لا تعويض دون ضرر ولا تعويض دون علاقة سببية
زاوية الكتابالبطي يبين الجوانب القانونية حول الطعن بحكم تعويض 'كي-داو'
كتب يونيو 7, 2012, 12:49 ص 3162 مشاهدات 0
أثار حكم محكمة التحكيم الدولية ضد الكويت بتغريمها ما يزيد عن ملياري دولار امريكي على خلفية فسخ عقدها من طرف واحد مع شركة داو كيميكال العالمية قلق كبير في الشارع الكويتي ، وحديثنا هنا لا يتعلق بالجوانب السياسية أو الاقتصادية المرتبطة بحكم التحكيم الدولي وإنما يتناول الجوانب القانونية الفقهية والقضائية لتحليل مضمون ما جاء بحكم التحكيم من غرامات مالية تؤثر على الموازنة العامة للدولة تأثيرا كبيرا .
فالمشرع الدستوري الذي نستمد منه كل قواعدنا القانونية هو أول من حرص على الثروات الطبيعية للبلاد ووجوب حمايتها، حيث اكد في المادة 21 من الدستور الكويتي على أن ' الثروات الطبيعية جميعها ومواردها كافة ملك الدولة، تقوم على حفظها وحسن استغلالها، بمراعاة مقتضيات امن الدولة واقتصادها الوطني.
فلم يكن على السلطة المركزية والأفراد إلا السعي وراء ما قرره المشرع الدستوري من حفظ للثروات والموارد الطبيعية وحسن استغلالها بما يحقق امن الدولة واقتصادها الوطني ،بأي صورة كانت عليه تلك الثروات والموارد الطبيعية ،وهنا يكمن هدف المشرع الدستوري الذي اورده في نص المادة 17 من أن ' للأموال العامة حرمه وحمايتها واجب على كل مواطن ' .
ولا مناص من التسليم من أن المستثمر الاجنبي يبحث عن اقصر طرق التقاضي وأكثرها فاعلية وجدوى لذلك فانه يسعى خلال ابرام عقوده الاستثمارية الدولية تضمينها شرط أو مشارطة التحكيم ، بالإضافة إلى اشتراط وجود للبند الجزائي الذي يحميه في حال اخلال الطرف الآخر لبنود العقد ، والسلطات المركزية في الدول عادة ما توافق على اعمال تلك البنود لحاجتها لتطوير مرافقها العامة وتشجيع الاستثمار الاجنبي .
إلا أن شرط التحكيم لا يمكن أن يفعل إلا في حال اخلال احد طرفي العقد لبنوده وادى ذلك الاخلال إلى وقوع ضرر فعلي حال أو مستقبلي للطرف الآخر مع تحقق العلاقة السببية بين الفعل والضرر ، وهو الأمر الذي لم يتحقق في شراكة دولة الكويت مع شركة داوكيميكال الامريكية تحت مسمى ( كي – داو ) ، ومناط ذلك أن العقد المبرم بين دولة الكويت وشركة داوكيميكال هو عقد للشراكة بنسبة 50% لكل طرف منهما تمتلك بموجبه الكويت ممثلة بشركة البتروكيماويات لمصانع شركة داو المنتجة والقائمة فعليا حول العالم بالإضافة إلى انشائها مشاريع جديدة تكون للكويت حصة فيها .
وفي هذه الحالة فان الشراكة لن تكون قائمة إلا بالسير قدما في تنفيذ العقد ودفع الكويت لحصتها في تملك بعض تلك المشاريع القائمة، وبالتالي تحقق جميع المتطلبات في الشراكة موضوع العقد، إلا أنه لا يوجد مبرر قانوني أو فقهي من اصدار حكم التحكيم بحق الكويت بإلزامها بدفع قيمة الشرط الجزائي كون العقد لم يتم تفعيله واعتماده رسميا ولم يسر نحو التنفيذ الذي يترتب عليه خسائر من جانب شركة الداو كميكال الامريكية .
ومن جانب آخر نرى أن الضرر الذي استند اليه حكم التحكيم الذي اعلنت عنه شركة الداو كيميكال في موقعها الرسمي على شبكة الانترنت غير قائم، كون العقد لم يأخذ حيز التنفيذ لارتباطه بدفع الكويت لحصتها في استملاك 50% من المشاريع القائمة فعليا والتي تملكها شركة الداو الامريكية في مختلف الدول، وهو شرط لتفعيل عقود الشراكة ايا كان مجاله ونشاطه.
وهنا يتأكد انتفاء الضرر الذي تشدقت به شركة الداو الامريكية وبالتالي انتفاء سبب التعويض الذي صدر به حكم التحكيم قانونا، فلا تعويض دون ضرر ولا تعويض دون علاقة سببية تربط الضرر بفسخ العقد الذي يتحقق اثره بسداد دولة الكويت لالتزاماتها المالية لتحقيق الشراكة الفعلية .
كما أنه والمتعارف عليه فقها وقضاء في إجراءات التحكيم في العقود الإدارية ذات الطابع الدولي إعلان الخصوم في الدعوى المقامة أمام لجنة التحكيم المناط لها الفصل في النزاع التحكيمي وتحديد مكان وزمان انعقادها، وإلا اصبح الحكم باطلا بطلانا مطلقا، ويمنح الجانب الكويتي الحق بالطعن عليه بعدم إتباعه الاجراءات القانونية السليمة لضمان حق الدفاع خلال سير الدعوى منذ بدايتها وحتى نهايتها، حيث لم يتبين خلال البحث في حيثيات دعوى التحكيم تحقق هذا الشرط وهو شرط جوهري لإقامة الدعوى وعدم إعلان احد الخصوم يعيب الحكم بعيب الشكل وهو عيب جوهري يؤدي إلى بطلان حكم التحكيم .
فالإعلان يسمح للكويت الإطلاع على صحيفة الطلبات والدفوع والأدلة المقدمة أمام لجنة التحكيم الدولية، وبالتالي يمنحها فرصة تشكيل فريق قانوني اقتصادي متخصص للدفاع عن الجانب الكويتي فيما يتعلق بفسخ عقد الكي داو، وهو ما لم يتحقق بحسب ما تابعناه من احداث حول الموضوع، كما أن دولة الكويت لم تتحصل حتى تاريخه على صورة للحكم التحكمي الصادر بحقها والمذيل بالصيغة التنفيذية، وهو أمر آخر يبرر الطعن عليه بالبطلان ، والأمر على هذا الحال دون وجود مستندات رسمية يثير الشك حول حقيقة وجود حكم تحكمي صادر بشكل قانوني من جهة معتمدة دوليا.
تعليقات