أوضاعنا الحالية باعتقاد يوسف الشهاب تكفي لإغلاق باب التجنيس بالشمع الأحمر

زاوية الكتاب

كتب 983 مشاهدات 0


القبس

شرباكة  -  مهزلة التجنيس.. متى تنتهي؟!

يوسف الشهاب

 

قبل خمس سنوات، بالتمام والكمال، جاءني احد العاملين الخليجيين الى المكتب ايام عز الوظيفة، وقبل التقاعد عنها، غير آسف عليها، ألقى السلام قبل الكلام، ثم جلس صامتاً كما ابو الهول، قلت له: «خير يا اخا الخليج (ما دام خليجنا واحداً)». فقال: «سلامتك، جئتك باحثاً عن واسطة في الادارة العامة للاحصاء». استغربت مثل هذا الكلام منه، وسألته: «وهل تريد الانتقال للعمل لديها؟!» فقال: «لا، كل ما في الامر ان زوجتي، وهي عربية الجنسية، قرأت في الصحف اليوم أن من لديه احصاء 1965 يتقدم بأوراق تتثبت وجوده بذاك الاحصاء من اجل الحصول على الجنسية الكويتية». تألمت كثيراً من كل ما سمعت منه، لا لشيء اللهم الا تلك الفوضى التي حصلت بالتجنيس، حتى أصبح كل من تواجد باحصاء 1965 يظن أنه يملك الحق في الحصول على الجنسية والا تقديم شكوى لمجلس الامن او هيومن رايتس ووتش، من اجل الحصول على الحق الذي يدعيه زوراً وبهتاناً، وكأن الجنسية اصبحت علبة ، على رف في الجمعية التعاونية، تشتريها اولا تشتريها كما شئت فالامر يعود اليك.
لا احد يسعى للحصول على الجنسية الكويتية، حباً وولاء للكويت، فلا تنورها الصيفي يغري ولا الغبار يشجع، اللهم الا الفئة القليلة التي تستحق الجنسية بصدق الولاء والانتماء والتضحية بالروح اذا ما تعرضت بلادنا لمكروه لا سمح الله، اما الاكثرية من العرب اليعاربة فإن سعيهم غير المشكور للحصول على الجنسية ما هو الا لدوافع معروفة سلفاً، الوظيفة والبيت الحكومي والتعليم والصحة وبطاقة التموين والاسهم وغيرها، ولا شيء قبل وبعد ذلك، تلك هي الدوافع الرئيسية والاساسية بعيداً عن المجاملات ومداراة الخواطر.
لست مع التجنيس، الا من تتوافر فيه شروط محددة وضوابط صارمة ومفلترة، وهؤلاء قلة معروفة، ولسنا في حاجة الى زيادة بتعداد سكاني مصطنع، على غير حق، ولا اظن ان الدولة تريد مزيداً من الاعباء على كاهلها في خدماتها العامة وفي واجباتها تجاه رعاياها، خاصة ان ما لدينا من فساد ونقص في الخدمات وفائض بالوظائف واعباء بالميزانية يكفي لاغلاق باب التجنيس بالشمع الاحمر، الا في حالات استثنائية ضيقة الحدود تعطى لمن يستحقها بالفعل لا بالقول.
لقد فقدت التركيبة السكانية هويتها، واصبحنا نسمع لهجات غريبة عل‍ى لهجتنا ببركات التجنيس العشوائي والفوضوي، الذي جاءت به الواسطات والضغوطات، وكأن هذه الجنسية سلعة تباع وتشترى، وليست هوية ارض وثبوتية انسان وانتماء، لماذا التجنيس اصلاً، وما الغاية منه وقد طفا الماء على الطحين بحكايات التجنيس، وكذبة الخدمات الجليلة، التي اخترعتها الدولة ولا نزال نحاول معرفة هذه الخدمات دون جدوى؟!
اوقفوا التجنيس، وحافظوا على ما تبقى من هويتنا الاجتماعية التي ضاع الكثير منها، سامح الله من اغرقنا بحكاية التجنيس. وكأننا بلاد تبحث عن شعب هنا وهناك، ولدي سؤال يقرقع في قلبي: لماذا احصاء 1965 وليس احصاء؟! 1957 هل من جواب؟!
الذي يتنازل اليوم عن جنسية وطنه الاصلي، لينال جنسية اخرى فيها مزايا وفوائد له، فاعلم انه لا مانع لديه من التنازل عن هذه الجنسية حين تأتيه اغراءات اكثر جذباً له، قالوها: حلات الثوب رقعته منه وفيه، وما حك جلدك غير ظفرك.. طال عمرك.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك