حمد البدون .. و ( أبرهة ) القانون
زاوية الكتابكتب إبريل 23, 2012, 9:33 ص 2849 مشاهدات 0
' حمد ' شابٌّ بدون ذو الـ ٣٢ ' صيفاً ' أوسط إخوته مُعيل لأسرته .. يواصل الليل مع النهار كادحاً علّه يستطيع توفير أبسط إحتياجاتهم بعد أن هَرِمَ أبوه الذي أفنى سنوات شبابه في خدمة البلاد بوزارة الداخلية و التي بدورها قامت بإنهاء خدماته قسراً و ظلماً و التي دامت لأكثر من ( ٢٠ ) عاماً و دون أن يبلغ سن التقاعد أو أي سبب وجيه و إنما لأنه بدون فقط ..
و نستطرد في قصة ' حمد ' المبكية ..
اشتاق حمد لـِ بيت الله الحرام و أراد رؤيته سواء بعمرة أو حج فهي أطهر بقعةٍ على وجه الأرض
و على كل ' مسلم ' زيارتها
فذهب ' حمد ' إلى إدارة الجنسية و الجوازات لاستخراج جواز مادة ١٧ للذهاب إلى العمرة و قام بتقديم المعاملة .
و بعد أشهر عجاف و هو يراجع ما بين ادارة الجنسية و الجوازات و لجنة البدون و تنفيذ الأحكام و الأدلة الجنائية .. إلخ ( مسلسل البدون اليومي ) قوبلت معاملته بالرفض دون إبداء أي سبب يستحق أن يحرم بسببه الجواز فليس عليه قيد أمني ( مزوّر ) و أباه كما ذكرت كان يعمل في وزارة الداخلية و لديه إحصاء عام ٦٥ ... إلخ ( شروط الزير سالم التي أفنى عمره في طلبها ) .
فحاول مرة أخرى و أخذ يعوم في هذه الزوبعة المشينة و لكنه أيضا تم رفض معاملته .. و استمر على هذا الحال لمدة تزيد عن الخمس سنوات .
و في يوم من الأيام ذهب ' حمد ' لرؤية نتيجة آخر معاملة قام بتقديمها متمنيّاً الموافقة على الجواز فقد طال انتظاره طوال هذه السنوات و شوقه يزداد يوماً بعد يوم و يُمَنّي نفسه بالطواف حول الكعبة و تارةً يتخيّل نفسه و هو يهرول ساعياً من الصفا إلى المروه وتارةً أنه يصلي خلف مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام .. إلى آخر أحلام أي ( مسلم ) ملهوف على تلك الزيارة .
( حمد ) ذهب إلى مراجعته في ادارة الجنسية و الجوازات مستبشراً خيراً بقبول طلبه لكن ... عاجله الظلم بقتل تلك الأماني بخنجر الرفض و تشتت سحب أحلامه معلنةً عن هبوب عاصفة المزاجية في تطبيق القانون ( الغير قانوني ) .
فعاد ( حمد ) إلى بيته و أغلق على نفسه باب غرفته و لم يلاطف أبناؤه الصغار أو يلعب معهم لأنه لا يريد أن يروه و هو مكسوراً ذليلاً هكذا و استمر بجلوسه هكذا حتى المساء و أخذ يفكر .. يجمع أفكاره ثم ينثرها و إذ هو كذلك قرر أن يأتي بـ ( واسطة ) لعلها تساعده في استخراج الجواز المحرّم عليه دون وجه حقّ ..
أوْصى زوجته أن توقظه في الغد باكراً حتي يستطيع الذهاب إلى الجوازات و تقديم معاملة جديدة .
نام ( حمد ) على أمل أن يحصل في الغد على تلك الموافقة .. فقد إمتزجت أشواقه للحرم المكي بأحزان حرمانه الظالم من حقوقه التي يتمتع بها حتى ( الحيوان ) أجلّكم الله ..
إستيقظت زوجته باكراً و أيقظته لكن استغرق في نومه دون حِراك فقررت أن تتركه قليلاً و توقظه بعد أن تُجهّز الإفطار .. عادت بعد قليل فأيقظته لكنه لم يستجب لها .. حاولت مرة أخرى
لكنه دون حراك .. فصرخت حمد .. حبيبي حمد استيقظ .. وأيضاً لم يُجِبْها فارتفع صوتها بالصراخ بعد أن لامست أيديها يَدْه و أحسّت ببرودتها و تجَمّع عليها أطفاله محاولين مساعدة أمّهِمْ لإيقاظ أباهم و هو مازال دون أي حراك أو نبض أو نفس !!
ما الذي حصل ؟ ماذا نفعل ؟ كيف السبيل ؟ فلم يجدوا إجابة لتلك الأسئلة !!
غادرهم ( حمد ) ... و فارقهم ..
نعم لقد مات و كان آخر آماله هو زيارة بيت الله و لكنّ قوانين ( أبرهه ) منعته منه ظلماً و عدواناً .
هو نام على أمل الزيارة .. و استيقظ على زيارة .. و لكن للقبر الذي لا يحتاج إلى جواز لدخوله و لا يستطيع ( أبرهه ) أن يحرمه من ذلك الدخول .
فالآن ( حمد رحمه الله ) في قبره مُمَدّد ينتظر ( أبرهه ) الذي كان سبباً بحرمانه من رؤية الكعبة الشريفة و زيارة قبر الرسول صلى الله عليه و سلم القائل ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) حتى يشتكيهِ إلى الله عزوجل فإن كان قد ظُلِم في الدنيا حتما له ربٌّ عادلٌ سيقتصُّ له ممن ظلمه و لا يحتاج هناك إلى موافقة لجنة البدون في تقديم تلك الشكوى و لن يظلم في الآخرة .
و كلمتي إليك أيها الشعب الكويتي الكريم كم من ( حمد بدون ) تنتظره أن يترك الدنيا دون رؤيته لبيت الله الحرام ؟
أليسوا البدون مسلمين و تجب نصرتهم ورفع الظلم عنهم ؟
أليس الحجّ ركن من أركان الإسلام ؟ فأين أنت من يُعَطّل هذا الركن الرّباني دون وجه حقّ ؟
فأنت أيّها الشعب المعطاء المناصر لقضايا المظلومين في شتّى بقاع الأرض ما بالك لا تنتصر لأبنائك البدون ؟ أوَليس الأقربون أوْلى بالمعروف ؟
ولعلمك أيها الشعب الحُر هناك الآلاف من ( حمد ) تُوُفّوا دون زيارة بيت الله عزوجل بسبب ظلم ( أبرهة القانون ) لهم و أنت مسائل أمام الحقّ تبارك وتعالى عن سكوتك عن هذا الظلم الواقع عليهم .. فَهَلاّ بَرَّأنا ساحتنا أمام الله سبحانه ؟ فـَ صحائفنا مليئة بذنوبنا و لن تحتمل ظلم ( المسلم ) لأخيه ( المسلم ) .
بدونيّات :
لا أستغرب من تعنّت بعض المسئولين في لجنة البدون بإصدار قيود ( أمنيّة مزوّرة ) تحرم البدون ( المسلم ) من ذلك الركن الذي هو من أركان الإسلام فهم يرجعون في تعاملهم هذا إلى الفتوى الباطلة التي أطلقها وزير سابق ( أرعن ) ببطلان حجّ البدون و عُمْرتهم لأنهم مزوّرون .
جميل السبع
تعليقات