أين الكتلة الليبرالية التي لها مصلحة في التغيير الديمقراطي في سورية؟.. يتسائل غسان المفلح

زاوية الكتاب

كتب 537 مشاهدات 0

غسان المفلح

السياسة

اليسار والثورة السورية والوضع الطبقي

غسان المفلح

 

«منظور أخلاقي للثورة السورية» مادة للصديق سلامة كيلة يقول فيها: «كيف يمكن ليسار أن يدعم سلطة تدمر أحياء بكاملها من مدن هي «مدنها»؟ وتبيد مئات الآلاف بكل بساطة، وتعتقل مئات الآلاف لتقتل جزءا منهم، وتفتح أفق نهب المدن والمناطق؟ كيف يمكن ليسار أن يدعم سلطة تلقي «البراميل المتفجرة» على الأحياء بشكل عشوائي، فقط لأنها تريد حرق من يتمرد عليها؟ وتحاصر السكان بأقصى حد ممكن يؤدي إلى التجويع (والموت جوعا) فقط لأن المنطقة التي يسكنونها باتت خارج سيطرتها؟». مشكلة اليسار العربي عموما، والسوري خصوصا، انه يسار استعلائي، عاش فترة طويلة من الزمن على أنه النخبة. هو ينظر لمن ثاروا اليوم على انهم رعاع، انهم غير جديرين بالقيام بثورة. يسارنا، للأسف مريض، بدل ان يندمج في المجتمع ويقوده، بقي متعاليا عليه، التعالي لزوم المعرفة صحيح احيانا، لكن التعالي نتاج منظومة أخلاقية- متهافتة- هو المصيبة. لهذا كنت اختلف مع من رددوا مقولة المرحوم الكبير ياسين الحافظ، حول الوعي المطابق، برأيي نحن بحاجة لوعي مفارق. للاسف هذا مرض لم يصب اليساريين المنظمين، فقط بل اغلب من يحمل الفكر اليساري. وإن كانوا غير منضوين تحت راية اي حزب أو تيار. ينظرون لمن قام بالثورة على انهم فلاحون أو رعاع أو أبناء قرى. ان الثورة لا تليق الا بالمدن واهلها، ويقودها هم. لم يربط هذا اليسار في سورية بين الاشكالية الطائفية والمسألة الطبقية مثلا. في سورية اليوم واستناداً إلى احصاءات الامم المتحدة 12 مليون لاجئ ونازح، دمرت مدنهم وقراهم، اي نصف سكان سورية. نسبة 95 في المئة من السنة العرب و 5في المئة من الكورد والتركمان السوريين. هؤلاء صاروا مسحوقين طبقيا، ربما لاجيال لاحقة، لأنهم فقدوا كل مقومات الحياة، فقدوا منازلهم ومصادر رزقهم ورزق اطفالهم، اما المناطق التي يسيطر عليها الاسد، رغم أن الفقر يطحنهم، لكنهم طبقيا اكثر امتيازا من البقية، على الاقل يحتفظون بمنازلهم!! عموما هذه تحتاج لبحث من جديد أيضا في اعقاب الثورة السورية. لكن لابد من القول، إن قسماً من ثروة المهجرين والمشردين قسريا بفعل العنف الاسدي الايراني الروسي لاحقا، انتقل الى مناطق سيطرة الأسد. تصرف او صرفت هناك، لكن الاهم الذي يجب ان نتعرض له، أن جنود النظام في الجيش اللاوطني، وبخاصة كتلته الصلدة من الطائفة العلوية، قد سرقوا قسماً مهماً من هذه الثروات، عبر ما عرف خلال هذه السنوات بظاهرة “التعفيش”. تحسن وضعهم الطبقي. انتشرت في مناطق سكناهم اسواق بيع تلك المسروقات مثلا التي اتت من “التعفيش”. احيانا كانوا يسمونها اسواق السنة. هذا انعكس على تحسن ملموس في الاوضاع المادية لعسكر الاسد وعائلاتهم. اما الضباط فقد تحولوا الى اثرياء حرب، 90 في المئة منهم من ابناء الطائفة. لانهم قادة حركة “التعفيش” هذه. اضافة إلى ان سكان مناطق سيطرة النظام الاخرى صارت طبقيا افضل من مناطق ما يسمى البيئة الحاضنة للثورة. أيضا على مبدأ “مصائب قوم عند قوم فوائد”، لكن مع ذلك بقيت مدن طبقيا تقريبا كما هي كالسويداء وريفها التي استقبلت النازحين من محافظة درعا وغيرها، من دون وجود لظاهرة “التعفيش” بين ابنائها. نصف سكان سورية تحولوا إلى بشر مسحوقين طبقيا، لا يجدون يساريا واحدا يدرس اوضاعهم الطبقية”مني وجر”! بعد هذه الرحلة المأسوية 500 الف طفل سوري حالياً خارج المدارس، اي مستقبل طبقي ينتظرهم؟ المشكلة ان هذه القضية، تطمس ايضا في معارك الاقليات وحمايتها والاكثرية التي هي الشعب السوري، تسحق بشكل يومي. أليست الطبقية أهم مفردة لدى اليسار. إنها مبرر وجوده النظري والايديولوجي والاخلاقي، والتي تقتضي دراسة الوضع الطبقي ومتغيراته الدائمة، في أي بلد فيه يسار، كمقدمة لمعرفة الممارسات السياسية والأيديولوجية الأكثر إيجابية واخلاقية؟ اليسار الذي يهرب من مناقشة المسالة الطبقية، كيف يمكن أن تثق به؟ انطلاقا من هذه المسألة، حيث تواجههم بعقر دارهم الطبقي. أن الاسدية ناهبة البلد بشكل كلي. من أفقر سورية؟ لماذا هذا العدد المرتفع للعاملين السوريين في الخارج؟ لماذا تحولت وظيفة جندي متطوع في المخابرات او الجيش امتيازا؟ امتياز في بعض حالاته له سمة طائفية واضحة. كل الدراسات اليمينية واليسارية في العالم عن الوضع السوري، تؤكد على أن الاسدية هي من نهبت وتنهب ثروة البلد، وليست إسرائيل ولا أميركا ولا روسيا ولا إيران حتى. اليسار الكاذب الذي لا يستطيع الحصول من هذه السلطة على معلومة واحدة صادقة عن الوضع الطبقي. كيف يدافع عنها بحجة إسرائيل والامبريالية والاسلامية؟ السؤال الاخير هنا: أين هي الكتلة البرجوازية الليبرالية التي لها مصلحة في التغيير الديمقراطي في سورية؟.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك