د.نجاة عبدالقادر الجاسم تحذر من أن يكون التشكيك بولاء وانتماء ابناء القبائل تمهيدا للانقلاب على الدستور وإعادة البلاد إلى أجواء 1976 و1986

زاوية الكتاب

كتب 6322 مشاهدات 0


 



 
الحركة الوطنية.. ودورها في الإصلاح 
 
كتب أ.د. نجاة عبدالقادر الجاسم
للحركة الوطنية الاصلاحية في الثلاثينيات اثرها الواضح والفعال في المسار الفكري والسياسي في الكويت، وكان لدور وجهود اولئك الرجال ونشاطهم التصحيحي اثره الملموس اليوم، وقد عملت الحركة الوطنية الاصلاحية ما وسعها لتحقيق اهدافها الوطنية، وكان في مقدمتها الاصلاحات العامة والمشاركة في الحكم من خلال المجلس التشريعي وها نحن اليوم نجني ثمرة تلك الجهود بل التضحيات.
فعندما بدأت انتخابات المجلس البلدي في اعقاب تأسيس بلدية الكويت في عام 1930 لم تكن هناك دائرة تشرف على الانتخابات ولم يكن قانون الجنسية قد صدر ولذلك حددت المادة الثالثة من قانون الانتخاب في تلك الفترة «الثلاثينيات من القرن الماضي» حق الترشح والانتخاب على النحو التالي: «الاعضاء ينُتخبون من قبل وجهاء البلد من طلبة علم وتجار وكل من له علم باختيار الرجال».
اما المادة الرابعة فقد حددت الشروط الواجب توافرها في عضو المجلس البلدي.
وربما ننظر اليوم الى هذا القانون ونقول عنه انه يحتوي على العديد من السلبيات لكن لا يمكن ان ننظر للامور بهذا الشكل بل يجب دائما النظر للقضية بواقعها الذي برزت وظهرت من خلاله فقد كان مناسبا حصر حق الترشح والانتخاب في فئة معينة، وحسب رأي من وضعه انها القادرة على ممارسة هذا الحق، واقول اليوم الحق أما في الماضي ربما كان ينظر البعض اليه على انه مهمة ولا تفوتنا الاشارة الى ان الفئة التي قصدها القانون كانت تضم كل أطياف المجتمع الكويتي.
الامر الآخر الذي يجب علينا ان ننتبه له هو ان الكويت في اعقاب الحرب العالمية الأولى «1914- 1918» شهدت تدفق الكثير من المهاجرين وكان اغلبهم من ايران بحثا عن مورد رزق لهم ولقد كان لهذه الهجرات اثر كبير في مزاحمة الكويتيين في ارزاقهم وفي التركيبة السكانية ولذلك اهتمت السلطات الكويتية وفي مقدمتها البلدية التي ادركت ما يشكله هذا التدفق من خطورة على المجتمع الكويتي سواء في المستقبل القريب او البعيد لذلك حاولت القضاء على هذه المشكلة خصوصا وان ايران في تلك الفترة كانت ذات اطماع تجاه امارات الخليج العربي بما فيها الكويت.
اما فيما يتعلق بانتخابات المجلس التشريعي سواء الاول «يوليو- ديسمبر 1938» او الثاني « ديسمبر 1938- مارس 1939» فقد تم اختيار لجنة للإشراف عليها مكونة من المرحومين: الشيخ يوسف بن عيسى القناعي والحاج احمد الحميضي والسيد محمد الثنيان الغانم وهؤلاء عُرفوا بالنزاهة ولقد أُجريت الانتخابات كما هو حال انتخابات المجلس البلدي حيث اعدت اللجنة قائمة بأسماء مجموعة «320» من الناخبين كما ذكر المرحوم خالد العدساني في مذكراته «ومن مختلف العائلات في الكويت ومنهم فريق من الحساوية والعجم الذين استوطنوا الكويت لسنين طويلة» أي مثل غيرهم من العائلات الكويتية الاخرى. وهكذا لم يتم الاستبعاد ولم تنحصر الانتخابات في فئة معينة دون اخرى ولكن لعدم وجود قانون للجنسية وبسبب تزايد الهجرة الى الكويت كما سبق ذكره فإن اهل الكويت تعارفوا فيما بينهم على ان الكويتي هو الذي استوطن الكويت قبل عام 1914 وهذا الامر من حقوق اهل الكويت وذلك لحماية بلدهم خصوصا وانه كان يصعب في تلك الفترة التعرف على من دخل أو استوطن الكويت في عام 1914 وذلك الذي دخلها في عام 1936 مثلا، وبموجب القوانين الحالية فإن من يحصل على الجنسية الكويتية وفقا للمواد الثانية والخامسة والثامنة لا يحق له التصويت إلا بعد مضي عشرين عاما من حصوله على الجنسية الكويتية وكنت قد نشرت في دراستي «التطور السياسي والاقتصادي للكويت بين الحربين 1914 ـ 1939 ما جاء في الوثيقة الانكليزية عندما تعرضت للمعارضين للمجلس التشريعي الأول، ان الشيعة كانوا منهم وذكرت بموجب الوثيقة ان المجلس منحهم حق التصويت دون الترشح» ولم أجد بعد ذلك ما يؤكد هذه المعلومة وبهذه المناسبة أقول كيف يكون المجلس قد منعهم الترشح وهو بعد لم يعقد جلساته ولم يتم الانتخاب، لكن المتصور هنا ان المجلس كان يخشى من اولئك الذين قدموا إلى البلاد بعد الحرب وخصوصا في أوائل الثلاثينيات وبموجب قانون الانتخابات الذي صدر بمناسبة انتخابات المجلس البلدي فإن شروط العضوية لم تظهر فيها العنصرية -راجع دراستنا «بلدية الكويت في خمسين عاما» أو «الطائفية»- ولم تكن توجد في تلك الفترة.
وبينما كانت انتخابات المجلس التشريعي لم تكن هناك دائرة لاستقبال طلبات الترشح، كان الناخب له مطلق الحرية في اختيار الشخص الذي يرى فيه الأهلية لهذه المهمة الوطنية.
ثم ان التطورات التي رافقت ظروف حل المجلس التشريعي الأول والثاني أكدت صحة المخاوف التي ظهرت بعد ذلك، وأكدت صواب اعتبار الكويتي هو الذي استوطن البلاد قبل عام 1914 كما كان يرى أهل الكويت في تلك الفترة، اما بموجب قانون الجنسية 1959 فإن الكويتي بالتأسيس هو المتوطن في الكويت قبل سنة 1920.
على أية حال فإنه لا يجوز تفسير الأمور بالطريقة التي جاءت ضمن مقال الدكتور فيصل بو صليب المنشورة في جريدة «عالم اليوم» بتاريخ 22/4/2010 وتحميل رجال الحركة الوطنية الإصلاحية تبعات تلك الظروف التي اجبرتهم على اتخاذ بعض الاجراءات لحماية الوطن، ومن الظلم لتاريخ الكويت ان نفسر ما حدث في الماضي ونفصله عن واقعه وملابساته، ونسعى لمطابقته بما حدث اليوم، حيث ان دراسة ما يحدث في هذه الأيام بهذا الاسلوب يقودنا إلى نتائج سلبية ومحبطة ويقودنا أكثر فأكثر نحو وضع يحاول البعض ان يجعله واقعنا، وهو الواقع الطائفي القبلي والفئوي وهنا لا أقصد الدكتور الفاضل فيصل بوصليب، والمرء يسأل نفسه هل ما يحدث ينطلق من منظور اجتماعي؟ وأهداف سياسية أم هو فقط اجتماعي يتسم بالجهل ويسعى إلى فرض التجزئة، ان هذا البعض يتجاهل تضحيات أهل الكويت، ويتجاهل ويتناسى شهداء الكويت من جميع الفئات والطوائف وفي كل مراحل تاريخ الكويت وآخرها فترة الاحتلال العراقي، اقرؤوا أسماء الشهداء الأبطال ستجدون ان الكثير منهم من ابناء القبائل، إلى جانب الشهداء من الفئات الاخرى، لكن لماذا الاساءة إلى فئة معينة من ابناء هذا المجتمع وهم من أهم مكوناته ان هذا التطاول يتناسى ويتجاهل ان عماد القوات المسلحة والشرطة هم من ابناء القبائل، وعند الحاجة لا سمح الله هم الذين يشكلون الصف الأول، والسؤال الأخير ما الذي تريد ان تخبرنا به هذه الأقوال والاشارات وما هي الرسالة التي يريد البعض ان يوصلها؟ هل محاولة التشكيك بولاء وانتماء ابناء القبائل لهذا الوطن هي الرسالة أم ايجاد الفوضى والفتنة بين أهل الكويت وذلك بهدف التمهيد لاتخاذ اجراءات تعيد الكويت إلى عام 1976 و1986 وهي مرحلة الانقلاب على الدستور؟
 

 

 

 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك