الوضع المالي في الكويت.. حرج

الاقتصاد الآن

تقرير الشال: القطاع النفطي لم يُحترم في يوم من الأيام

1892 مشاهدات 0

الكويت - ارشيف

قال تقرير 'الشال' الأسبوعي إنه لا بأس من العودة إلى الماضي القريب عندما انفلتت السياسة المالية، بعد بدء ارتفاع أسعار النفط، فعندما كان معدل سعر برميل النفط الكويتي نحو 16.5 دولارا عام 1999، كان حجم الإنفاق العام الفعلي للسنة المالية 1999 /2000 نحو 4 مليارات دينار.
ولفت إلى أنه عندما كان سوق النفط ضعيفاً في تسعينيات القرن الفائت، أضاف الإنفاق العام أقل من مليار دينار في 10 سنوات، أي ما بين السنة المالية 1989/ 1990 والسنة المالية 1999/ 2000، والاستثناء كان فقط لبضع سنوات، بعد تحرير الكويت، بسبب تكاليف إعادة البناء.
وذكر التقرير أنه عندما بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي عام 2012 نحو 108.6 دولارات، ارتفع حجم الإنفاق العام الفعلي للسنة المالية 2012/ 2013 إلى نحو 19.3 مليار دينار، أي تضاعف بنحو 4.8 مرات في 14 سنة، وبلغ معدل نموه المركب خلال الفترة نحو 12.9 في المئة سنوياً.
وتابع: 'يؤكد ذلك أن قرار السياسة المالية لا علاقة له برؤية، ولا بالتعلم من تجارب الماضي، وبالتبعية لا علاقة له بمبدأ الاستدامة، أي ضمان القدرة في الاستمرار بتمويل هذا المستوى من النفقات العامة، إنما كل الإدارة العامة كانت مجرد متغير تابع لحركة أسعار النفط'. وأوضح: ما بين عام 1995 أو نحوه، وهو العام الذي أصدر فيه وزير المالية الكويتي تعميماً بخفض النفقات العامة 25 في المئة عن تلك المقدرة في الموازنة، وعام 2005 عندما ارتفع معدل سعر برميل النفط الكويتي من 32.6 إلى 47.5 دولارا في سنة واحدة، وانفلتت السياسة المالية، عقد واحد من الزمن، وصلب الإدارة العامة كان ثابتاً، فيما المتغير الوحيد كان سعر النفط.
وبيَّن أنه منذ عام 2005 حتى عام 2014، كانت لدى الإدارة العامة كل التحذيرات من دورة ركود قادمة لسوق النفط، بما يجعل الاستدامة مستحيلة، وبعد النصح والدراسات هي من قام بتمويلها، لكنها سارت بسياسات مالية معاكسة.
وقال التقرير: 'الآن ليس وقت اللوم، فالوضع المالي للبلد بات حرجاً جداً، وأي إصلاح على نمط وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي التي تراجعت عنها الحكومة وصوَّتت ضدها، لن يكون مجدياً، فهو لا يعتمد مبدأ الاستدامة، والاستدامة ببساطة هي تمويل النفقات العامة من دخل متجدد أي قابل للاستمرار'.
وأضاف: 'ينخفض حجم النفط، أي احتياطياته، مع كل برميل يُستخرج، وبيعه لا يعني إيرادا، إنما استبدال ثروة عينية بأصل نقدي، والاستخدام الخاطئ لحصيلة النقود يؤدي إلى تسريع استهلاك أصل النفط، وذلك وضع غير مستدام'.
وأوضح أن 'أهمية النفط وأسعاره تحكمه متغيرات لا يمكن للكويت التأثير فيها، مثل التقدم التقني وأوضاع الاقتصاد العالمي. وحتى لا يضيع وقت لا يمكن تعويضه، فإن الجراحة المطلوبة هي لعقلية الإدارة العامة، ولن يتحقق ذلك سوى بتغييرها جذرياً، وطريق التغيير يبدأ بتحديد نسبة مرتفعة -60 في المئة مثلاً- في تمويل النفقات العامة بدخل متجدد -دخل الاستثمارات مثلاً- ثم مزيج من دخل ضريبي، وخفض الهدر والفساد في الإنفاق العام، ثم دخل النفط، وللسعودية حالياً مشروع مماثل، وإن كنا لا نعرف فرص نجاحه'.

اتجاه النفط نحو السعر الاقتصادي توقف وأصبح إلى «السياسي» أكثر احتمالاً

أكد 'الشال' أنه بين نهاية يناير ومارس الفائتين، التزمت دول 'أوبك' والمشاركون في التوافق السعودي الروسي وحتى الآخرين خارجهما بتثبيت إنتاج النفط، فإنتاج 'أوبك' في شهرين انخفض بنحو 67 ألف برميل يوميا، وانخفض لروسيا وعُمان والبحرين بنحو 97 ألف برميل يوميا، وانخفض للنرويج والمكسيك وليبيا وأذربيجان وكازاخستان بنحو 103 آلاف برميل يوميا.
وكانت أسعار خام برنت هبطت في 20 يناير 2016 إلى نحو 26 دولارا للبرميل، وارتفعت في 14 أبريل 2016 إلى نحو 43 دولارا للبرميل، أي زادت بنحو 65.4 في المئة، أي إنها بدأت تقترب من سعرها الاقتصادي مع مجرد توافق وليس اتفاقا.
وعند التحضير لاجتماع الدوحة بداية الأسبوع الفائت، عادت التصريحات التي تعيد النفط إلى سعره السياسي، فالسعودية أعلنت أن أقصى ما ستذهب إليه هو تثبيت الإنتاج إن التزمت الدول الرئيسية المنتجة به، وإيران أعلنت أنها لن ترسل ممثلا لها إلى اجتماع الدوحة ما لم يقر بحقها في العودة إلى مستوى إنتاجها قبل العقوبات التي فرضها الغرب على قطاعها النفطي قبل اتفاقها النووي معه.
والعراق، الذي بات إنتاجه يراوح بين 4.3 و4.4 ملايين برميل يوميا، وبعد أن أضاف نحو 1.2 مليون برميل يوميا إلى إنتاجه منذ خريف 2014، يبدو أنه سينتج ما تسمح له طاقته الإنتاجية بإنتاجه، وتبقى روسيا التي تنتج نحو 10.9 ملايين برميل يوميا لتصبح أكبر منتجي العالم، راضية بالالتزام بهذا المستوى، وهو عند حدودها القصوى للإنتاج، لكنها تريده بأعلى سعر ممكن، لذلك هي أكثر مرونة من المنتجين الرئيسيين الآخرين.
وفي ظل غياب المنطق، وأسبقية توظيف النفط في الصراع السياسي، كان من المحتم أن يفشل اجتماع الدوحة، وهو ما تحقق، وكانت النتيجة الحتمية هبوط أسعار النفط بنحو 5 في المئة خلال بضعة أيام.
الأكثر أهمية هو أن الاتجاه العام لأسعار النفط نحو السعر الاقتصادي توقف، وأصبح الاتجاه مرة أخرى إلى سعره السياسي أكثر احتمالا، وإن ساد العناد على المصلحة، فقد تعود الأسعار إلى مستوى أسعار يناير إن فشل اجتماع أوبك في يونيو القادم، وفي يناير، كسر سعر برميل النفط الكويتي حاجز 20 دولارا إلى الأدنى.
ويعني هبوط أسعار النفط باتجاه سعره السياسي، وليس هناك قاع للسعر السياسي، أن مخاطر جسيمة تنتظر كل الدول المعتمدة على النفط وفقا لدرجة ذلك الاعتماد، والفارق في حدوث الأسوأ بين إحداها والأخرى، هو الوقت فقط.
والوضع المالي المتردي للدول النفطية، متزامنا مع ضعف جهود الإصلاح وسوء توزيع موارد النفط الشحيحة، يعني مزيدا من الهبوط في التصنيف الائتماني، ومزيدا من تكاليف الاقتراض، وخلاصتها، الخسارة على جبهتي الاقتصاد والسياسة.

الآن - الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك