(تحديث6) ((الآن)) تنفرد بنشر حكم التمييز بقضية الجاسم

أمن وقضايا

التمييز تبني على تحفتها القضائية التاريخية: الإفراج عن الجاسم، وإلغاء إجراءات احتجازه، والسيف نحو حسم الخلاف القضائي بين المحاكم

15559 مشاهدات 0


حصلت على حكم المحكمة والذي حكمت فيه اليوم في قضية الكاتب والمحامي محمد عبدالقادر الجاسم والذي أطلق على أثره سراحه.

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السـمو أمير الكويت
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
محكمـة الاسـتئناف – الفروانيـة
دائرة الطعون بأحكام الجنح المستأنفة ( التمييز )
بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة يوم الاثنين الموافق     24/1/2011
برئاسة السيد المستشار/    نايف محمد المطيرات    رئيس الدائرة
وعضــوية الســادة/    يحيى يوسف ماضي–أحمد محمود الوكيل     المستشارين
شـوقي الــزقم – محمود ادريس صقر     
     
 
وحضـــور الأستـاذ/          محمـد العتيبي    ممثل النيابة العامة
وحضـــور الســيد/          السيد محمد على        أمين الســــر
 
وصدر الحكم الآتي
في الطعنين المقيدين بالجدول برقمي
349 – 356/2010
 
المــرفـوعين من :     1- محمد عبد القادر الجاسم
2- النيـابـة العــــامة

ضـد : 1- النيـابـة العــــامة
2- محمد عبد القادر الجاسم
 
الوقائع

أسندت النيابة العامة للطاعن ' محمد عبد القادر الجاسم ' أنه في يوم 19/11/2009 بدائرة اختصاص الإدارة العامة للمباحث الجنائية  :
1- سب سمو/الشيخ ناصر محمد الأحمد الجابر الصباح ' رئيس مجلس الوزراء ' على مرأى من آخرين وذلك بأن وجه إليه الألفاظ والعبارات الواردة بالتحقيقات في المقال الذي نشره في موقع ميزان الالكتروني تحت عنوان ' ناصر السابع عشر ' علي نحو يخدش شرفه واعتباره وذلك علي النحو المبين بالتحقيقات.
2- اسند لسمو الشيخ/ ناصر محمد الأحمد الجابر الصباح – رئيس مجلس الوزراء – على مرأى من آخرين وقائع لو صحت تستوجب عقابه وتؤذي سمعته وذلك بأن نسب إليه الوقائع الواردة بالتحقيقات في موقع ميزان الالكتروني تحت عنوان ' ناصر السابع عشر ' وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وطلبت النيابة العامة عقابه وفقا للمواد 209 ، 210 من قانون الجزاء  .
وعرضت الدعوى علي محكمة الجنح التي قضت حضوريا بجلسة 22/11/2010 بحبس الطاعن سنة مع الشغل والنفاذ عما اسند إليه من اتهام واحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المدنية المختصة وعلى إدارة الكتاب تحديد جلسة لنظرها وأخطار الخصوم بها .
واستأنف الطاعن هذا الحكم كما استأنفته النيابة العامة ، ونظرت محكمة الجنح المستأنفة الإستئنافين وانتهت في جلسة 15/12/2010 إلي القضاء بقبولهما شكلا ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به فيه والقضاء مجددا بحبس المتهم لمدة ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ عما أسند إليه من اتهام والتأييد فيما عدا ذلك .
ولم يرتضي المتهم ولا النيابة العامة ما انتهى إليه حكم محكمة الجنح المستأنفة وطعن كل منهما فيه بالتمييز ، بأن تقدم المتهم بمحامي عنه لإدارة كتاب الاستئناف بتاريخ 19/12/2010 وقرر بالطعن على الحكم أمام هذه الدائرة طالبا تمييزه ، واودع مذكرة بأسباب طعنه موقعه من محامي ، وتم قيد الطعن تحت رقم 349/2010 ، بينما قررت النيابة العامة الطعن بالتمييز بتاريخ 27/12/2010 أمام إدارة كتاب هذه المحكمة ، واودعت مذكرة باسباب طعنها وتم قيد الطعن تحت رقم 356/2010 .
المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة .
حيث قررت المحكمة ضم الطعنين رقمي 349 – 356/2010 للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد .
وحيث أن طعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة استوفيا الأوضاع الشكلية المقررة قانونا ، مما يتعين قبولهما شكلا .
وحيث أن مما ينعاه الطاعن ' المحكوم عليه ' علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي السب والقذف قد اعتراه البطلان والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه دفع أمام محكمة الموضوع بدرجتيها ببطلان التفويض الصادر من وزير الداخلية للنيابة بالادعاء لمخالفة حكم المادة 9/3 من قانون الإجراءات الجزائية وبطلان تمثيل النيابة العامة في الجنحة المسندة إليه مما يبطل تشكيل المحكمة ، بيد أن الحكم رد علي ذلك بما لا يسوغ ، مما يعيب الحكم ويوجب تمييزه .  
وحيث أن الثابت من الاطلاع علي الأوراق أن وكيل المجني عليه قدم شكوى للسيد النائب العام في تاريخ 13/1/2010 متهما فيها الطاعن ' المحكوم عليه ' بارتكاب جرائم السب والقذف المعاقب عليها بالمواد   209 ، 210 من قانون الجزاء ، قبل موكله ، طالبا تحريك الدعوى الجزائية واتخاذ الإجراءات القانونية قبله ، فقام السيد النائب العام بالإنابة بمخاطبة وزير الداخلية بكتاب مرسل بتاريخ 26/1/2010 يطلب فيه تفويض النيابة العامة في مباشرة التحقيق والتصرف والإدعاء بالشكوى الماثلة استنادا علي المادة 9/3 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية ، وبناء علي ذلك أصدر السيد وزير الداخلية قراره رقم 441/2010 المؤرخ في 4/2/2010 بتفويض النيابة العامة بالتحقيق والتصرف والإدعاء في الشكوى محل الدعوى الماثلة استنادا علي حكم المادة 9/3 إجراءات ، وقد بأشرت النيابة العامة بموجب هذا التفويض التحقيق والتصرف و الإدعاء ، بأن حققت بالشكوى ، وأسندت الاتهام للطاعن ، وإحالتها لرئيس المحكمة الكلية بقائمة أدلة الثبوت وتقرير اتهام قبل الطاعن ، وتم تحديد جلسة لها أمام دائرة جنح تجارة /7  ، وحال انعقاد جلسات محكمة أول درجة قامت النيابة العامة بتمثيل الإدعاء فيها بحضور ممثلها الأستاذ/ محمد جاسم وكيل النيابة وفق الوارد بمحاضر جلساتها وحكمها الصادر في جلسة 22/11/2010 والذي قد قضى بإدانة الطاعن ومعاقبته بالحبس سنة مع الشغل والنفاذ عما اسند إليه ، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة وعلى إدارة الكتاب تحديد جلسة لنظرها وأخطار الخصوم بها ، واستأنف الطاعن الحكم كما استأنفته النيابة العامة ، ولدى انعقاد جلسات محكمة الجنح المستأنفة ونظر استئناف الدعوى الماثلة بأشرت النيابة العامة الإدعاء فيها بحضور ممثلها الأستاذ/ احمد السدرة وكيل النيابة أمامها كما هو ثابت من محاضر جلساتها وحكمها الصادر في جلسة 15/12/2010 الذي انتهى إلي القضاء بقبول الاستئنافين شكلا ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به فيه والقضاء مجددا بحبس المتهم لمدة ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ عما أسند إليه من اتهام والتأييد فيما عدا ذلك ، وقد تمسك الطاعن في مذكرة دفاعه أمام المحكمة بدرجتيها ببطلان التفويض الصادر من وزير الداخلية للنيابة بالادعاء لمخالفة حكم المادة 9/3 من قانون الإجراءات الجزائية وبطلان تمثيل النيابة العامة في الجنحة المسندة إليه ومن ثم بطلان تشكيل المحكمة ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد رد علي دفاع الطاعن في هذا الشأن بقالة ' أن قانون الإجراءات والمحاكمات  الجزائية في مجمله لم يتضمن نصا صريحا يجعل عضو النيابة العامة أو عضو إدارة التحقيقات الذي يباشر الادعاء والاتهام أمام المحكمة الجزائية ضمن تشكيل المحكمة وإنما تعامل معها كخصم عادي في الدعوى الجزائية فأطلق عليهما مصطلح المدعي ومن ثم فان كل ما تعلق بمثوله من الشكليات التي لا ترتب البطلان وعليه لا يجوز استحداث قواعد إجرائية من مصادر وهمية بذريعة الأخذ بروح النصوص والقضاء بالبطلان لمخالفتها دون وجود نص صريح يوجبه ' .
ولما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه علي هذا النحو يخالف ما استقرت عليه أحكام محكمة التمييز ، إذ قضت محكمة تمييز الجنايات في الطعن رقم 75/99 جزائي الصادر بجلسة 13/12/1999 بما مفادة أن تمثيل النيابة العامة بمحكمة الجنايات شرط وجوبي لصحة انعقاد المحكمة وان تخلفها عن المحاكمة يعيب الحكم الجزائي ويؤدي الي بطلان انعقاد المحاكمة الجزائية ، وهو ما جرى به قضاء ' محكمة الاستئناف العليا بهيئة تمييز ' في الطعن رقم 26/2010 تمييز بالجنح الصادر بجلسة 17/5/2010  -  والطعن رقم 249/2010  تمييز الجنح  بجلسة 25/10 /2010 '  ، إذ قررت في أحكامها أن تمثيل النيابة العامة بمحكمة الجنايات وتمثيل المحققون بمحكمة الجنح شرط وجوبي لصحة انعقاد المحكمة وان تخلفهم عن المحاكمة يعيب الحكم الجزائي ويؤدي إلي بطلان انعقاد المحاكمة ، مقرره بذلك أن حضور ممثل الإدعاء 'النيابة أو المحقق' شرط جوهري في تشكيل المحاكمة وعضو أساسي في تشكيل المحكمة ، ومن ثم فأن مخالفة الحكم المطعون فيه لهذا المبدأ يعد خروج على القانون واهدار لحجية الأحكام القضائية ومساس بقيمتها ، بل أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه برده بهذا الخصوص هو مخالف لمفهوم أحكام قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية ، إذ أن عدم تضمن قانون الإجراءات نص صريح في وجوب حضور جهة الإدعاء جلسات المحاكم ، لا يعني أن حضوره ليس شرطا جوهريا في تشكيل المحاكمة ، بل علي العكس من ذلك يعد عضوا أساسيا في تشكيل المحكمة وحضوره أمام المحكمة وجوبي وبغير وجوده تكون المحاكمة باطلة ، وليس كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من فهم خاطئ باعتبار حضوره من الشكليات وأن وجوبه هو استحداث قاعدة إجرائية من مصادر وهمية ومخالفة لمبدأ الشرعية ، إذ أن الأصل العام في مبدأ الشرعية الإجرائية أنه إذ خلا من النص صراحة فأن ذلك لا يمنع من الاجتهاد القضائي الذي تبرز الحاجة إليه في حالة نقص النصوص دون المساس بالمبدأ القضائي الشهير ' لا اجتهاد في ظل وجود النص ' بل أن عدم وجود نص يبرز الحاجة للاجتهاد القضائي بما لا يتعارض مع صريح النصوص وما تضمنته من غايات تشريعية لا سيما إذا كان هذا الاجتهاد مدفوعا بغايات أسمى توختها التشريعات بكافة أطيافها والتي تتمثل في تحقيق العدالة بمفهومها الشامل .
حيث أن ضرورة حضور ممثل لجهة الادعاء - وكيل النيابة أو المحقق – أمام المحكمة الجزائية تستشف من نص المادة 167 من الدستور الكويتي بأن تتولى النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع ، ... ويجوز ان يعهد بقانون لجهات الامن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء ، ووفقا لهذا النص لا تنعقد الخصومة ما لم تكن المدعيه حاضره الجلسة ، والتي أشارت إلي كون ' النيابة العامة أو جهات الأمن العام – المحقق ' تتولى عملها باسم المجتمع ، وتتولى مباشرة الدعوى الجزائية بطلب توقيع العقوبة علي المتهمين ومباشرة إجراءات الاتهام ، ويؤكد هذا الواقع العملي للمحاكم الجزائية التي لا تعقد جلساتها في غيبة ممثل الإدعاء ' النيابة العامة – المحقق ' عملا لمفهوم مقاصد عبارات نصوص المواد 9 ، 105 ، 120 ، 121 ، 122 ، 133 ، 134 ، 137 ، 139 ، 140 ، 168 ، 187 ، 188 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية ، التي تشير إلى أن دور ' النيابة العامة والادعاء العام ' لا ينحسر بالتحقيق والتصرف بل يستمر في مباشرة الادعاء أمام المحكمة ، ولا يمكن تفسير المباشرة من غير حضور المحاكمة ، بينما نجد تلك النصوص في تنظيمها للمحكمة في غيبة المتهم والتقرير له بحق المعارضه علي خلاف ممثل الإدعاء بعدم أحقيته بالمعارضه يؤكد حتمية وجوده بالتشكيل وعدم أمكانية انعقاد المحاكمة في غيبته أو صحة التشكيل من دونه ، ولا يقدح من ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه من أنه تعامل مع ممثل الإدعاء  كخصم عادي في الدعوى الجزائية حين أطلق عليه مصطلح المدعي ، إذ أن ذلك مردود عليه في قانون المرافعات وهو القانون العام باشتراط حضور المدعي في دعواه أمام المحكمة والا ترتب عليها الشطب ، أي أن حضور المدعي شرط لانعقاد الخصومه بالدعوى المدنية ، فكيف بالدعوى الجزائية وقد اوكلت الولاية فيها لممثل الادعاء ' النيابة او المحقق بالداخلية ' ، ومن كل ما تقدم فأن حضور ممثل جهة الادعاء شرطاً جوهريا في تشكيل المحاكمة وعضوا أساسيا في تشكيل المحكمة وبغير وجوده تكون المحاكمة باطلة ، وهو ما يتعين معه طرح ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لمخالفته صحيح القانون وما استقر عليه الفقه و القضاء .
وحيث أن ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في رده علي دفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع بدرجتيها ببطلان التفويض الصادر من وزير الداخلية للنيابة بالادعاء لمخالفة حكم المادة 9/3 من قانون الإجراءات الجزائية وبطلان تمثيل النيابة العامة في الجنحة المسندة إليه وبطلان من ثم تشكيل المحكمة بقالة ' النيابة العامة هي وحدها وليس غيرها صاحبة الاختصاص في مباشرة إجراءات الاتهام في الدعوى الجزائية في الجنح المفوضه من وزير الداخلية ، وان القول بغير ذلك فيه خروج علي الدلالة الواضحة والصريحة لنصوص سالفة الذكر مجتمعة بذريعة التأويل البعيد ومخالفة القواعد الأصولية التي تقضي بحظر الاجتهاد مع صراحة النص ، مقررا بأن الاستثناء علي الاستثناء عودة للأصل العام مستندا في ذلك على حكم المادة 167 من الدستور الكويتي والمواد 9 ، 105 ، 106 ، 107 من قانون الإجراءات '. فمردود عليه أنه قد شأبه التناقض ، حال تقريره أن النيابة العامة هي وحدها وليس غيرها صاحبة الاختصاص في مباشرة إجراءات الاتهام في الدعوى الجزائية ثم يعود ليقرر بذات الأسباب بأن حضورها غير لازم ، هذا فضلا علي أن ما أورده في أسباب رده هو أهدار لحجية الحكم القضائي الصادر من هذه الدائرة ' هيئة تمييز الجنح  ' في الطعن رقم 249/2010  تمييز الجنح المستأنفة بجلسة 25/10 /2010 ' ومساس بقيمته ، بل أن رده علي النحو السالف مخالف للقواعد الأصولية في تحديد معنى النصوص وتفسيرها التي ينبغي للوصول لمعناه تحليل ظروف تشريعها ، فلا يمكن معرفة معنى النص بمعزل عن تلك الظروف ، إذ يتعين لتفسير النصوص ومعرفة معانيها ومغزاها عدم الوقوف عند ألفاظها بل يجب اللجوء إلى العوامل المختلفة ومنها الأصل التشريعي وظروف تعديل النص التشريعي ، فقاعدة عدم جواز الاجتهاد في ظل صراحة النص التي يتمسك بها الحكم المطعون فيه مشروط لانطباقها عدم تعارض النص مع أحكام وردت في نصوص تشريعية أخرى ، فنص المادة 9 إجراءات يتعارض مع ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه ، ولبيان ذلك في الواقعة الماثلة وبيان الجهة المختصة في الحضور أمام المحكمة وتمثيل الادعاء ، يستوجب استعراض نص المادة 167 من الدستور والمواد  9 ، 105 ، 106 ، 107 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية وتحليلها للوقوف علي أصلها التشريعي وظروف تعديلها ، واستيضاح ما يشوبها من تعارض إذ لا يجوز التوقف عند ألفاظها بمقولة عدم جواز الاجتهاد في ظل صراحة النص ، إذ أن هذه القاعدة يشترط لانطباقها عدم تعارض النص مع أحكام وردت في نصوص تشريعية أخرى .
ولتحديد وتحليل معنى نص المادة 167 من الدستور الكويتي : ' تتولى النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع، وتشرف على شؤون الضبط القضائي، وتسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام، ويرتب القانون هذه الهيئة وينظم اختصاصاتها ويعين الشروط والضمانات الخاصة بمن يولون وظائفها. ويجوز أن يعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء، ووفقا للأوضاع التي يبينها القانون ' .
يستوجب النظر الى ما تم في لجنة صياغة الدستور بخصوصه ، وهو ما يظهر جليا في المناقشات الوارده في محاضر مضابط تلك اللجنة في اجتماعاتها ارقام 12 - 14 - 15 - 18 المنعقدة علي التوالي في (9/6/1962  -  23/6/1962 -   30/6/1962 - 3/10/1962  ) بالمجلس التأسيسي ، والمنعقدة بحضور الامير الوالد سمو الشيخ سعد العبداله السالم الصباح رحمه الله وغفر له بصفته وزير للداخلية والسادة اعضاء اللجنة رحمهم الله وغفر لهم وهم : عبد اللطيف ثنيان الغانم - رئيس المجلس و حمود الزيد الخالد - وزير العدل و سعود العبد الرزاق - عضو المجلس و يعقوب يوسف الحميضى - عضو المجلس و الدكتور عثمان خليل عثمان - الخبير الدستوري للمجلس - و الاستاذ محسن عبد الحافظ  الخبير القانونى المنتدب من قبل الحكومة ، والتي قرر فيها بفض اشتباك الاختصاص بين النيابة العامة والمحققين بوزارة الداخلية ، بجعل الولاية بالدعوى العمومية في الجنايات للنيابة العامة ، بينما تعهد الولاية بالدعوى العمومية في كل الجنح دون استثناء لوزارة الداخلية ، وترك أمر معيار تحديد الاختصاص في المستقبل وفقا للأوضاع التي يبينها القانون ، وفق ما اقترحه الدكتور عثمان خليل عثمان ، ومن خلال ذلك الطرح والمناقشة بين أعضاء اللجنة والخبراء القانونين يؤكد وعيهم لمفهوم ومقاصد المعاني والكلمات في العبارات المصاغة في النصوص ، وحيطتهم علي أن تكون بعيدة عن الخطأ بقدر الامكان .
ولما كان ذلك ، فأن المشرع الدستوري قد ترك تحديد جهة الاختصاص للمشرع  الذي نظم جهة الاختصاص بخصوص جرائم الجنايات والجنح في قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الصادر بموجب القانون رقم 17 لسنة 1960 بالقانون ، وتعديلاته بموجب القانون رقم 30 لسنة 1961  ، والتي صيغت في المواد 9  - 104 - 105 - 106 - 107  من ذات القانون ، والتي يمكن علي ضوئها تفسير وتحديد قصد المشرع بشأن اختصاص النيابة العامة والمحقق بوزارة الداخلية وفقا للاتي ذكره  :
المادة ' 9 '  قبل التعديل : يتولى النائب العام سلطة الادعاء والتحقيق والاختصاصات الاخرى التي ينص عليها القانون ، ويعاون النائب العام أعضاء النيابة العامة ومحققون لهذا الغرض في دوائر الشرطة والأمن العام ، ولهم هم وضباط الشرطة صفة المحقق . '
وتم تعديله كالآتي : ' تتولى النيابة العامة سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في الجنايات . ويتولى سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في الجنح محققون يعينون لهذا الغرض في دائرة الشرطة والامن العام . وتثبت صفة المحقق ايضا لضابط الشرطة الذي يعينهم النظام الداخلي المنصوص عليه في المادة (38) . ومع هذا فان للنيابة العامة ان تحيل أية جناية على المحققين او الضباط في دائرة الشرطة لتحقيقها كما أن لرئيس دائرة الشرطة والامن العام أن يعهد للنيابة العامة بالتحقيق والتصرف في أية جنحة اذا رأى من ظروفها أو أهميتها ما يتطلب ذلك'
المادة ' 105 ' إجراءات قبل التعديل : ' يتولى النائب العام وأعضاء النيابة العامة مباشرة الدعوة الجزائية بطلب توقيع العقوبة علي المتهمين في جميع الجرائم ، ووفقا للإجراءات وطبقا للشروط المنصوص عليها في هذا القانون . '  تم تعديله للاتي : ' تتولى النيابة العامة مباشرة الدعوى الجزائية بطلب توقيع العقوبة على المتهمين بالجنايات وفقا للإجراءات وطبقا للشروط المنصوص عليه في هذا القانون .  ويتولى المحققون مباشرة الدعوى الجزائية بطلب توقيع العقوبة على المتهمين في الجنح التي تولوا التحقيق والتصرف فيها وفقا للمادة التاسعة . '
المادة ' 106 ' قبل التعديل :  ' للمجني عليه ، أو لمن ينوب عنه من ولي نفس او وكيل خاص ، حق رفع الدعوى الجزائية على المتهمين في جميع قضايا الجنح ، ومباشرة هذه الدعوى أمام المحكمة . ' 
ثم عدل النص  :  ' يتولى المحققون مباشرة الدعوى بطلب توقيع العقوبة علي المتهمين في جميع الجرائم التي يملكون فيها سلطة التحقيق والتصرف والادعاء وفقا للفقرة الثانية من المادة 9 وذلك طبقا للشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون . '
المادة ' 107 ' النص قبل التعديل : ' من له حق مباشرة الدعوى الجزائية يتولى إجراءات الاتهام فيها أمام المحكمة ، ومع ذلك يجوز في جميع الأحوال أن يتدخل النائب العام وأعضاء النيابة العامة ، في أية حالة كانت عليها الدعوى لتولي إجراءات الاتهام ، ولو كانت الدعوى مرفوعة من أحد المحققين من غير أعضاء النيابة العامة أو من المجني عليه . وللمجني عليه ، إذا كان هو الذي رفع الدعوى أن يبقي في الخصومة إلى جانب النيابة العامة ، كما أن له أن ينسحب منها ، علي أن هذا الانسحاب لا يؤثر في حقوق المتهم قبله . '  ، وتعدبله :  ' يتولى إجراءات الاتهام في الدعوى الجزائية من بأشر التحقيق والتصرف ' .
وحيث أنه يفهم من تلك التعديلات ، أنه بينما كانت النيابة العامة بموجب المادة '9' إجراءات قبل التعديل هي صاحبة الولاية العامة بالدعوى العمومية وحدها دون غيرها ، وان النائب العامة هو صاحب السلطة في الاختصاص بمباشرة التحقيق والتصرف والادعاء ، وتبعية أعضاء النيابة العامة ومحقق الشرطة له دون غيره ، الا أن هذا الامر لم يستمر طويلا ، وقام المشرع بتعديله بموجب   القانون 30 لسنة 1961 ، إذ تم الفصل التام ما بين ولاية الدعوى العمومية بالجنايات والتى تختص فيها النيابة العامة من جهة ، والولاية في الدعوى العمومية في الجنح وتبعيتها لوزير الداخلية ، وبذلك يكون المشرع قد تبني الرخصة المقررة بموجب الفقرة الثانية من المادة (167) من ذات الدستور والتي تقرر '...ويجوز أن يعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء ، وفقا للأوضاع التي يبينها القانون '  ، وهذا التعديل يؤكد الرغبة التشريعية بالفصل التام ما بين جهتي التحقيق والتصرف والادعاء وعدم افتئات جهة على اختصاص الأخرى أيا كانت الجهة صاحبة الاختصاص الأصيل ، بينما جاء في الفقرة (2) من المادة ' 9 ' إجراءات أحكام التفويض بالاختصاص بعبارات صريحة في أن التفويض الصادر من النيابة العامة إلى المحققين أو ضباط الشرطة يقتصر على التحقيق بالجناية دون التصرف والادعاء فيها ، بينما التفويض الصادر من رئيس الشرطة والأمن العام (وزير الداخلية) يشمل التحقيق والتصرف دون الادعاء ، ومع ورود حكم الفقرة الثانية بهذه الصياغة الصريحة رغم تزامنه مع صياغة الفقرة الأولى التي جاءت بالسلطات الثلاث (تحقيق وتصرف وادعاء) يتضح أن احتمال ورود الخطأ المادي في هذا النص القانوني يقوم على نسبة ضعيفة جدا التزاما بالقاعدة الأصولية في التفسير بأنه لا اجتهاد مع صراحة النص ، ولا محل بعد ذلك للقول أن من يملك الكل يملك الجزء لمد سلطة النيابة العامة علي الجنح ، لمخالفة ذلك لصريح النص واهدار لغايته التشريعية ، التي تؤكد بصراحة أن الولاية العامة في الدعوى الجزائية مناطه لجهتين النيابة العامة في الجنايات ووزير الداخلية في الجنح ، وهذا يدحض ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من قوله أن النيابة العامة هي صاحبة الولاية العامة في الدعوى الجزائية دون غيرها .
ولما كان ما تقدم ، فأن صاحب الاختصاص الأصيل في التحقيق والتصرف والإدعاء في جرائم الجنح هو المحقق المعين من وزارة الداخلية ، كأصل عام ، والاستثناء منح لوزير الداخلية الحق في أن يفوض النيابة العامة بالتحقيق والتصرف في أية جنحه أذا رأى من ظروفها أو أهميتها ما يتطلب ذلك ، فصاحب سلطة التفويض في الجنح هو وزير الداخلية فقط دون غيره ، والمفوض إليه هي النيابة العامة ، ولا يجوز التفويض لغيرها ، ومحل التفويض يجب أن يقتصر علي سلطة التحقيق والتصرف ، مما يعني عدم جواز التفويض في حق الإدعاء ، فهو حق أصيل للمحقق لا يجوز فيه التفويض ، ومن ثم فأنه لا يجوز للنيابة العامة ممارسه ومباشرة الإدعاء في الجنح من نفسها أو بناء علي تفويض من وزير الداخلية ، وأن أي تفويض بخصوص مباشرة الإدعاء لغير محقق الشرطة يقع باطلا لعدم مشروعيته ، علي أنه يجوز وفقا لقانون يصدره المشرع مخالفة المادة ' 9 ' إجراءات ، كما فعل بخصوص جنح الأحداث وجرائم جنح إصدار شيكات بدون رصيد وجنح التجارة إذ عهد الاختصاص في التحقيق والتصرف والإدعاء لتلك الجرائم للنيابة العامة رغم كونها جنح ، وهذا هو الأصل العام الوارد بحكم المادة ' 9 ' من قانون الإجراءات بخصوص ممارسة حق الإدعاء في الجنح ولا يجوز مخالفة القانون بقرار صادر من وزير الداخلية لمخالفة ذلك لمبدأ المشروعية ، ويؤكد ذلك نص المادة ' 105 ' إجراءات إذ أنه قبل التعديل كانت النيابة العامة صاحبت الدعوى العمومية في الجنح والجنايات عموما دون استثناء ، ثم عاد المشرع بموجب التعديل ، بفصل الاختصاص بين الجنايات والجنح ، بجعل اختصاص الجنايات تعهد للنيابة العامة ، بينما تعهد اختصاص الجنح إلى المحقق التابع لوزير الداخلية وذلك تمشيا مع نص المادة 9 إجراءات، وهو ذات المسار الذي اتبعه المشرع في تعديل نص المادة ' 106 ' بإلغاء الدعوى المباشرة التي كان مسموح فيها للمجني عليه أن يقوم بالادعاء مباشرة للمحكمة ، وجعل صاحب الاختصاص في تحريك الدعوى الجزائية للنيابة العامة بالجنايات ومحقق الشرطة في الجنح طبقا للشروط والإجراءات المنصوص عليها في المادة 9 ووفقا لفقرتها الثانية ، ولا يقدح من ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه في رده من أن نص المادة 107 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية نص صريح يبيح للنيابة العامة مباشرة الإدعاء بالجنح المفوضه لا يجوز الاجتهاد بمخالفته ، إذ أنه مردود عليه أن قاعدة عدم جواز الاجتهاد حال صراحة النص مشروط انطباقها بعدم تعارض النص مع أحكام وردت في نصوص تشريعية أخرى كما هو ثابت في المادة ' 9 ' الأكثر صراحة في معالجة حق الإدعاء ، وأن تعديل المادة 107 إجراءات من قبل المشرع جاء تمشيا مع التعديلات التي تمت في المواد  9 ، 105 ، 106 ومتزامنا معها ، وهو ما يستوجب ضرورة تفسيرها في ظل علاقته بالنصوص الأخرى المرتبطة به ، وتطبيقا لذلك فأن نص المادة (9) إجراءات على القاعدة العامة في الفقرة الأولى منها والتي قررت اختصاص النيابة العامة في التحقيق والتصرف والادعاء بالنسبة لجرائم الجنايات بينما قصرت ذات الاختصاص على المحقق بوزارة الداخلية في جرائم الجنح ، بينما أجازت المادة في الفقرة (2) منها التفويض الجزئي بالاختصاص سواء كان من النيابة العامة للمحقق أو العكس  ، ومما لا ريب فيه أن النص القانوني لا يتصور افتراض ورود الخطأ المادي فيه ما لم يقم الدليل على ذلك ، ومن ثم فأنه ينبغي التأكيد على أن التعديل التشريعي للمادة (9) من قانون الإجراءات بصياغتها الحالية قد واكب أو عاصر إضافة المادة (107) بصياغتها الحالية بحيث كلا النصين قد جاء بالقانون رقم 30/1961 ، فبينما كان النص السابق للمادة (9) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية قبل تعديله قرر توحيد جهة التحقيق سواء في الجنايات أو الجنح من حيث التبعية بحيث يرأس كلا الجهتين النائب العام ، الا أنه بمقتضى التعديل فصل ما بين جهتي التحقيق والتصرف والادعاء وعدم افتئات جهة على اختصاص الأخرى أيا كانت الجهة صاحبة الاختصاص الأصيل ، ونظم أحكام التفويض في الفقرة (2) من ذات النص القانوني وفي ضوء صراحة ذلك النص ، فإن التفويض الصادر من النيابة العامة إلى المحققين أو ضباط الشرطة يقتصر على التحقيق بالجناية دون التصرف والادعاء فيها ، بينما التفويض الصادر من رئيس الشرطة والأمن العام (وزير الداخلية) يشمل التحقيق والتصرف دون الادعاء . ومع ورود حكم الفقرة الثانية بهذه الصياغة رغم تزامنه مع صياغة الفقرة الأولى التي جاءت بالسلطات الثلاث (تحقيق وتصرف وادعاء) يتضح أن احتمال ورود الخطأ المادي في هذا النص القانوني يقوم على نسبة ضعيفة جدا التزاما بالقاعدة الأصولية في التفسير بأنه لا اجتهاد مع صراحة النص ، ويؤكد صحة هذا التفسير الاستخدام المتواتر من قبل المشرع لمصطلح 'المحقق' في النصوص القانونية المنظمة لإجراءات التحقيق الابتدائي والتصرف في التحقيق وهو لفظ يشمل النيابة العامة ومحقق وزارة الداخلية، بينما في مرحلة المحاكمة (باب الخصوم في المادة 105) لم يستخدم المشرع لفظ عام يشمل النيابة العامة والادعاء العام في وزارة الداخلية مثل مصطلح 'سلطة الادعاء' أو 'سلطة الاتهام'، إنما استخدم المشرع لفظا مميزا لكل جهة ادعاء (سواء النيابة العامة أو جهة الادعاء) الأمر الذي يدعو إلى تأكيد حقيقة مؤداها أن لكل جهة ادعاء اختصاص محدد لا يمكن التفويض فيه اتفاقا مع حكم المادة (9/2) سالفة البيان ، ويؤكد ذلك أن المشرع الكويتي في تعديله للمادة (106) لم يأتي بشيء جديد حيث أن الحكم الوارد فيها ما هو إلا تكرار للحكم الوارد في المادة (105/2) والعلة في ذلك أن التعديل الوارد في المادة (106) كان هدفه تحقيق غاية وحيدة تتمثل في منع 'الادعاء المباشر بواسطة المجني عليه' كوسيلة لتحريك الدعوى الجزائية ، و كأثر لهذا التعديل الوارد في المادة (106) جاء تعديل المادة (107) والتي كانت تسمح قبل تعديلها بالإدعاء المباشر من قبل المجني عليه وبإمكانية تدخل النائب العام لمباشرة إجراءات الاتهام ولو كانت الدعوى مرفوعة من أحد المحققين من غير أعضاء النيابة العامة أو من المجني عليه . لذلك جاء نص المادة (107) لتأكيد مسألة بأن من يتولى إجراءات الاتهام في الدعوى الجزائية هو من باشر التحقيق والتصرف قاصدا المشرع التأكيد صراحة على إلغاء مبدأ الفصل بين سلطة التحقيق من جهة وسلطة التصرف ومباشرة الاتهام من جهة أخرى ، ومما لا ريب فيه أن هذا النص يقصد السريان على الأصل العام الوارد بالمادة (9) لأن القاعدة في صياغة النصوص القانونية أن النصوص وأحكامها تبنى على القواعد العامة وليس على استثناءاتها ما لم يقرر المشرع صراحة خلاف ذلك ، وهذا التفسير يدعمه ما استقر عليه الوجدان القضائي من أن حضور جهة الادعاء أمام المحكمة الجزائية واعتبارها من تشكيلها أمر من المسلمات من واقع تفسير النصوص مجتمعة... ولا يجوز المساس بهذه النصوص من خلال القرار الوزاري بالتفويض أو تعديلها ، ومما يزيد دعم هذه الوجهة أن جميع النصوص التي جاءت مع تعديل نص المادة (107) مثل المادتين (105)(106) قامت بالجمع ضمن نصوصها بالسلطات الثلاث (التحقيق والتصرف والادعاء) دون الإشارة إلى مكنة التفويض بالاختصاص المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة (9) ، وما يؤكد ما سلف بيانه أن ما قضت به المادة (107) هو تولي إجراءات الاتهام ، أن إجراءات الاتهام التي اعطاه المشرع لمن يباشر التحقيق والتصرف يقصد بها كل إجراء يتضمن أسناد جريمة على المتهم ويستهدف إلى محاكمته بقية توقيع الجزاء الجنائي عليه ، ومثال ذلك صدور قرار الاتهام من النيابة العامة في الجنايات ، أو تكليف المتهم بالحضور لدى المحكمة الجزائية ، ويعتبر من ذلك حالة أعمال التصرف بالتهمة أيجاب أو سلبا ، مثال الأمر الصادر من النيابة العامة بحفظ الأوراق ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فأن ما قضت فيه المادتين 105 و106 من القانون المذكور هو مباشرة الدعوى الجنائية بطلب توقيع العقوبة علي المتهم يغاير ما ورد بالمادة 107 المشار إليها ، ويدعم ذلك ما نصت عليه المادة 53 من قانون تنظيم القضاء الحالي علي أنه تمارس النيابة العامة الاختصاصات المخولة لها قانونا ، ولها الحق في رفع الدعوى الجزائية ومباشرتها وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة ' 9 ' من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أو أي نص آخر ' ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعن بما لا يسوع به اطراحه بما يعيبه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب تميزه بغير حاجه إلى بحث باقي اوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه أو التعرض لاوجه الطعن المقدمة من النيابة العامة .
وحيث أنه عن موضوع الاستئناف وكان ما تقدم ، وكانت تعديلات القانون رقم 30 لسنة 1961  التي نالت المواد 9  - 104 - 105 - 106 - 107  من قانون الإجراءات ، قد عهدت اختصاص الولاية في الجنح للمحققين في وزارة الداخلية وخولت وزير الداخلية الحق في التفويض ، و حفظ التحقيق وفق للمادتين 9 ، 104 إجراءات ، وبالتالي فأن ما يصدره وزير الداخلية من قرارات تفويض وحفظ تحقيق وفقا لهاتين المادتين هي قرارات قضائية خاضعة لرقابة وسلطة وإشراف المحكمة الجزائية المختصة وفقا لحكم  المادة 104 مكررا التي تم أضافتها بموجب قانون 6 سنة 1996 والتي تم استبدالها بموجب القانون رقم 74 لسنة 2003  .
وتطبيقا لما تقدم ذكره ، فأن قرار وزير الداخلية رقم 441/2010  المؤرخ في 4/2/2010 بتفويض النيابة العامة بالتحقيق والتصرف والإدعاء ، قرار معيب جزئيا لخروجه عن نطاق وحدود التفويض المقرر بحكم المادة 9/3 من قانون الإجراءات ، ويتعين بطلانه جزئيا بخصوص التفويض بحق الادعاء لعدم مشروعيته وفق ما سلف بيانه ، ولما كان ذلك وكانت النيابة العامة هي من  قامت بمباشرة الادعاء بالدعوى الماثلة أمام محكمة الجنح ومحكمة الجنح المستأنفة ومثلت الإدعاء فيهما كما هو ثابت بمحضر جلسة محكمة الجنح وحكمها الصادر في 22/11/2010 أن من مثل الادعاء العام فيها أمام محكمة الجنح هو السيد وكيل النيابة الاستاذ/ محمد جاسم  ، بينما من مثل الادعاء العام أمام محكمة الجنح المستأنفة هو السيد/ أحمد السدرة وكيل النيابة كما هو ثابت بمحضر جلسة المحاكمة في الجنح المستأنفة وحكمها الصادر في 15/12/2010 ، وهما ليس محققا من الإدارة العامة للتحقيقات فإن مؤدى ذلك بطلان تشكيل المحكمة بما يستتبعه بطلان الحكم الصادر فيها ، إذ أن تمثيلهما وحضورها أمام المحكمة بدرجتيها باطل ، ويترتب عليه بطلان تشكيل المحكمة لحضورها بدلا من ممثل الادعاء العام ' المحقق ' الذي لا يجوز لغيره أن يمارس حق الادعاء في هذه الدعوى لكونها من جرائم الجنح ، وببطلان تشكيل المحكمة لحضور النيابة العامة بدلا من محقق الشرطة يترتب عليه بطلان الآثار المترتبة علي تلك المحاكمة ومنها بطلان الأحكام الصادرة منها ، إذ كان يجب علي محكمة أول درجة وكذلك محكمة الجنح المستأنفة أن تعي ذلك وأن لا تساير النيابة العامة بخطئه وأن لا تسمح بحضورها كممثله للإدعاء بدلا من محقق الشرطة ، إذ أن صحة تشكيل المحاكمة تعهد إلى رئيسها ، ولما كان ذلك وكانت محكمة أول درجة ومحكمة الجنح المستأنفة قد سمحت بذلك فقد وصمت أحكامهما بالبطلان في التشكيل ، إذ أن نص المادة ' 9 ' إجراءات ، تفيد من أن المحققون في وزارة الداخلية هم وحدهم أصحاب الحق في تمثيل الادعاء العام في مواد الجنح أمام محكمة الجنح بعد انتهاء النيابة العامة من التصرف فيها ، فإذا حل محلهم غيرهم حتى لو كانت النيابة العامة فان هذا التمثيل للادعاء أمام محكمة الجنح يصبح باطلا ويبطل من بعده تشكيل هذه المحكمة التي أصدرت الحكم باعتباره قد صدر من محكمة غير مشكله بشكل صحيح وفقا للقواعد المار بيانها ، ولا يصحح ذلك العيب الاستناد إلي تفويض وزير الداخلية لبطلانه بخصوص حق الادعاء ، الذي لا ينال ما تم في الدعوى من تحقيق وتصرف ، ويتعين والحال كذلك عدم الاعتداد بالأحكام الصادرة واعتبارها كان لم تكن مما يستوجب الغاء الحكم المستأنف .
وحيث أنه عن موضوع الاستئناف فلما كان ما تقدم ، وكان من المقرر أن التقاضي في المواد الجزائية بالنسبة للجنح علي درجتين وهي محكمة الجنح ' المادة ' 4 ' من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية ' ومحكمة الجنح المستأنفة ' المادة 6 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية ' واستحدث المشرع طريقا استثنائيا للطعن في الجنح أمام محكمة الاستئناف العليا بهيئة تمييز ' المستحدثه بالمادة ' 200 مكررا ' من القانون رقم 17 لسنة 1960 بإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية المضافة بالقانون رقم 73 لسنة 2003 ' ، فأن هذه المحكمة لا تستطيع التعرض لموضوع الاتهام والفصل فيه لان ذلك فضلا علي انه يعد اخلال بمبادئ التقاضي على درجتين وهو مبدأ دستوري حافظ عليه المشرع ، إذ أن في ذلك تفويت لدرجة من درجات التقاضي علي المتهم وهي محكمة الجنح الابتدائية الامر الذي يتعين معه علي هذه المحكمة أن تقضي باعادة الاوراق لمحكمة الجنح لنظرها بهيئة مشكلة تشكيلا صحيحا وفقا لقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا ، وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه، وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الأوراق إلي محكمة أول درجة لتحديد جلسة لنظرها وإعلان المتهم .

أمين سر الجلسة
رئيس الدائرة المستشار
نايف محمد المطيرات

10:23:48 AM

أصدرت محكمة التمييز صباح اليوم حكما باطلاق سراح الكاتب والمحامي محمد عبدالقادر الجاسم، وذلك في حكم شبيه بحكم إطلاق سراح الناشط السياسي خالد الفضالة، وذلك لوجود خطأ باجراءات حبسه.

وجاء حكم التمييز في القضية المرفوعة من قبل رئيس الوزراء ضد الجاسم، على خلفية مقال كتبه الأخير بعنوان 'ناصر السابع عشر'، حيث أصدرت محكمة الجنح المستأنفة حكما في 15 ديسمبر الماضي بحبس الجاسم ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ

وكانت محكمة الجنايات قضت في 22 نوفمبر الماضي بحبس الجاسم عاما مع الشغل والنفاذ، وذلك أثر مقال نشره الاول في موقعه الإلكتروني بعنوان 'ناصر السابع عشر'.

وفي أول تعليق له، قال عماد السيف محامي رئيس الوزراء ان الجاسم يعود إلى محكمة أول درجة محملا بتهمتي السب والقذف بحق سموه، مبديا ترحيبه واستعداده للبدء من جديد.

وأضاف السيف في تصريح صحافي: لا بد من وقفة لحسم الخلاف القضائي بين المحاكم الذي يدفع ثمنه المتهمون أنفسهم، ولكي تستقر المبادئ القضائية. 

للمزيد من التفاصيل، أنظر إلى الرابط ادناه:

 http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=61291&cid=48

http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?cid=48&nid=64322

للمزيد أنظر أدناه صورة ضوئية من الحكم:

الآن - المحرر القانوني

تعليقات

اكتب تعليقك