التجمع السلفي...ومجلس الأمة

زاوية الكتاب

كتب 1971 مشاهدات 0


في أحد القصص الفكاهية المشهورة، يحكى أن هناك غابة من الغابات الآمنة التي تنعم بالاستقرار تحت ظل الحاكم الأسد والذي يستند على وزيره النمر. وكانت هذه الغابة تمتاز بالعيش الكريم بين أفرادها، إلاّ أنها لا تخلو من مناوشات النمر على أحد سكان الغابة ألا وهو القرد.
 كلما مرّ القرد في طريقه بأمان يستوقفه النمر بلا سبب حقيقي، وبحجة أنه 'ليش مو لابس طاقية' فيكيل عليه من الضرب المبرح. فمن أين لهذا القرد المسكين طاقية!!!  وأخذ هذا الموقف يتكرر على هذا القرد المسكين مراراً...فلم يجد هذا المسكين إلاّ أن يشتكي على هذا النمر الطاغي ويتجه إلى سيد الغابة، الأسد. وعندما سمع الأسد الشكوى أخذ بخاطر القرد كونه أحد رعيته ووعده أن يجد حلاًّ لهذا النمر المتسلط. فأمر باجتماع طارئ مع وزيره واستفسر عن صحة شكوى القرد. فأجاب النمر بكل ثقة 'نعم أنا لا يعجبني شكل القرد' وأشعر بالرغبة في ضربه.
 فطلب منه الأسد أن يضع مبرراً اتصرفه على الأقل، إذا كان من بد أن يضرب القرد. فمثلا أن يطلب من القرد أن يحضر تفاحة، فإذا أحضر تفاحة خضراء، فأضربه بحجة أنك تريدها حمراء...وهكذا. فاقتنع النمر وانتهى الاجتماع.وفي أحد الأيام، جاء القرد مسرورا وبثقة الأمان التي أولاها له الأسد، ومرّ على النمر. فناداه النمر بدهاء، فأتاه القرد بحذر متسائلا عما يريده!!!...فطلب النمر منه تفاحة، فاستفسر القرد بنباهة قائلاً: تريدها حمراء أو خضراء؟!!!...فرجع النمر لعادته بالضرب قائلاً: ليش مو لابس طاقية!!!!هذه القصة أصبحت مثلاً يضرب في شأن الشخص المتسلط الذي يعتدي على غيره من غير مبرر واضح ليرضى رغباته الداخلية أو أجندات خاصة.
 ولطالما أسقطناها على واقع التي تتعامل به أمريكا مع حليفتها إسرائيل ضد العرب وفلسطين. دائما تبرز نفسها امريكا بأنها حليف محايد بالرغم إنها في الواقع تساند إسرائيل وتخلق لها المعاذير، وهكذا أحداث تتكرر مع شعب سوريا وغيرها من العرب المساكين!!!.  ولا أدري لماذا تذكرت هذا المثل عندما ترددت الأخبار عن موقف تجمع السلفي في التصويت على رئاسة البرلمان!؟ّ! حيث اشترط التجمع  بتعديل المادة الثانية من الدستور، وكأنه مبرر تسلطي حتى يتبع سياسة الحكومة سواء من بعيد أو قريب.
ولم يخطر في بالي يوما أن أشعر بالتجمع السلفي يخطو على أثر هذا المثل. أعتقد أن التجمع السلفي من التيارات السياسية الهشة التي يسهل على الحكومة تسييرها سواء عن طريق فتوى طاعة ولي أمر، أو معاونة فاسق، أو تعديل المادة الثانية وغير ذلك من الأحداث التي شهدناها من خلال العون والدعيج وبرد والعمير وباقر وغيرهم.
كما يؤلمني أن دورهم السياسي يؤثر سلبا على إنجازاتهم الخيرية والدعوية والاجتماعية. وأعجب جدا أن هذا التجمع يساوم القوى الإصلاحية (المعارضة) في رئاسة المجلس كأنهم ضامنين أن الحكومة ستقف معهم في تعديل المادة الثانية!!! والحكومة هي أحرص الجهات التي لن ترضى بتعديل هذه المادة لكونها تعارض سياسة الدولة الاقتصادية والدولية، فعلى هذا التجمع لا يختلق الأسباب ضد المعارضة وعليه أن يكون عقلاني في مطالباته ويكسب محبة القوى الأخرى بطرح أسلمة القوانين التي تحظي بقبول واسع سياسيا وشعبيا وسيكون مردودها عظيم على البلد، كما أنها ستكون حجر أساس في تطبيق الشريعة.

كتب: م. سالم محسن العجمي

تعليقات

اكتب تعليقك