قادة الجيش الكويتي منذ النشأة حتى التحرير 1-7

محليات وبرلمان

9066 مشاهدات 0


     في سنوات لم تبتعد عنا كثيرا، بذل شهداؤنا الابرار أرواحهم فداءً للوطن، و بمناسبة ذكرى تحرير الكويت من العدوان العراقي الغاشم، نتذكرهم بالإجلال والتقدير، عسى الله ان يتقبلهم بواسع رحمته. كما إن من الوفاء ان نذكر رجالاً آخرين يستحقون الثناء، حملوا لواء قيادة التشكيلات العسكرية الكويتية منذ ان كانت بسيطة العدد والعدة، حتى أصبحت جيشاً محترفاً نلتف حوله ونعتز به وبرجاله.  
لن نصنع أبطالاً من فراغ، لكن مما لاشك فيه انه كلما تراجع عدد من نفتخر بهم من رموز وطنية ، كلما زادت شريحة من تزيدنا افعالهم إحباطا، فيتسلل القنوط، الى نفوسنا ومعها يختفي الاحساس بالعزة الوطنية.
 

القائد و القيادة


     القيادة صفة،ومن الصعوبة أن تجد من يحقق معناها وذلك أمر مؤلم ،لكن الاشد ايلاما ان تجد القائد  الوطني الفذ بما تحمله هذه الصفة من معاني،فتدفن انجازاته تحت ركام نجاحات الاخرين الزائفة،أو يدفعها جانبا طموح الأجيال الشابة المتعجل لتحقيق الحضور، دون ان يعي  الجيل الجديد حاجته الى ذلك القائد كقدوة . صحيح انه لم يذكر عن المجتمع الكويتي النظر بسحر أو بافتتان الى القادة العسكريين المزينة صدورهم بالاوسمة والنياشين،رغم شيوع ذلك في أعرق الديمقراطيات المعاصرة،ربما لبعد الكويت عن كونها مجتمع عسكري يخرج من حرب ليدخل أخرى.


 لقد تعرضت اسماءالقادة المخلصين في تاريخ الكويت للنسيان واحيانا للتهميش من قبل أصحاب طروحات لا زالت تنهل من أرث الستينيات العربي المنكسر،والمترع بفوبيا العسكر والنظر لهم نظرة الريبة والانتقام منهم بالإنكار لجهودهم. وهو استمرار مصطنع للصراع الأزلي بين المثقف والسلطة بشكل عام في صورة العسكري. ومن جانب آخر اصبحنا لا نرى مقاربة للحياة العسكرية في الكويت من قبل مثقفينا ألا ونرى مفردات  سطحية تنم عن تحامل جاف ، مثل عدم الحاجة لهم بالاحتماء بالمعاهدات والقوات الاجنبية، ثم شماعة ماجرى إبان الغزو من احداث وتجاهل مواقف ابطالنا في الغزو والتحرير.

 تلك النظرة لم يستطع العسكري القابع في داخلي رغم تقاعدي من تجاوزها ،وأجد نفسي لا أريد بل لا أنوي،أن أتقدم بالتبرير أوشرح  حاجتنا للحلفاء أو ما حصل في الغزو كرد فعل على جحود من يعمل على التقليل من قدر جيشنا أو مسح يوم الغزو من ذاكرتنا. ولولا أقتران يوم التحرير بيوم العيد الوطني،ولولا الخوف من الجيل الذي عاصرها ولم يرحل بعد إلى عالم الآخرة، لتم من قبل البعض إلغاء الاحتفالات بيوم التحرير لأنه يذكرهم بانجازهم القاصر في تلك الايام المجيدة.

 
 وفي دراستنا هذه لم يكن من العسير تحديد القادة في 'زمن الخوف' ،وعصر الغارات والغارات المضادة في تاريخ الكويت المبكر،حيث كانت صعوبة الحياة وخطورة الحرب عامل مساعد لتمييز من يستحق الحصول على اللقب .أما في وقتنا الراهن فقد حددت المناصب الوزارية والرتب العسكرية من له الحق في قيادة القوات المسلحة. ولأحتواء المقصود بالقائد -في الوقت الراهن -حصرنا تتبعه في مناصب محددة هي وزير الدفاع ورئيس الاركان العامة للجيش، دون ان نغفل دور الشيخ عبدالله المبارك والشيخ صالح المحمد الصباح لما كان لهما من دور في تشكيل المؤسسة العسكرية حين نشأتها.


وفي الفترة الاولى كان آل الصباح هم قاة الجيش بشكل عام حتى استقلال الكويت 1961م، ومن ضمن مجموع من تداولوا منصب قيادة الجيش بعد الاستقلال في هذين المركزين وعددهم 15 قائدا وجدنا ان منصب قائد الجيش في جانبه السياسي قد تم شغله من قبل ثمانية وزراء من الاسرة الحاكمة منذ الاستقلال حتى الان، وما ذلك إلا دليل على ان المؤسسة العسكرية كانت أحدى معاقل ابناء الاسرة حيث عملوا وابدعوا.
كان رجال آل الصباح مع اخوانهم في الجيش ينتمون الى الجيل ذاته ومن نفس الخلفية الثقافية نفسها،ويتنافسون على منصب واحد بنفس درجة انفتاح الفرصة حيث  شغل آل الصباح  منصب رئيس الاركان مرتين فقط من ضمن روؤساء الاركان السبعة،وكانوا عسكريين محترفين ولم تكن العسكرية بالنسبة لهم حلقة وظيفية لازمة لتأهلهم كما هي الحال في معظم الدول ذات الاسر الحاكمة بل أستمر معظمهم في منصبه  حتى التقاعد .
 
ولابد من الاشارة أولا إلى ان وزير الدفاع يشغل منصب سياسي بينما يشغل رئيس الاركان منصب عسكري وفي العلاقة بين المستويين السياسي والعسكري لايستطيع وزير الدفاع رغم صلاحياته الواسعة أن يصدر تعليماته العسكرية لجنود الجيش دون اللجوء إلى رئيس الأركان لأنه القائد التنفيذي المباشر، وفي الوقت نفسه لايستطيع  اتخاذ القرارات المصيرية دون الرجوع إلى الحكومة التي هي الاخرى ملزمة بالرجوع الى مجلس الدفاع الاعلى كما في الديمقراطيات الحديثة. وفي السياق نفسه  يستمد رئيس الأركان صلاحياته من وزير الدفاع  الذي هو قائد بهذا التراتبية ،وخضوع رئيس الأركان لوزير الدفاع يتم في الموضوعات السياسية والإستراتيجية، وليس في تفاصيل عمله التكتيكية العملياتية .

يتبع غدا  بالجزء  الثاني ....قادة الجيش الكويتي في زمن الغارات

د. ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك