'نمو الاقتصادات الناشئة بمعدل 6% '
الاقتصاد الآن'الخليج للإستثمار' تصدر تقرير تطورات الاقتصاد العالمية
مايو 6, 2012, 2:33 م 1245 مشاهدات 0
أصدرت مؤسسة الخليج للإستثمار التقرير الشهري (مايو 2012) في شأن تطورات الاقتصاد العالمي وفيما يلي نصه:-
استمرت حالة الاقتصاد العالمي تراوح ما بين التقدم والتراجع تدل عليها مجموعة من المؤشرات الخاصة بدرجة التعافي الاقتصادي. فمن ناحية أظهرت التقارير الخاصة بمعدلات نمو الاقتصادات الناشئة في أسيا عن اتجاهات ايجابية جعلت صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصادات الناشئة بمعدل 6% وهو ذات معدل النمو الذي تحقق عام 2011 مع توقع نمو الصين بمعدل 8.2% والهند بحدود 7% مشفوعة بزيادة الطلب الداخلي في كل منهما وفي أسيا بشكل عام وذلك على الرغم من تراجع النمو الاقتصادي العالمي وانخفاض معدلاته المتوقعة إلى 2% في الولايات المتحدة الأمريكية بل وتراجع النمو في الاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت نفسه تفاعلت أزمة الأسواق العالمية وتراجعت مؤشرات الأسواق تحسبا من الأوضاع المتردية للديون السيادية لاسيما في اسبانيا و ايطاليا مما خلق مجددا حالة من عدم اليقين عن احتمال أن تحتاج هذه الدول إلى برامج إنقاذ وهي التي تعد من الاقتصاديات كبيرة الحجم فايطاليا هي الاقتصاد الأوروبي الثالث بعد ألمانيا وفرنسا في حين تأتي اسبانيا في المرتبة الاقتصادية الرابعة وفي ذات الوقت تراجع اقتصاد بريطانيا إلى حالة وضعية الانكماش. وقد أسفرت النتائج الأولية للانتخابات الفرنسية عن تقدم الحزب الاشتراكي والذي يرفع شعارات مناهضة لما يرونه 'إملاءات ألمانيا لشروطها على الاقتصاد الأوروبي' مما أسهم في زيادة حالة عدم اليقين وظهور المزيد من التحديات والصعوبات إزاء مجريات الأمور مستقبليا في الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي يتوقع فيه أن تنحوا ايرلندا بالمطالبة بتخفيض ديونها أسوة بما حدث في اليونان. وقد تصاعدت انتقادات البعض من كبار الاقتصاديين العالميين لحزمة التقشف الاقتصادي التي تبنتها الدول الأوروبية واعتبروها بمثابة 'حزمة للانتحار الاقتصادي الأوروبي' على اعتبار أن ما تحتاجه أوروبا هو 'حزمة للنمو' وليس حزمة لمزيد من التقشف في ظل اتجاه اقتصاد اسبانيا إلى الانكماش وتخفيض تصنيفها الائتماني وارتفاع معدلات البطالة فيها إلى ما يقارب 25%.
ولا شك أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي ما زال يمر بها الاقتصاد العالمي تثير تساؤلات عن فاعلية السياسات الاقتصادية المستخدمة. وعلى سبيل المثال وعلى الرغم من تدني معدلات الفائدة في الولايات المتحدة إلى ما يقارب الصفر وعلى الرغم من قيام البنك الاتحادي بشراء أذونات الخزانة وفقا لبرامج 'التيسير الكمي' وعلى الرغم من وصول العجز في الميزانية الفدرالية الأمريكية إلى أعلى مستوياته التاريخية وبالرغم من الجو الدافئ الذي نعم به الأمريكيون خلال فصل الشتاء الحالي فان غاية ما أمكن للاقتصاد الأمريكي إدراكه من نمو اقتصادي خلال الربع الأول من عام 2012 كان 2.2% وهو أدنى من المعدل المتوقع 2.5%. وجدير بالملاحظة انه بعد سنوات من الأزمة المالية العالمية فلا يزال الاحتكار من قبل بضعة من البنوك العملاقة هي السمة المميزة للقطاع البنكي الأمريكي مع ما يمارسه القطاع من تأثير على متخذ القرار وعلى الجهات الرقابية المعنية.
وإقليميا، فانه على الرغم من الظلال الكثيفة التي ما فاتت الأزمة الاقتصادية العالمية تلقيها على دول مجلس التعاون واتجاه التجارة الدولية نحو التقاعس مع احتمالات انخفاض الطلب على النفط، فان استمرار معدلات أسعار النفط عند حدود 112 دولارا للبرميل مع استمرار التوسع في الإنفاق الحكومي قد أوجد قدرا من الحيوية الاقتصادية ما دفع صندوق النقد الدولي والجهات المعنية الأخرى إلى رفع تقديراتها لمعدلات نمو دول مجلس التعاون. وفي مؤسسة الخليج للاستثمار نتوقع أن تحقق دول المجلس كوحدة واحدة نموا يتجاوز 5.3% مع ارتفاع معدل النمو في كل من السعودية و قطر إلى حدود متوقعة عند 5.5% و 7% على التوالي وفي الكويت 5.5% وعمان 4.5% والإمارات 3.5% والبحرين 3%.
وقد استفادت دول المجلس من انخفاض معدلات سعر صرف اليورو تحت وطأة أزمة المديونيات السيادية الأمر الذي ستتحسن معه أوضاع الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي من جهة وخفض أيضا معدلات التضخم المستوردة. إلى ذلك نتوقع أن تحقق دول المجلس فائضا في الميزان التجاري يتمخض عنه زيادة احتياطياتها الخارجية وارتفاعا ملحوظا في رصيد الصناديق السيادية إلى ما يقارب 2 تريليون دولار مع نهاية عام 2012 مرتفعة من حوالي 1.6 تريليون لعام 2011. والجدير بالملاحظة هنا أن السعودية قد قامت مؤخرا بالموافقة على إنشاء صندوق سيادي لرعاية واستثمار فوائضها بدلا من استبقائها لدى صندوق النقد الدولي حيث معدل الفائدة لا يتجاوز 2% وهو أقل من معدلات التضخم في غالب الأحوال.
إلى جانب ذلك، وبخلاف الوضع في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية واليابان، فان المتوقع أن تحقق دول مجلس التعاون فائضا يعتد به في الموازنات الحكومية عند الأخذ في الاعتبار أن سعر النفط التوازني المطلوب لتحقيق توازن بين إيرادات الحكومة ونفقاتها العامة قد ارتفع إلى حوالي 95 دولار للبرميل في حالة السعودية مثلا. وينبغي التنويه هنا أن النفقات الحكومية ما تزال تواجه ضغوطا نحو الزيادة لمقابلة مطالب زيادة الأجور والمنح الدراسية وخلافه إلى جانب الزيادة في النفقات الرأسمالية اللازمة لتنفيذ الخطط المعمول بها في دول المجلس.
أسواق الأسهم الخليجية
على الرغم مما حمله موسم إعلان نتائج الربع الأول من بعض المفاجآت الإيجابية، فقد شهدت أسواق الأسهم الخليجية انعكاساً للاتجاه خلال شهر إبريل مما أدى إلى تراجع مؤشر ستاندارد أند بورز للأسهم الخليجية بواقع 2.08% خلال الشهر حيث شكل تجدد المخاوف بشأن تداعيات أزمة الائتمان الأوروبية ضغطا على الأسهم العالمية.
فقد شهد موسم نتائج الربع الأول إعلان البنوك السعودية عن تحقيقها نمو ملحوظاً في أرباحها في ظل تحسن كبير في معدل نمو القروض، وزيادة كبيرة في الإيرادات من الرسوم والعمولات، بالإضافة إلى انخفاض في حجم المخصصات.
وشهدت بنوك أبو ظبي هي الأخرى زخماً إيجابياً حيث أعلن اثنان من أكبر بنوك الإمارة عن تحقيق نمو قوي في الأرباح. وفيما تباين أداء بنوك دبي على صعيد الأرباح، يبدو الاتجاه العام في دولة الإمارات العربية المتحدة مماثلاً للنمو الإيجابي للموجودات والمستوى المعتدل للمخصصات.
ورغم تباين نتائج قطاع البتروكيماويات، فقد فاقت أرباح اثنين من شركات القطاع إحداهما سعودية والأخرى قطرية التقديرات بفارق غير صغير. وفي دولة الإمارات العربية ، فاقت كبريات الشركات في قطاع العقار تقديرات المحللين حيث حافظت أسعار العقار على النمو الإيجابي للشهر الثالث على التوالي، وتسارعت على ما يبدو وتيرة تسليم المشاريع، وسجلت بعض الشركات نمواً في إيراداتها من تأجير العقارات.
وبرز مؤشر ' تداول ' للأسهم السعودية كأسوأ المؤشرات الخليجية أداءً خلال شهر إبريل بتراجعه بواقع 3.53% متأثراً بالخسائر الكبيرة لقطاعي التأمين والاستثمار اللذين كانا من العوامل الرئيسية للصعود القوي للسوق في الشهر السابق. ونتج جانب من هذه الخسائر عن مؤشرات إصلاح في الأسواق المالية يمكن أن يستهدف النشاط المضاربي كما طال التراجع الحاد أيضاً قطاعي البتروكيماويات والبنوك ذوي الثقل الكبير.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة ، هبط مؤشرا بورصة أبو ظبي وسوق دبي المالي بواقع 1.93% و1.03% على التوالي. ففي الوقت الذي شكل فيه قطاعا الخدمات والبنوك عنصري إعاقة وإبطاء في سوق دبي، قاد قطاعا الاستثمار والعقار بورصة أبو ظبي إلى التراجع.
وظل مؤشر بورصة قطر أسوأ مؤشرات الأسواق الخليجية أداءً منذ بداية العام حيث بلغت خسائره 0.86% حتى نهاية أبريل و0.99% للشهر، متأثراً على نحو رئيسي بالأداء السلبي لقطاعي البنوك والخدمات. ولم تحمل نتائج البنوك للربع الأول أي حافز للمستثمرين، كما بقي السوق خارج دائرة اهتمام المستثمرين الأجانب.
بدوره انخفض المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية بواقع 0.65% بسبب تراجع قطاع البنوك، بينما سجل مؤشر سوق البحرين للأوراق المالية ارتفاعاً جديداً طفيفاً بلغ 0.03% ، مدعوماً بالمكاسب المعتدلة لقطاع الخدمات. أما مؤشر مسقط 30 للأسهم العمانية، فقد حقق مكاسب أكبر بلغت 3.14%، مدعوماً على نحو رئيسي بالأداء القوي لقطاعي الصناعة والبنوك.
وعلى الرغم من امتلاك أسواق الأسهم الإقليمية القدرة على كسب الثقة بفضل أسعار النفط القوية خلال الربع الأول من عام 2012 والتي عززت من المكانة الكبيرة للمنطقة ، فإن هذه الأسواق تبقى عرضة للتقلبات في المعنويات بالأسواق العالمية. ومن المتوقع أن تتمكن البنوك السعودية على المدى القصير من المحافظة على نمو حجم الإقراض بفضل ارتفاع حجم الودائع وفائض السيولة لدى البنوك. كما يمكن للبنوك السعودية أن تستفيد أيضاً من المشاريع الكبرى في قطاع البنى التحتية بمعزل عن إمكانية حدوث زيادة في الإقراض لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى قطاع التجزئة.
أسواق الائتمان الخليجية
صارت إسبانيا الآن محور أو مركز أزمة الديون الأوروبية . فقد انزلق الاقتصاد الإسباني إلى الركود للمرة الثانية منذ عام 2009 إذ تجاوز معدل البطالة نسبة الـ24 % حيث يعاني أكثر من نصف مواطنيها الشباب من هذه المشكلة . وخفضت وكالة ستاندارد أند بورز للتصنيف الائتماني مستوى تصنيفها لإسبانيا درجتين ليصبح ( BBB + )، معربة أيضا عن تخوفها من أنها قد تحتاج لاحقا إلى ضخ أموال إضافية في بنوكها . في الوقت ذاته ، انزلقت المملكة المتحدة هي الأخرى إلى ركود لفترتين متعاقبتين وذلك للمرة الأولى منذ عام 1970.
وسجل مؤشر ' إتش إس بي سي ناسداك دبي' للعائد على السندات والصكوك الخليجية التقليدية المقومة بالدولار ارتفاعا طفيفاً على أساس شهري ليقفل على مستوى 145.21 مقارنةً بـ143.89 في الشهر السابق، فيما تقلص متوسط العائد على سندات المؤشر 4 نقاط أساس إلى 4.52%.
وارتفع مؤشر ' إتش إس بي سي ناسداك دبي ' للعائد على الصكوك المقومة بالدولار الأمريكي على أساس شهري من 137.01 إلى 137.80 ، بينما تراوح مؤشر العائد على السندات التقليدية بين مستوى 146 ومستوى 148 ، مسجلا انخفاضا طفيفا من حيث الأداء مقارنة مع مؤشر ' جي بي مورغان ' للعائد على سندات الأسواق الناشئة.
وكانت شهية المستثمرين في السوق الأولية قوية بالنسبة للائتمان ذي الجودة العالية حيث لقيت كل الإصدارات الجديدة إقبالاً كبيراً من جانب الراغبين في الاكتتاب فيها ولاسيما من قبل المستثمرين المحليين . وبدأ شهر مايو بطرح إصدار ضخم من قبل بنك قطر التجاري ( CBQ ) اجتذب طلبات اكتتاب تجاوزت قيمتها الإجمالية 3.4 مليار دولار أمريكي . وتوج الشهر بطرح حكومة دبي صكا ضخما مؤلفا من شريحتين بلغت قيمته الإجمالية 1.25 مليار دولار أمريكي وفاق عدد المتقدمين للاكتتاب فيه المستوى المطلوب بأكثر من 3.5 مرة حيث اجتذب طلبات اكتتاب من قبل أكثر من 260 مستثمراً. وتم تحديد عائد قدره 4.9% للشريحة الأولى فئة الخمس سنوات والتي يبلغ حجمها 600 مليون دولار أمريكي ، فيما حدد عائد قدره 6.45 % للشريحة الأخرى فئة العشر سنوات والتي يبلغ حجمها 650 مليون دولار أمريكي . وخفضت دبي عبر هذا الإصدار كلفة الاستدانة الخاصة بها بواقع 0.7 % بالنسبة للشريحة فئة الخمس سنوات وبواقع 1.3 % بالنسبة للشريحة فئة العشر سنوات.
وعقب إعلان حكومة دبي أنها لا تعتزم استخدام عائدات هذا الإصدار لإعادة تمويل ديون الذراع الاستثمارية للشركة التي تدير منطقة دبي الحرة (JAFZA) مركز دبي المالي العالمي (DIFC) ، أصدرت وكالة ' ستاندارد أند بورز ' بيانا أشارت فيه إلى احتمال إقدامها على خفض مستوى تصنيفها الائتماني مركز دبي المالي العالمي (DIFC) استنادا إلى 'المخاطر المرتفعة لإعادة التمويل '.
إن نجاح أحدث إصدار يسهم في تعزيز الاتجاه العام للسوق الأولية، كما أن العديد من الجهات التي تعتزم طرح صكوك وسندات للمرة الأولى أعلنت مؤخراً أنها تنوي دخول هذه السوق . وتتلقى السوق الأولية للسندات أيضا دعماً من حالة الخمول شبه التام لسوق القروض المشتركة وارتفاع كلفة قروض البنوك.
في موازاة ذلك ، تسير عملية إعادة هيكلة ديون دبي المتنوعة في الاتجاه الصحيح . فقد أعلنت ' دبي العالمية للأحواض الجافة ' أنها حصلت مؤخراً على القدر اللازم من الدعم من قبل دائنيها من الهيئات والمؤسسات لتنفيذ عملية إعادة هيكلة ديونها البالغة 2.2 مليار دولار أمريكي . وأعلنت ' دبي المالية العالمية ' هي الأخرى حصولها على التأييد الكامل من قبل دائنيها لإعادة هيكلة ديونها البالغة 2.4 مليار دولار أمريكي بموجب صفقة ينتظر توقيعها بحلول نهاية هذا الشهر.
أما العوامل التي ستحدد اتجاه السوق فتشمل المخاطرة المرتبطة بالعوامل الجيوسياسية في المنطقة ، وأسعار النفط ، والبيانات الاقتصادية الرئيسية الصادرة من أوروبا والولايات المتحدة . وستظل السوق الأولية منفتحة ومتقبلة للإصدارات ذات النوعية الجيدة . وستواصل السوق على المدى القصير تفضيل النوعية العالية على العائد المرتفع ريثما تنحسر حالة عدم اليقين العالمية.
ونفضل بدورنا فئات الائتمان الأكثر وقائية ولاسيما تلك المطروحة من قبل قطر وأبوظبي ، كما نرى قيمة أكبر في السندات شبه السيادية نظراً لتميزها عن السندات السيادية من حيث مستوى العائد. ونقترح على وجه العموم البقاء عند الطرف الأدنى لمنحنى العائد (yield curve) أي الاستثمار في السندات القصيرة والمتوسطة الأجل، آخذين في الاعتبار حالة عدم اليقين التي تحيط حاليا بالاقتصاد العالمي.
تعليقات