عبدالله تقي يكتب: جائزة لـ ' أوقح ' جهة حكومية بالبلاد

زاوية الكتاب

ملف البدون سيبقى وصمة عار في جبين كل سياسي اهمل القضية

كتب 3389 مشاهدات 0

من الأرشيف

 

لو قدر لي أن أهدي جائزة لـ (أوقح) جهة حكومية بالدولة فلن أتردد طرفة عين بتسليمها لرئيس (الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية).

فبعد سنوات من الفشل والظلم والإهمال والمماطلة، يخرج علينا الجهاز التعيس بطلب أتعس موجه إلى وزير الداخلية لتزويده بأسماء البدون المقاومين إبان فترة الغزو لدراسة رفع القيد اﻷمني عنهم تمهيدا لحصولهم على الجنسية. فهذا الطلب بكل ما فيه ينضح وقاحة، فبعد أكثر من عقدين من الزمن تذكرت الحكومة أن هناك أشخاصا بذلوا أنفسهم وأرواحهم دفاعا عن الوطن ولكنهم في سجلاتها يقيمون بصورة 'غير قانونية'.

والأوقح من ذلك أن الطلب ليس سوى 'دراسة لإمكانية رفع القيد الأمني' عنهم، أي احتمالية بقائهم 'بدون' لعشرين سنة أخرى تبقى قائمة! ثم عمن تدرسون رفع القيد اﻷمني؟! عمن بقي صامدا يدافع عن أمن الوطن؟! في حين من تخلى عن جنسيته الكويتية وهرب 'مزدوجا' من رصاص العدوان الغاشم ثم عاد بجوازه الأزرق بعد تمام الأمان والسلام نراه مقدما يتمتع بمزايا الجنسية على من ذاق الويل والثبور وعظائم اﻷمور.

هذا السلوك الوقح من قبل الحكومات الكويتية المتعاقبة ليس جديدا على مستوى ملف الجنسية، والشواهد لا تسعها ثنايا هذا المقال لذكرها، لكن يكفي أن نتذكر تبريرات أحد الوزراء لرفض الحكومة إقرار قانون تجنيس ال4000 من البدون في المجلس المبطل الثاني بأن هذا الكم من التجنيس سيرهق كاهل الدولة في ملفات الإسكان والصحة والتعليم!

عن جد .. ما في أوقح من هيك؟! وليس من الإنصاف أن نلقي اللوم على الحكومة وأجهزتها فقط، فلو وجدت الحكومات المتعاقبة مجلسا 'يشمخ' ولا يرضى أن يكون في 'جيبها' ويردها عن غيها لما تفرعنت على رقاب البدون. بل حتى في قانون ال 4000 تحديدا، خنع المجلس للحكومة وبدل جملة (ما لا يقل عن 4000) إلى (ما لا يزيد عن 4000)، وكأنك يا بوزيد ما غزيت! وعلى الرغم من ذلك كله لم يبذل المجلس أضعف الإيمان ليجبر الحكومة على تطبيق هذا القانون.

وعند سؤال النخب السياسية والبرلمانية عن سلبيتهم في هذا الملف الإنساني الحقوقي لا تجد أذنا واعية، بل حتى من يتفضل بالرد ترى جوابه بأن الملف أكبر من شخص رئيس الوزراء وحكومته والحل ليس بيده .. إذن بيد من يا سادة؟! وإن كنتم أنتم كأعضاء سلطة تشريعية لا تملكون الجرأة على إرضاخ المسؤول عن ملف البدون لحل القضية، فمن يملكها؟!

ملف البدون سيبقى وصمة العار والنقطة السوداء في جبين كل سياسي أهمل هذه القضية الإنسانية. وطالما كانت 'الوقاحة' عنوان تعاملات الحكومة مع هذه الفئة المظلومة، وكان 'الجبن' هو سمة المجلس في المواجهة، فلا عزاء ولا بواكي للبدون.

د. عبدالله تقي - طبيب كويتي

الآن-رأي : د. عبدالله تقى

تعليقات

اكتب تعليقك