اهل الكويت، حكاما ومحكومين. وتضمن الباب الثاني منه، «المقومات الأساسية للمجتمع الكويتي». أرجو الرجوع الى تلك النصوص والتمعن فيها قبل قراءة الاتفاقية الامنية، لندرك الفارق بين العقليتين اللتين صاغتا نصوص دستورنا، وتلك التي صاغت نصوص الاتفاقية الامنية، لا سيما المادتين 7 و8 من الدستور، ثم قراءة الباب الثالث منه، حيث نص على الحقوق والحريات العامة لاسيما المادة 31 منه، حيث نصت «لا يجوز القبض على انسان او حبسه او تفتيشه او تحديد اقامته او تقييد حريته في الاقامة او التنقل الا وفق احكام القانون. ولا يعرض اي انسان للتعذيب او للمعاملة الحاطة بالكرامة». فإذا كان وبموجب الدستور غير مسموح للسلطة المحلية ان تتجاوز نصوصه والاعتداء على حرية الانسان من دون مسوغ قانوني يتلاءم ونصوص الدستور. ولا يسمح لأي قانون يتعارض مع اهدافه ان يشرع والا طعن عليه واسقط، فكيف لنا ان نقبل بنصوص صيغت خارج الدولة، ولم تراع ما جبل عليه شعب الكويت من احترام لآدميته وحقوقه الدستورية. فإذا كانت بعض دول مجلس التعاون قد ارتضت تلك النصوص لنفسها، فلا اظن شعوبها تقبل بها لو اتيح لها منبر او مجلس تعبر فيه عن رأيها. ولا يتصور ان يقبل شعب الكويت بإعطاء صلاحيات لأي كان لانتهاك حقوقه لم يعطها لسلطته المحلية. ان الكويتيين وحكامهم بنوا بكفاحهم وحكمتهم دولة دستورية حديثة يسودها القانون، وهو ما لم تبلغه اي دولة خليجية شقيقة، ولذا نتمنى ان تحذو تلك الدول حذونا لما في ذلك من ارتقاء بالانسان الذي كرمه الله عن بقية خلائقه. ومتى بلغت دول الخليج الشقيقة في انظمتها ما بلغته الكويت، فإن ذلك يقربنا للتفكير في رسم اتحادييها، اما ان يتاح لسلطة غير السلطة الكويتية، التي ارتضاها الكويتيون في ان تفرض عليهم قوانينها وتلاحقهم حتى في عقر دارهم لفرضها عليهم، فهذا امر لو تم يعتبر انقلابا على كل مكاسبنا الدستورية وتدميرا لحياتنا الاجتماعية، وتهميشا للسلطة الكويتية وانتهاكا لسيادتنا. ان الاتفاقية الامنية في ظاهرها دعوة لتحقيق الامان، ولكن بين نصوصها المبهمة تكمن محاولة اخذ الكويت الى الهوان. وتفريغ ما جاء في الدستور الكويتي من ضمان.
 
مصطفى الصراف

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك