رياض الصانع: هذه أسباب تفشي شراء وتزوير الشهادات العملية
زاوية الكتابكتب مايو 11, 2012, منتصف الليل 768 مشاهدات 0
الأنباء
مركز رياض / لصوص الشهادات العلمية
رياض الصانع
ان الجريمة تصبح مشكلة خطيرة تهدد امن الفرد والمجتمع واستقراره عندما تطغى على جانب مهم من جوانب الحياة وتصبح بالنسبة لكثير من افراد المجتمع احدى الوسائل المهمة والممكنة لكسب العيش والوجاهة الاجتماعية، وفي مثل هذه المواقف تصبح الجريمة فعلا مضادا يطال باضراره الفرد والمجتمع، ان الفرد لا يولد شريرا ولا جشعا فالانحراف لا يرجع الى نقص في طبيعة الفرد او الى نزعات داخلية في نفسه وانما يرجع الى نقص في البيئة وعدم تهيئة الجو النفسي والمناخ الملائم في التربية او التوجيه او الرعاية بصورة سليمة.
ان الواقعة التي تم نشرها بجريدة «الانباء» يوم الخميس الموافق 12/4/2012 تحت عنوان «الحبس مع وقف النفاذ لـ 26 مواطنا ومقيم زوروا شهادات تدريبية» وتفاصيل الخبر، «قضت محكمة الجنايات بحبس مقيم سبع سنوات مع الشغل والنفاذ وحبس 26 مواطنا سنتين و4 شهور ودفع كفالة مائتي دينار لوقف النفاذ، على خلفية تزوير شهادات اجتياز دورات في احد معاهد الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، ووجهت النيابة العامة للمقيم انه ارتكب وآخر مجهول تزويرا في محررات رسمية بقصد استعمالها على نحو يوهم بمطابقتها للحقيقة وهي شهادات اجتياز دورة تدريبية صادرة من معهد الدراسات الادارية والفنية، اثبت بها على خلاف الحقيقة انتساب وانتظام واجتياز المتهمين من الثاني حتى السادس والعشرين وشهادة لمجهول دورات تدريبية في المعهد بجعل واقعة غير صحيحة في صورة واقعة صحيحة، كما وجهت للمتهمين ما عدا الاول «أنهم اشتركوا مع المتهم الاول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمتي التزوير وتقليد الاختام قبل وقوعهم بأن قام كل منهم بتزويره باسمه، وبياناته وصورة فوتوغرافية له لضبط شهادة باجتيازه على خلاف الحقيقة والواقعة لدورة تدريبية من معهد الدراسات».
ان هذه الواقعة تثير قضية هامة وهي شراء وتزوير الشهادات العملية واثار ذلك على المجتمع ويمكن القول انها تحولت الى ظاهرة سلبية وأنها تؤثر ضمنا على مستوى الثقافة الوطنية والمكانة العلمية والاساءة للسمعة التربوية وأن هناك كثيرين متاجرين يبيعون الوهم للدارسين وأن الكثير من الجامعات والمعاهد مازالت مستمرة في نشاطها في تسويق برامجها وبيع الشهادات المزورة لمن يدفع وأن انتشارها بهذا الشكل خطر كبير على المجتمع لانه يصبح كل من هب ودب حاصلا على مؤهل عال او دكتوراه ويتساوى كل من بذل جهدا حقيقيا لتحصيل الدرجة العلمية ومن اشتراها بماله. انها كارثة كبرى يمكن وصفها بالفضيحة الاخلاقية والعلمية، والمفاجأة هنا لم تكن في الشهادات المزورة لكن في المكاتب ومواقع السماسرة داخل الدولة فهي جريمة في حق نفس من ارتكبها قبل حق المجتمع والمعلوم ان اسباب الحصول على الشهادات المزورة والمضروبة هي البحث عن وجاهة اجتماعية ووظيفة مرموقة او معالجة نقص بشخصية مرتكبها مثلهم مثل الذين يسرقون الابحاث العلمية والدراسات من آخرين للحصول على ترقية معينة والسطو على بحث وجهد الآخرين وهذه الفضائح المختلفة هي سرقة وقلة امانة علمية وأخلاقية وفضيحة يجب ان يقابل الحاصلون عليها بردع قوي وصارم ومتابعتهم وتجريدهم من هذه الالقاب.
ومن اسباب تفشي هذه الظاهرة توزيع المناصب القيادية والوزارية على اصحاب الشهادات العلمية العليا والالقاب الرنانة بغض النظر عن الكفاءة ووجود الاداء مما دفع الكثيرين من الحالمين واللاهثين وراء المناصب الرفيعة والقيادية الى شراء الشهادات العلمية من اجل الحصول على المنصب المزعوم وكذلك تراخي البعض في التحصيل العلمي وغياب الضمير والنفوس الضعيفة للحصول على اللقب العلمي المنشود بجميع الطرق وهذا في حد ذاته خيانة للامانة العلمية وخيانة للامة والمجتمع والوطن.
وتقوم هذه الجامعات المشبوهة بالاستغلال الامثل لراغبي الحصول على هذه الشهادات فتقوم بارسال بريد الكتروني لمن يرغب في الشهادات المزيفة من جامعة وهمية وأختام براقة وأسماء لامعة تقترب من اسماء الجامعات المرموقة مقابل مبلغ من المال ولا يمكن ان يتحجج هؤلاء اللصوص الحاصلون على هذه الشهادات بأنهم وقعوا فريسة لهذه الجامعات ولا يمكن ان يذهب لمثل هذه الجامعات اناس مضللون لا يعرفون حقيقة هذه الجامعات ولكن ذهبوا اليها عن قصد وعمد وهم يريدون الحصول على شهادة جامعية او لقب اكاديمي بغض النظر عن احقيته بهذه الشهادة وطريقة الحصول عليها بحثا عن المباهاة والبرستيج فقط على انها جريمة علمية وأن من يقدم عليها يبحث عن ارضاء الغرور في داخله.
لذلك يجب التحري عن بعض حاملي الالقاب العلمية والجامعية ومصادرتها في حالة التأكد من عدم صلاحية الجامعات التي تحصلوا منها على هذه الشهادات وكشف هذه الجامعات والمعاهد امام الرأي العام واغلاقها ومعاقبة اصحابها والتشهير بهم ولا يجوز السكوت عن هذه الظاهرة، وعدم مجاملة احد على حساب العلم والتعليم ومستقبل الوطن لان الحصول على الشهادات بهذه الطريقة عملية تزوير وهي جريمة يعاقب عليها الشرع والقانون.
وأخيرا، يجب ان يكون طالب العلم نزيها وبعيدا عن التدليس والتزوير وأن يكون لديه الكفاءة والقدرة على التحصيل العلمي للاستفادة منه وينعكس ذلك على مستقبل الاجيال المقبلة.
تعليقات