الأمل الوحيد لليورو أن يقف رجل في وجه ميركل .. بقلم فولفجانج مونشو
الاقتصاد الآنيونيو 26, 2012, 1:38 م 706 مشاهدات 0
فقط تخيل أن هذا هو مساء يوم الخميس في اجتماع المجلس الأوروبي لرؤساء دول أوروبا، ورئيس الوزراء الإيطالي يقف ليقول: 'السيد الرئيس، أيها الزملاء الأعزاء. إننا نواجه خيارا بسيطا: فنحن نستطيع اليوم إما أن نحافظ على اليورو وبناء الأساس لاتحاد سياسي مستقبلي، أو أن نخفق في تحقيق أي منهما. جميعنا نعلم ما نحن بحاجة لفعله من أجل إنقاذ اليورو. فنحن نحتاج إلى إنشاء اتحاد مصرفي لإسبانيا، واتحاد مالي لإيطاليا، واتحاد سياسي لألمانيا'.
ثم يضيف: 'يمكننا، بطبيعة الحال، الاختلاف على التفاصيل. لكن يتعين علينا تسوية بعض من هذه الخلافات هذا الأسبوع. واتخاذ قرار بشأن الخطوات اللازمة في الوقت الحالي. لقد فشلت سياساتنا لحل الأزمات مرارا وتكرارا. ونحتاج الآن لحل يؤتي ثمارا سريعة. وإذا ما فشلنا في ذلك، يمكنني أن أؤكد لكم أنني لن أعود قادرا على أن أكون جزءا من هذه المجموعة، وبلدي لن تعود قادرة على أن تكون جزءا من هذا المشروع'.
اسمحوا لى أن أقول أولا وقبل كل ذلك إنني لا أتوقع حقا أن يقول ماريو مونتي شيئا كهذا، ولا حتى بلهجة وبلغة غامضة أكثر من ذلك. فهو قائد لحكومة تكنوقراطية. ووظيفته هي إصلاح ومعالجة الأمور. ومن غير المتوقع أن يقف في وجه المستشارة الألمانية، ناهيك عن المراهنة على أن يكون مستقبل إيطاليا جزءا من صلاحياته واختصاصاته. فقد عينته الأحزاب السياسية الإيطالية لأنها بحاجة إلى مصلح يخلف من كان مستهترا. وآخر شيء تريده هذه الأحزاب هو القائد.
وأعتقد أن هناك قضية لرهان محسوب، لكن يجب أن تكون مخاطرها ورشاها مفهومة تماما. فالمسألة لا تكمن في الدعوة الخادعة التي توجهها أنجيلا ميركل، كما أثارها بعض أصدقائي الإسبان والإيطاليين. فهي ليست مخادعة على الرغم من حقيقة أن تفكك منطقة اليورو سيكون أمرا كارثيا بالنسبة لألمانيا بشكل واضح. وأخيرا قال يوشكا فيشر، وهو وزير خارجية أسبق، إن ألمانيا بسماحها بتفكك منطقة اليورو ستكون قد ألحقت بأوروبا وبنفسها خرابا مطلقا للمرة الثالثة خلال قرن.
وقد طور الألمان سردا غريبا للأزمة. ففي أعقاب النقاش هناك، كما أفعل بانتظام، أصبح لديّ شعور مواز لهذا السرد. مثلا، هناك رفض لأن يكون فائض الحساب الجاري عاملا في ذلك ولو من بعيد. ونجد في السرد الألماني أن الاقتصاد مثل لعبة كرة القدم، التي تفوز فيها ألمانيا. وتصبح مهمة المستشارة هي دعم فريق ضد آخر - كما فعلت في جدانسك يوم الجمعة الماضي عندما فازت ألمانيا على اليونان. فألمانيا، مثل ميركل، لا يمكن وقفها فيما يبدو.
وهناك عدد محدود من المسؤولين الأذكياء والنخبة الاقتصادية يدرك ما نحن بصدده، لكنهم على استعداد لتحمل المخاطر الناجمة عن أي حادث. فالحفاظ على اليورو ليس هدفهم الرئيسي.
عندما رفض أوتمار إيسنج، كبير الاقتصاديين السابق في المصرف المركزي الأوروبي، بصورة قاطعة أي شكل من أشكال استغلال الدين، كما فعل في مقال صحافي نشر في الآونة الأخيرة، أغفل الإشارة إلى ما سيحدث إذا اتبعت الحكومة نصيحته. ستتفكك منطقة اليورو لا محالة.
فعندما يتولد ضغط لإحداث التفكك، سيكون ذلك الضغط من إيطاليا. وقال سيلفيو برلوسكوني على نحو ينذر بالسوء الأسبوع الماضي، إن مغادرة اليورو لن تكون كفرا. وطرح مجموعة من الخيارات البسيطة، مثل: إما أن تحصل إيطاليا على خطة إنقاذ، وإما تغادر ألمانيا منطقة اليورو، أو تغادر إيطاليا. وبدا لي وكأن برلسكوني يُعد حزبه للانتخاب المقبلة على بطاقة معادية للاتحاد الأوروبي لإيقاف التحدي الذي تمثله حركة فايف ستار المناهضة لليورو بزعامة بيبي جريللو. فما نراه هنا هو عملية لكيفية تحول مناهضة اليورو إلى تيار رئيسي.
وإذا ما حدث ذلك، فقد يكون أوان إنقاذ اليورو قد فات. فقد كان لدى قادة اليورو ثلاث سنوات للعمل، لكنهم أهدروا تلك الفترة. وربما كانوا أناسا أذكياء بشكل فردي، لكن كمجموعة كانوا يظهرون درجة غير عادية من الأمية الاقتصادية والمالية. فهل تتذكرون مفهوم الانكماش المالي التوسعي؟ أو الفكرة السخيفة للاستفادة من صندوق الإنقاذ؟ هل نعتقد حقا أن هؤلاء هم الأشخاص الذين سيقومون بكل الأشياء الصحيحة في يوم واحد، بينما فعلوا كل الأشياء الخاطئة على مدى ثلاث سنوات؟
الأمل الوحيد هو أن يكون هناك شخص من الداخل لتحدي ميركل.
وينبغي للمنافس استخدام حق الاعتراض على الهراء الذي من المرجح اقتراحه يوم الخميس. فكيف سيكون الاتحاد السياسي موثوقا به في المستقبل، إذا لم يتمكن من إنقاذ منطقة اليورو اليوم؟
وما من أحد في وضع أفضل للوقوف في وجه ميركل من رئيس الوزراء البريطاني. فهو أكثر الأشخاص العالمين ببواطن الشأن الأوروبي. وهو كذلك شخص ذكي وفصيح. وبلاده هي التالية في الهجوم الذي تشنه الأسواق. فالاتحاد الأوروبي ليس لديه خطة بديلة.
والتهديد بالاستقالة سيكون ذا صدقية، وسيخيف كثيرا من الأشخاص. فما الذي حصل عليه ليخسره على أي حال؟ فقد تراجعت تقديرات استطلاعات الرأي حوله، وهو أيضا بدأ يفقد الدعم داخل ائتلافه. فقط، بقوله الحقيقة في وجه السلطة يستطيع مونتي إنقاذ بلاده وإنقاذ اليورو.
تعليقات