مرسي في مواجهة الاقتصاد المصري العليل بقلم بورزو داراجاهي

الاقتصاد الآن

828 مشاهدات 0


 محمد مرسي هو ابن لمزارع، ترعرع في منطقة الدلتا الخصبة في مصر، في حي زرع في مواطنيه الحيطة، واحترام الكبير، والتفاني في العمل.

واستفاد مرسي من هذه القيم جيدا في دراساته، وحياته العائلية، وتقدمه في تنظيم الإخوان المسلمين، وصعوده في النهاية إلى رئاسة الجمهورية في مصر. لكن هذه السمات نفسها كان من الممكن أن تعيق قدرته على مواجهة تحديات الدولة التي لا تعد ولا تحصى، وتلبية مطالب ثورة أطاحت بالرئيس السابق، حسني مبارك، في العام الماضي.

وأدى مرسي أمس اليمين الدستورية أول رئيس منتخب شعبيا في مصر. وعشية توليه السلطة وجه خطابا إلى عشرات الآلاف من المؤيدين في ميدان التحرير، مركز الثورة المصرية، حيث قال للحشد المبتهج ''إن الوزراء، والحكومة، والجيش، وجهاز الشرطة جميعهم ينصتون إليّ وأنا أقول لا قوة أعلى من هذه القوة. لا قوة أعلى منكم، فأنتم مصدر هذه القوة والسلطة''.

ويعتبر مرسي زعيما غير متوقع لثورة لم يبدأها هو ولا حركته، وغالبا ما كانا يبدوان غير مواكبين لها. وهو الآن يواجه توابع زلزال الثورة، التي تتمثل في إحياء اقتصاد مصر العليل، ورفع مستوى بنيتها التحتية، وإصلاح نظامها البيروقراطي.

كذلك يواجه أستاذ الهندسة، البالغ من العمر 60 عاما، قوى سياسية نافذة منها المجلس العسكري، والحرس القديم الراسخ والعازم على رؤيته يفشل. فقبل إعلان انتصاره في انتخابات الرئاسة قام المجلس العسكري الحاكم في مصر بحل البرلمان وإصدر إعلان دستوري يقوض صلاحياته.

ومن الممكن أن يمنع مرسي فكرُهُ المحافظ المتأصل من الإقدام على الخطوات الجريئة اللازمة لإحداث التغيير الذي وعدت به ثورة العام الماضي.

ويقول ميلاني كاميت، أحد باحثي جامعة برون: ''تعتبر خلفيته جذابة من حيث اتجاهه الاجتماعي المحافظ جزئيا بالنسبة للكثير من المصريين الذين يرون أنفسهم فيه. أما من حيث أسلوبه السياسي، فإنه ذو حدين. فعند نقطة معينة، إذا تم اعتبار أنه لا يدفع بقوة شديدة من أجل التغيير، فإن هذا قد يؤذيه''.

وعلى الرغم من ذلك، هناك بعض العناصر في سيرته الذاتية التي توحي بأنه قد يرتقي إلى مستوى تطلعات ناخبيه، الذين صوتوا له على الأرجح بسبب تخوفهم من منافسه نصير النظام السابق، أحمد شفيق، أكثر من كونهم مؤيدين لرؤيته.

ويقول أحمد شحاتة، جار مرسي وتلميذه السابق في جامعة الزقازيق حيث كان يقوم بتدريس الهندسة: ''لقد علمنا قيمة التفاني في العمل بشدة وأن نسعى جاهدين من أجل الوصول إلى شيء نريد تحقيقه''.

وقد ترعرع مرسي في قرية العدوة، التي تقع على خارج ما يعرف الآن بمدينة الزقازيق، وهي مدينة مزدحمة توجد فيها الجامعة. وقد بقيت قريته هادئة منعزلة، لكن ربما كانت أكثر بعدا وفقرا في فترة طفولة مرسي.

كان أبوه يقوم بزراعة القطن والأرز، وقد استعان بأبنائه الأربعة للعمل في الحقول، لكنه سريعا ما لاحظ قدرة ابنه الأكبر الذهنية فحثه على المزيد من الدراسة.

ويقول سعيد مرسي، الأخ الأصغر للرئيس الجديد، خلال لقاء مع عائلة مرسي في بيتهم المتواضع في قرية العدوة: ''كان والدنا رجلا بسيطا جدا، علمنا احترام الآخرين والالتزام بالصلاة، وقبل كل شيء كان والدنا يُقدر التعليم''.

وبينما يتم انتقاده في داخل التنظيم الذي ينتمي إليه كمنفذ صارم للأحكام، يصفه إخوته وأصدقاؤه بالمرونة على الرغم من ثباته في معتقداته. ويقول سعيد مرسي: ''هناك ديمقراطية بداخله، فعندما يتعامل مع عائلته وأبنائه يسألهم عن آرائهم قبل اتخاذ القرارات الكبرى''.

وللإخوان المسلمين وجود في قرية العدوة ومحافظة الزقازيق، لكن مرسي لم يصبح عضوا في التنظيم إلا عندما أصبح مرشحا لنيل شهادة الدكتوراه في كاليفورنيا.

وعاد في وقت لاحق تاركا وراءه ثراء محتملا في الغرب، ليواصل مسيرته السياسية عضوا مخلصا وقائدا، فيما بعد، لجماعة الإخوان المسلمين، وهي خطوة كان مقدرا لها أن تترك أثرا عميقا في حياته.

ويقول شحاتة، عضو البرلمان عن حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي للإخوان المسلمين، إن قرار مرسي بالعودة من الخارج والانغماس فى السياسة المصرية، وحصوله على مقعد في برلمان النظام السابق وفترة في سجونه أيضا، جعله مصدر إلهام لطلاب جامعة الزقازيق وداخل جماعة الإخوان في آن معا.

ويضيف شحاتة: ''كانت لديه الفرصة كي يبقى في الولايات المتحدة ويكون ثروة، لكنه عاد ليعمل بالتدريس. وهذا ليس عاديا، فمعظم الناس يبقون في الخارج، لكنه أراد مساعدة بلده على التقدم''.

 

 

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك