تحقيق الوحدة الخليجية يتطلب قبلها توحداً في الأنظمة السياسية و تطبيق الحريات العامة.. كما يرى ناصر المطيري

زاوية الكتاب

كتب 846 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية-الاتحاد الخليجي.. قراءة واقعية

ناصر المطيري

 

رغم أن الوحدة الخليجية هي حلم نتمناه وطموح للشعوب الخليجية، لكننا نعتقد أن الموقف المتحفظ أو الرافض لفكرة الاتحاد الخليجي ينطلق من مبررات ومعطيات واقعية موضوعية تستحق التوقف عندها من باب نقد التجربة ومحاولة تصحيح مسيرة التعاون الخليجي التي تجاوزت الثلاثة عقود من الزمن وكان الانجاز خلالها على مستوى التعاون محدوداً بطيئا فما بالك بطرح فكرة الاتحاد؟

ومن الواضح أن الدعوة للاتحاد الخليجي فكرة تولدت  كردة فعل سياسية تزامنت مع اندلاع ثورات الربيع العربي بمعنى أنها تشكل رد فعل على حراك الشارع العربي يضاف لها المتغيرات الاقليمية بعد الاتفاق النووي الإيراني الأميركي الذي نتج عنه تغير في بوصلة التحالفات السياسية في المنطقة بما ينعكس على أمن دول الخليج، وهو بالفعل اليوم هاجس حقيقي تستشعره دول الخليج ولكنها مرغمة سياسيا على التعامل مع هذا الواقع الجديد وتداعياته المستقبلية.

ولو عدنا بالتاريخ إلى ظروف نشأة مجلس التعاون الخليجي نجد أنها أيضاً جاءت كردة فعل لتطورات اقليمية تمثلت بالثورة الإسلامية في ايران، وتلتها الحرب العراقية الإيرانية .. ولأن الفكرة أساساً ردة فعل لذلك نجدها لم تنجح إلا بتحقيق خطوات متواضعة وبطيئة في مسار التعاون فقط، فما بالك بالاتحاد؟

من هنا ندرك  وجاهة الرأي في التحفظ على فكرة الاتحاد الخليجي وذلك انطلاقاً من الادراك أن الدول التي عجزت عن تحقيق التعاون والتكامل «المأمول» سوف يكون من الصعب عليها أن تقفز لتحقق الاتحاد.

لذلك علينا كخليجيين أن نمارس سياسة واقعية برؤية استراتيجية واضحة متزنة، وليست ردود أفعال لمتغيرات اقليمية، فطوال مسيرة 35 سنة لمجلس التعاون الخليجي يردد اعلامنا شعار «خليجنا واحد وهو عاجز عن توحيد العملة، ولم يقر التنقل بالبطاقة المدنية إلا قبل سنوات قليلة، فهل نتوقع أن يحقق الوحدة السياسية بنجاح وسرعة؟

والواقع يقول أنه طوال عمر مجلس التعاون الخليجي كانت «الخلافات الخليجية - الخليجية» تسابق الخطوات التعاونية المحدودة بل انه في كثير من الأحيان وإلى عهد قريب سيطرت الخلافات بين بعض دول الخليج العربية على المشهد السياسي للمنطقة وانشغلت دول التعاون بالوساطات لحل خلافاتها الثنائية.. فهل بعد ذلك يحق لنا التحدث عن اتحاد خليجي رغم أنه طموح لنا كشعوب؟

وباستثناء التوحد الخليجي في مواجهة احتلال الكويت عام 1990 بسبب الخطر الجماعي المحدق الذي كانت تواجهه المنطقة لم يسجل التاريخ أي وقفة اتحادية حقيقية  في الموقف الخليجي تدفعنا واثقي الخطى باتجاه تحقيق مبادرة خادم الحرمين نحو الكونفيدرالية الخليجية التي أطلقها في القمة الخليجية الماضية.

يجب أن نعلم ان تحقيق الوحدة الخليجية يتطلب قبلها توحداً في الأنظمة السياسية وفي تطبيق الحريات العامة، ولكن الواقع الراهن يشير إلى تباينات سياسية في نظم الحكم الخليجية ودرجة المشاركة الشعبية فيها، وكذلك الأمر بالنسبة للحريات العامة فما هو مسموح في دولة لايزال محظوراً في الدولة المجاورة.

وباختصار نقولها: قبل الحديث عن الوحدة أو الاتحاد الخليجي علينا أن نسعى ابتداء إلى تحقيق الوحدة والتكامل الخليجيين بشكل شامل وعميق بإرادة سياسية جماعية.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك