فاطمة البكر: تاريخ 'مبارك' لا يمكن أن يُمحَى بــ'أستيكة'

زاوية الكتاب

كتب 1025 مشاهدات 0


القبس

وهج الأفكار  /  محاكمة العصر

فاطمة عثمان البكر

 

إحساس بالألم وشعور طاغ بالحزن وأنا أشاهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك ممددا على سرير المرض، سرير المهانة والنهاية المحزنة والمؤلمة، كهل يصارع مصارع دهر لم تكن في حسبانه، وخلف نظارته السوداء المثبتة على القضبان في صالة المحكمة بصيص من ضوء خافت يتسلل عبرها لتنفذ الى قلبه ووجدانه، وصور الماضي التليد المجيد تطير به الذكرى والذاكرة، طيَّار في سلاح الطيران في المؤسسة العسكرية العريقة، مشاركا في ضربته الجوية الاولى ليعيد مع اقرانه مجدا سُلب من مصر في حرب 1967، وليعيدوا الى مصر كرامتها بعد هزيمة منكرة وعار لم يمحه الا تلك الحرب التي اعادت الى مصر عزها العسكري المسلوب!

ومن العجب العجاب، ومن المفارقات الغريبة ان شعب مصر الذي جبل على الوفاء، الشعب المناضل المكافح المتدين بالفطرة، المشهود له باحترام وتكريم رموزه السياسية والثقافية العلمية والادبية والدينية، ان يثور بهذا الهياج، وان يكون بهذه القسوة المبالغ فيها، في القلوب شهوة بالانتقام، تفجير طاقة من الغضب اللامحدود، وغير المقبولة، فكما كانت للرئيس السابق اخطاؤه في السنوات الاخيرة، كانت له مزايا حميدة وسياسة معتدلة في الداخل والخارج، لا يمكن ان يُمحَى تاريخ هذا الرجل بــ «أستيكة»، كما يقولون!

شهوة في الحكم تفوق الشكوى في الظلم الذي يدّعون انهم يعانون منه، شهوة المناصب، وقد تأخرت مصر بهذه الهوجة والفوضى غير المسبوقة عشرات السنين، تبقى آثارها الى ما يربو على عقد من الزمان، هل هذه هي مصر العزيزة؟ هل هي تلك دار الامن والامان التي يدخلها الجميع آمنين؟

يظل شعوري بالأسى والألم لمشهد الرئيس الممدد على فراشه خلف القضبان بنظارته السوداء وجسده النحيل، وتجاعيد زمن قاتم حفرت على وجه، تختزل مسيرة حافلة خاض فيها حروبا من اجل مصر، لم يكرمه ولم يوفِّه حقه اقرب المقربين، وظلم ذوي القربى أشد ألما في النفوس العزيزة!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك