تطورات أسواق النفط العالمية والميزانية الكويتية

الاقتصاد الآن

أسعار النفط تواصل انخفاضها في ظل المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي

784 مشاهدات 0


• واصلت أسعار النفط الخام انخفاضها بسبب المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد في أوروبا واحتمال انتقال أزمتها إلى مناطق أخرى، بالتزامن مع التحول إلى الأصول التي تعتبر أكثر أمانا، ومنها الدولار الأميركي.
• من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط للعام 2012 بواقع 0.9%، أي أقل من الوتيرة المتوقعة في الشهر الماضي بنسبة طفيفة. كما أن النمو القوي لمعروض النفط العالمي يساعد على تحقيق زيادة كبيرة في المخزونات العالمية.
• من شأن متوسط سعر النفط يتراوح بين 94 و108 دولارات أميركية للبرميل أن فائضا في ميزانية الكويتة يتراوح بين 5 و10 مليارات دينار هذه السنة، أي ما يعادل 8-20% من إجمالي الناتج المحلي.

أسعار النفط

تسارع انخفاض أسعار النفط في شهر مايو ليسجل الوتيرة الأكثر حدة منذ اندلاع الأزمة المالية في عام 2008. فقد انخفض سعر خام التصدير الكويتي إلى 100 دولار أميركي للبرميل في نهاية شهر مايو من 116 دولارا في نهاية شهر ابريل، أي بانخفاض بلغت نسبته 13,5%. كما انخفض سعر خام التصدير الكويتي بنسبة 17% عن ذروته التي بلغت 124 دولارا للبرميل في منتصف مارس. وفي الوقت نفسه، انخفض سعر خام برنت إلى 103 دولارات للبرميل من أعلى سعر له في شهر مارس حين بلغ 128 دولارا. وانخفض سعر غرب تكساس الوسيط الذي يمثل المقياس الرئيسي للخام الأميركي إلى 88 دولارا، وهو أدنى سعر له منذ شهر أكتوبر.
وتعزى هذه الانخفاضات إلى المخاوف بشأن الاضطراب المحتمل في الاقتصاد العالمي، وذلك بسبب القلق على مستقبل العملة الأوروبية. وتبلغ حصة اليونان – وهي الدولة الاكثر احتمالا ان تخرج عن اليورو بين دول الوحدة النقدية – من الطلب العالمي على النفط نحو 0.5% فقط، وبالتالي، فإن التأثيرات المباشرة لركود اقتصادي أكثر عمقاً في تلك الدولة لن تكون كبيرة. في حين أن حصة أوروبا ككل من الطلب العالمي على النفط تعتبر أكبر بكثير حيث تبلغ 16%. بالإضافة إلى ذلك، فهناك علامات تشير إلى أن احتمال انتشار الضعف الاقتصادي إلى آسيا التي تمثل نحو ثلث الطلب العالمي على النفط وأكثر من 80% من النمو الذي شهده ذلك الطلب مؤخراً.
كما أن هذه المخاوف العالمية قد أدت إلى تحول المستثمرين نحو أصول تعتبر أكثر أمانا، ومنها الدولار الأميركي. فقد ارتفع الدولار بنسبة 4% على أساس المؤشر المرجح للتجارة في شهر مايو، كما ارتفع بنسبة 7% مقابل اليورو. وقد ضغط ذلك على أسعار السلع بالدولار، بما في ذلك الذهب والمعادن الرئيسية. ومع ذلك، يبدو أن حركات سعر الصرف بذاتها لا تفسر أكثر من ربع الانخفاض الذي شهدته أسعار النفط مؤخراً.
ورغم أن شعور المستثمرين قد يظل على الأرجح متشائما والأساسيات تشير إلى سوق أقل تشددا هذا العام مقارنة بالعام الماضي، فإن أسعار النفط الخام قد ترتفع بشكل مفاجئ في النصف الثاني من العام 2012. وتتمثل أحد أسباب ذلك في أن العوامل المؤقتة – ومنها الطقس الاكثر دفأ من المعتاد في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية – ربما قد فاقمت الضعف الذي شهده الطلب على النفط مؤخراً. وثمة سبب آخر يتمثل في احتمال حدوث خفض كبير في إنتاج منظمة أوبك. في الحقيقة، نجد أن أحد التفسيرات للزيادة التي شهدها إنتاج منظمة أوبك مؤخراً يتمثل في أن المنظمة تسعى إلى تكوين مستويات احتياط للوقاية من أي خسارة محتملة للخام الإيراني عندما يبدأ تطبيق العقوبات في شهر يوليو.

توقعات الطلب على النفط

انخفضت توقعات بعض المحللين لنمو الطلب على النفط خلال الشهر الماضي، إلا أن معظم هذه التوقعات كانت قد وضعت قبل التشاؤم الأخير بشأن الاقتصاد العالمي. ويتوقع كل من الوكالة الدولية للطاقة ومركز دراسات الطاقة العالمية نمو الطلب بواقع 0.8 مليون برميل يوميا (نمو قدره 0.9%) في عام 2012، أي من دون تغيير عن وتيرة النمو المسجلة في العام 2011، ولكنها أدنة مما كان ممتوقعا بنهاية العام الماضي. ويوضح المحللون أن بيانات الطلب على النفط، رغم تذبذبها، لم تكن بالسوء الذي كان مقدرا. وبقدر ما ساهم ارتفاع أسعار النفط في خفض توقعات نمو الطلب عند مراجعتها خلال الأشهر القليلة الماضية، فمن شأن الانخفاضات الحادة التي شهدتها الأسعار مؤخرا أن تحد من ازدياد التشاؤم في ما يتعلق بضعف البيئة الاقتصادية.

التوقعات بشأن إمدادات النفط

ارتفع إنتاج النفط الخام من الدول الإحدى عشرة الأعضاء في منظمة أوبك (باستثناء العراق) بواقع 104,000 برميل يوميا في شهر أبريل ليصل إلى 28.6 مليون برميل يومياً وذلك بعد الانخفاض الطفيف الذي شهده الشهر الماضي. وقد تحققت زيادات كبيرة في الإنتاج من ليبيا (88,000 برميل يوميا) و المملكة العربية السعودية (56,000 برميل يوميا) ونيجيريا (48,000 برميل يوميا) وأنجولا (47,000 برميل يوميا). وتعمل تلك الزيادات على تعويض الانخفاضات الكبيرة في الإنتاج الإيراني الذي انخفض بواقع 134,000 برميل يوميا في شهر أبريل، وبمقدار أكثر من 300,0000 برميل يوميا منذ بداية العقوبات في مطلع هذا العام. وتبين البيانات الواردة من الدول الأعضاء في منظمة أوبك، أن الإنتاج الإيراني قد ارتفع بدرجة طفيفة خلال الشهر. وفي الوقت نفسه، ذكرت المملكة العربية السعودية أن الإنتاج قد وصل إلى 10 ملايين برميل يوميا في شهر أبريل (أي بارتفاع قدره 179,000 برميل يوميا)، في حين انخفض الإنتاج الليبي بمقدار 0.1 مليون برميل يوميا عن مستوى إنتاجه قبل الحرب الذي كان يبلغ 1.6 مليون برميل يوميا (أي بارتفاع قدره 101,000 برميل يوميا).
ارتفع الإنتاج الإجمالي لمنظمة أوبك (شاملا العراق) إلى 31.6 مليون برميل يوميا في شهر أبريل، ويمثل الإنتاج العراقي أكثر من ثلثي هذا الارتفاع. وارتفع إنتاج الخام العراقي بمقدار ضخم بلغ 217,000 برميل يوميا هذا الشهر، وهو ما يرفع الإنتاج بواقع 3 ملايين برميل يوميا لأول مرة منذ عقود، ويظهر العراق كثالث أكبر منتج بين الدول الأعضاء في منظمة أوبك. وقد حدثت تلك الزيادة على الرغم من قطع نقل النفط الكردي إلى بغداد في الأول من شهر أبريل. ومع ذلك، فإن النزاع المستمر بالإضافة إلى عدم وجود بنية تحتية للتصدير من الممكن أن يعوق زيادات الإنتاج في المستقبل.
وبات من المتوقع أن يرتفع معروض النفط من الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك بواقع 0.7 – 1.0 مليون برميل يوميا في عام 2012، مع إسهام سوائل الغاز الطبيعي التي تنتجها منظمة أوبك في نصف تلك الزيادة على الأقل. كما أن تحسن الإنتاج في أميركا الشمالية سوف يعمل على تعويض انقطاع المعروض من الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك في مناطق أخرى، وعلى وجه الخصوص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث يستمر الاضطراب السياسي في إضعاف الإنتاج. وبشكل إجمالي، إذا استمر إنتاج الدول الإثنى عشرة الأعضاء في منظمة أوبك عند مستواه الحالي، من الممكن أن يرتفع معروض النفط العالمي بشكل مؤثر بواقع 2.5 مليون برميل يوميا في عام 2012.

 توقعات الأسعار

ومن المتوقع أن تؤدي الأزمة الاقتصادية الأوروبية وارتفاع معروض النفط في إضعاف أساسيات السوق هذا العام. وإذا جاء المعروض من الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك فعليا عند أدنى مستوى متوقع، أي بنمو قدره 0.7 مليون برميل يوميا (بما في ذلك سوائل الغاز الطبيعي التي تنتجها منظمة أوبك)، وارتفاع إنتاج منظمة أوبك بمتوسط 1.2 مليون برميل يوميا، فإننا قد نرى تكوينا كبيرا للاحتياطي بواقع 0.6 مليون برميل يوميا هذا العام، وذلك بناء على زيادة بنسبة 0.8% في الطلب. وفي هذه الحالة، ينخفض سعر خام التصدير الكويتي تدريجيا ويستقر دون 100 دولار بحلول نهاية العام.
من ناحية أخرى، إذا ثبت أن للعقوبات على إيران تأثير أكبر من المتوقع، وكانت منظمة أوبك غير قادرة على تعويض الانخفاض في صادرات الخام الإيراني، فإن أسعار النفط قد تنخفض بنسبة أقل على الأرجح. وفي هذا السيناريو، ينخفض سعر خام التصدير الكويتي انخفاضا طفيفا، ويظل أعلى بقليل من 100 دولار للبرميل.
اما إذا ارتفع معروض النفط من الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك بشكل أكبر من المتوقع بواقع 0.3 مليون برميل يوميا- ربما مع عودة الإنتاج في السودان أو اليمن جزئياً- فإن مستويات المخزون العالمي قد ترتفع ارتفاعا حادا وقد تشهد اسعار النفط بدورها انخفاضا حادا. ومن الممكن أن ينخفض سعر خام التصدير الكويتي بسرعة إلى ما دون 90 دولارا للبرميل في الربع الرابع من العام 2012، مما قد يدفع السعودية إلى تخفيض الإنتاج بشكل كبير قبل نهاية العام.

توقعات الميزانية

لم تصدر البيانات الرسمية للميزانية للسنة المالية 2011/2012 بعد، ولكننا نتوقع أن تكون إيرادات النفط قد بلغت فعليا 28.2 مليار دينار، أي بنمو 45% مقارنة مع السنة السابقة وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط خلال هذه الفترة. وإذا ما جاءت المصروفات الفعلية أقل من تلك المعتمدة في الميزانية بواقع  5-10% كما نتوقع، فإن فائض ميزانية السنة المالية الماضية يمكن أن يتراوح بين 11.4 و 12.4 مليار دينار قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة. وتظهر البيانات الرسمية للأحد عشر شهرا الأولى من السنة فائضا بقيمة 16.1 مليار دينار، ولكن هذا الفائض عادة ما ينخفض عغند صدور البيانات الختامية.
أما بالنسبة للسنة المالية 2012/2013، وبناء على سيناريوهات سعر النفط المبينة أعلاه، فإننا نتوقع أن يتراوح متوسط أسعار النفط ما بين 94 و108 دولارات للبرميل لكامل السنة. وبحسب تقارير صحافية، فإن المصروفات الحكومية المعتمدة في الميزانية لهذه السنة المالية قد حدد بمبلغ 22 مليار دينار، مع الإشارة إلى أن هذا الرقم قد يخضع للمراجعة بعد ذلك. وبافتراض أن تأتي المصروفات الفعلية أقل من مستواها المعتمد، فإننا نتوقع فائضا يتراوح ما بين 5 و10 مليارات دينار قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة، فيما تقدر الحكومة  تسجيل عجز في الميزانية بقيمة 8 مليار دينار.

الآن - بدر العنزي

تعليقات

اكتب تعليقك