حيدر: مساعي التقريب بين السنة والشيعة لم تثمر الكثير!

زاوية الكتاب

كتب 945 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  فقه الشيعة.. والعبارة المصرية

خليل علي حيدر

 

مساعي التقريب بين مذاهب اهل السنة ومذاهب اهل الشيعة والتي استغرقت الكثير من الجهود والمحاولات، لم تثمر الكثير حتى الآن لأسباب عديدة، وهو عجز ملفت للنظر بسبب الدور الفقهي الهام لأحد ابرز ائمة الشيعة، الامام جعفر الصادق الذي يحمل المذهب الجعفري اسمه، في تاريخ تأسيس فقه اهل السنة، كما يبين شيخ معروف من شيوخ الازهر، المستشار «عبدالحليم الجندي»، رئيس لجنة الفكر الاسلامي، وعضو مجلس البحوث الاسلامية بالازهر وعضو مجمع الفقه الاسلامي التابع للمؤتمر الاسلامي بجدة، ويذكر في مقدمة كتابه «الامام جعفر الصادق»، دار المعارف بمصر 1986، «لقد تتلمذ أبو حنيفة ومالك للامام الصادق، وتأثرا كثيرا به، سواء في الفقه أو في الطريقة. ومالك شيخ الشافعي. والشافعي يدلي الى ابناء النبي (ص) بأسباب من العلم والدم. وقد تتلمذ له احمد بن حنبل سنوات عشر. فهؤلاء ائمة اهل السنة الاربعة، تلاميذ مباشرون أو غير مباشرين للامام «الصادق». ويضيف في مكان آخر: «وتلاميذ الصادق المشهورون، فيما عدا من سلف ذكرهم، من كبار اهل السنة اشيخ للفقهاء في جميع المذاهب، منهم: سفيان بن عيينة، وسعيد بن سالم القداح، وابراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وعبدالعزيز الدراوردي. وقد روى الشافعي عن كل هؤلاء» (ص203).
قرأت للطبيب المصري «خالد منتصر» في كتاب وضعه عام 2010 ونال «جائزة البحرين» لحرية الصحافة، عبارة عن مجموعة مقالات بعنوان «دفاعا عن العقل» - القاهرة، دار العين، ان شيخ الازهر الراحل محمد سيد الطنطاوي، «عندما كان مفتيا لجأ الى الفقه الشيعي ليلتمس عنده الحل لمشكلة عويصة».
وينقل د.منتصر عن الشخصية الشيعية المصرية المعروفة، المستشار الدمرداش العقالي، رئيس محكمة الاستئناف السابق، سابقة في الاستعانة بالفقه الجعفري في مصر!
يقول الدمرداش، «كنت عضوا في مجلس الشعب المصري وقت ان غرقت عبارة «سالم اكسبرس» وهلك في الحادث قرابة 1200 نفس، اذ انتشلوا من البحر 500 جثة ولم تُتنشل 700 جثة، واصبحت في حكم المفقود، وصار لزاما على الشركة المالكة للباخرة دفع التأمين لورثة الركاب، وتوافد الناس من كل انحاء مصر لأخذ التعويضات، وقبل ان تصرف الشركة التعويض تنبه احد محامي الشركة وقال: حسب مذهب أبي حنيفة، المفقود لا يعتبر ميتا حتى تمضي عليه مدة قدرها ستون عاما!. ولم يرق لرجال القانون في مصر حكم أبي حنيفة، فأخذوا يبحثون عن فقيه آخر يخرجهم من هذا المطب، ففي فقه احمد بن حنبل حكم المفقود 15 سنة، وابن تيمية انقص المدة الى خمس سنوات، وطلب محامي الشركة الانتظار خمس سنوات، فتظاهر الناس امام المجلس».
ويضيف الدمرداش: «وكُلف مفتي مصر الشيخ محمد سيد طنطاوي بايجاد منفذ للخروج من هذا المأزق، فجاءني بعد الفجر في بيتي وقال لي: ألا يوجد عندك حل؟ فدعوته لقراءة «فقه المذاهب الخمسة»، وطالعنا مسألة المفقود، فقرأ بنفسه عن الامام الصادق ان المفقود إذا فقد في حال لا تُتصور معها بقاء الحياة، عُد ميتا ولو بعد ساعة، كأن يكون قد دخل في النهر ولم يخرج، أو ابتلعه حوت فلم يخرج، اخذ المفتي نفسا عميقا وقال: والله هذا الكلام المعقول وسأكتب فتوى بهذا المعنى، ستُقرأ على اعضاء مجلس الشعب، وفوجئت بأنه كتب الفتوى، وقال فيها: يقول بعض اهل العلم! فلما تُليت الفتوى في مجلس الشعب وفيها كلمة «يقول بعض اهل العلم»، اعترض وزير الاوقاف السابق، فوقف يقول: من اين جاء المفتي بهذا الكلام؟ هذا كلام ليس له اساس، اين اهل العلم هؤلاء؟ فإذا برئيس المجلس يُنطقه الله ويقول للاعضاء: فضيلة المفتي واسع الاطلاع، لابد وانه اطلع على رأي الشيعة الامامية». (دفاعا عن العقل، 27 – 28).
وفي موسوعة فقه ابن تيمية للدكتور محمد رواس قلعة جي، «ان امرأة المفقود تنتظر اربع سنوات فإن جاء زوجها والا فإنها تعتد بعدها عدة الوفاة، ثم تتزوج بعد ذلك ان شاءت دون حاجة لحكم حاكم، فإن تزوجت ثم حضر المفقود بعد ذلك، خُير بين امرأته ومهرها الذي دفعه لها». ويقول د.قلعة جي في موسوعته الفقهية «المفقود ينتظر خبره سنة.. ويرفع امره الى القاضي. وان لم يرد عنه خبر فإن القاضي يحكم بوفاته.. الخ».
ثم يقول: «والذين تعتقلهم اجهزة الامن في الدولة، ثم يأخذونهم فيقتلون بعضهم ويستحيون بعضهم، ولا يدري احد مكان وجودهم، ولا ان كانوا احياء أو امواتا، يجب على اجهزة الامن ان تجيب القاضي عن سؤاله عنهم اهم احياء أو اموات».
ولكن من يعرف مصير القاضي نفسه في بعض الدول، ان وجه سؤالا للسلطات عن مصير المعتقلين المفقودين؟!

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك