دول مجلس التعاون الخليجي مستعدة للنمو استعداداً جيداً
الاقتصاد الآنذا بوسطن كونسلتينج جروب : المتسوقون الأثرياء يُسرعون الانتقال من المنتجات إلى الخُبرات في السوق العالمية
يوليو 18, 2012, 5:49 م 647 مشاهدات 0
يتسارع التحوّل من امتلاك السلع الفاخرة إلى تجربتها - و قريباً قد يُضيَع الكثير من منتجي البضائع الراقية كالساعات وحقائب اليد على أنفسهم فرصة نمو هائلة إذا لم يدركوا بذكائهم ميول زبائنهم الجديدة.
هذه واحدة من النتائج الرئيسية في تقرير إحياء الترف: الارتقاء بمعايير بيع السلع الفاخرة، وهو التقرير الأحدث الذي وضعته ذا بوسطن كونسلتينج جروب (BCG) حول الأأسواق العالمية الفاخرة. وتظهر الأبحاث التي بني عليها التقرير بأن تجربة السلع الفاخرة والتي تشكل الآن ما يقرب من 55 في المئة من إجمالي الإنفاق العالمي على المنتجات الفاخرة، وقد نمت عاماً إثر عام بسرعة تفوق سرعة نمو مبيعات السلع الفاخرة التقليدية بمقدار 50 بالمئة. وحتى في دولة مهووسة بالعلامات التجارية كالصين، حيثُ تعدّ السلع الكمالية الشخصية مؤشراً قوياً على النجاح والوضع الاجتماعي، وحيث تنمو مبيعات هذه السلع بنسبة 22 في المئة سنوياً، فإن مبيعات السلع الفاخرة الفاخرة التي تمنح تجرية مميزة تسيطر على السوق، بمعدل نمو يبلغ 28 بالمئة كل عام.
وقال كلاوس كيسلر، الشريك الأول والعضو المنتدب في مكاتب ذا بوسطن كونسلتينج جروب في الشرق الأوسط: 'يخبرنا المزيد من متسوقي السلع الفاخرة بأنهم يحبون التجارب التي تجعلهم يشعرون بالدلال والترف. ولكن إذا رغب منتجو البضائع الباذخة في الاستفادة من هذه النزعة تجاه 'التجربة' فعليهم التحرك بسرعة ونشاط. ولم ينجح حتى يومنا هذا سوى القليل في إضافة البعد التجريبي إلى عروضهم التجارية، أو مواقعهم على الإنترنت، أو إلى طريقة عرض البضائع في متاجرهم. وفي حين قد لا يكون عدم وجود مثل هذا البعد التجريبي ضاراً بمنتجي السلع المترفة اقتصادياً بعد، فإنه يعدّ فرصة ضائعة كان لها تحسين أدائهم'.
وشمل الاستطلاع نحو 1000 شخص من الأثرياء في ثمانية أسواق متقدمة (فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، وكوريا الجنوبية، وإسبانيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة)، وفي دول البريك الأربع الصاعدة (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين)، والذي أجرته ذا بوسطن كونسلتينج جروب بالتعاون مع معهد ايبسوس المتخصص في الأبحاث، والرابطة الدولية لمؤسسات إنتاج السلع الفاخرة. وقد وجدت هذه المؤسسات أن إجمالي الإنفاق السنوي على المنتجات التي وصفها هؤلاء المستهلكون بالكماليات يتخطى 1.4 تريليون دولار الآن. ويشمل ذلك أكثر من 770 مليار دولار أنفقت على التجارب الفاخرة، وما يقارب 350 مليار دولار أنفقت على السيارات الفارهة، وتَوَزّع الباقي على السلع الكمالية الشخصية مثل الساعات، وحقائب اليد، والأحذية.
ولا تقتصر تجارة السلع الفاخرة بأي حال من الأحوال على الاتجاهات الفنية الباذخة والحصرية، ورحلات السفاري، والمنتجعات الصحية الفاخرة. فبعض المستشفيات تقدم أماكن إقامة فاخرة تشمل الخدم والطهاة التخصصين، والحمامات المصنوعة من الرخام، في حين بدأت بعض شركات الطيران في تقديم أجنحة خاصة، كما تضم بعض المباني الفاخرة الشاهقة غرفاً تحوي شاشات عرض سينمائية ومرافق للعب الجولف الافتراضي.
أربعة اتجاهات تقود التحرك نزعات الانتقالَ نحو تجربة السلع الفاخرة:
1) إملاءات التركيبة السكانية. في الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة، واليابان، وأوروبا، بدأ المستهلكون الذين دفعوا طفرة الترف قدماً في التسعينات من القرن الماضي بالتقاعد الآن. فقد وصلوا إلى مرحلة في الحياة لم يعد لديهم الحاجة أو الرغبة في امتلاك 'أشياء' جديدة- ولذلك فهم العملاء الرئيسيون للعروض الفاخرة التي تمنح تجرية مميزة.
2) التغيرات في الأنماط الاستهلاكية. عندما يصبح المستهلكون من الطبقة المتوسطة في الأسواق النامية بسرعة أكثر ثراء ويبدأون بشراء السلع الفاخرة فإنهم يميلون إلى اختيار المنتجات التي تعمّر طويلاً وتحمل علامات تجارية جيدة السمعة. لكنهم مع مرور الوقت يميلون إلى الانتقال من تكديس السلع المادية إلى شراء التجارب الجديدة- وهو ما انعكس في معدلات النمو الأخيرة الخاصة بالإنفاق على السلع الفاخرة التي تمنح تجرية مميزة.
3) جيل الشباب يفعل الأشياء بشكل مختلف. يميل جيل الشباب- ويضم الشبان والشابات في آخر فترة المراهقة وفي العشرينات من العمر- إلى تعريف أنفسهم من خلال ما قاموا به والتجارب التي مروا بها أكثر مما يفعلون من خلال ما يمتلكونه. فالمتعة الفورية والتجارب الباذخة تجتذبهم – كالتزلج على الجليد في أماكن نائية في ألاسكا تقلهم إليها المروحيات، أو الذهاب في رحلة تسوق إلى باريس خلال عطلة نهاية الأسبوع على سبيل المثال.
4) السعي الدائم نحو الرضا. يشير المستهلكون إلى أنهم يبحثون عن قدر أكبر من الشعور بالرضا وبوجود هدف في حياتهم، وغالباً ما تتحقق تلك الرغبات من خلال تجربة السلع الفاخرة التي تمنح تجرية مميزة وبشكل يفوق مما يفعله شراء الأشياء الفخمة.
وصرح السيد ألدوس ميتشيل، المدير من ذا بوسطن كونسلتينج جروب في الشرق الأوسط قائلاً: 'يخبرنا متسوقو السلع الفاخرة في كل أرجاء العالم أنهم يفضلون الإنفاق على تجربة السلع الفاخرة التي تمنح تجرية مميزة أكثر من شراء الملابس والمجوهرات. فعوضاً عن قولهم 'أنا وجميع أصدقائي نرتدي كارتييه' أصبحوا الآن يقولون 'أقدّر الأيام التي أقضيها وأصدقائي في المنتجع الصحي الفاخر'. وعلى الرغم من أن الترف كتجربة هو شيء غير ملموس على عكس السلع التقليدية، إلا أن المستهلكين يعدونه أمراً يصعب نسيانه'.
وقد بدأ الرائدون في مجال إنتاج السلع الفاخرة بإدراك الأمر- ولو كان ذلك على حذر. ومن بين الأمثلة على ذلك ما يلي:
• تقوم شركة LVMH ، وهي واحدة من أكبر شركات السلع الفاخرة في العالم، بالتوسع في امتيازها في فنادق شيفال بلان. ويوجد بالفعل فندق شيفال بلان في كورشوفيل، منتجع التزلج الفرنسي، وآخر في جزر المالديف. وتخطط LVMH لافتتاح فندقين في سلطنة عمان ومصر في عام 2012.
• كانت بي ام دبليو(BMW)، صانعة السيارات الألمانية، واحدة من أولى شركات صناعة السيارات الراقية التي حوّلت تجربة انتظار استلام المشتري لسيارته جديدة من محنة مثيرة للإحباط إلى نشاط مملوء متعة: فمشترو سيارات ميني كوبر التي تنتجها الشركة يتلقون تحديثات خاصة بمالكي السيارات الجدد تخبرهم عن مراحل تجميع سياراتهم وسير رحلتها خارج المصنع.
• تروج شركة صناعة الساعات السويسرية (IWC)، وهي الشركة التي تمتلك متحفاً للساعات في مقرها، لساعاتها المخصصة بالطيارين في متجرها الرئيسي في هونغ كونغ عن طريق منح العملاء فرصة ركوب جهاز محاكاة الطيران الذي يحتوي على شاشة ضخمة وصوت مجسم.
رؤى خاصة بدول مجلس التعاون الخليجي
لم تقم دول مجلس التعاون الخليجي باستغلال كامل إمكاناتها كمراكز للسياحة الفاخرة حتى الآن وفقاً ذا بوسطن كونسلتينج جروب. وصرح الدكتور كلاوس كيسلر، الشريك الأول والعضو المنتدب في مكاتب ذا بوسطن كونسلتينج جروب في الشرق الأوسط قائلاً: 'إن الأهمية المتزايدة باستمرار لتجربة السلع الفاخرة يضع دول مجلس التعاون الخليجي في وضع جيد جداً، ولا سيما من حيث عروضها السياحية الآخذة في النمو نمواً فاعلاً. وسيكون في مقدور دول المجلس من خلال استغلال تفرّد المشاريع الحديثة لفنادق يزيد تصنيفها عن 5 نجوم، وللمنتجعات الصحية الفاخرة، ومراكز التسوق الباذخة، وأصول التراث الثقافي المحدثة، أن تنافس بنجاح في قطاعات السوق تلك. ولذلك فإن الاتجاه العالمي نحو تجربة السلع المترفة والانغماس بها يتسم بأهمية كبيرة لمقدمي الخدمات في دول مجلس التعاون الخليجي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للفروع المحلية من العلامات التجارية العالمية الفاخرة أن تتوقع استمرار النمو في مبيعات السلع المترفة التقليدية للمسافرين القادمين إليها من الخارج. ويعدّ تدفق قاصدي السياحة المترفة القادمين إلى دبي من روسيا والصين وأوروبا الغربية خلال أشهر الشتاء مثالاً هاماً على ذلك'.
وتتضمن بعض الرؤى الأخرى الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي ما يلي:
• الابتكار داخل المحل التجاري مطلوب
يحتاج تجار التجزئة إلى إعادة الفضول والإثارة إلى زبائن السلع الفاخرة المحليين من المتمرسين بالتسوق والذين غالباً ما يكونون قد غمروا بالرسائل الإعلانية المتنافسة. ويعدّ متحف باتيك فيليب المتنقل الذي أقيم في مدينة جميرا في دبي في العام الماضي خير مثال على ذلك. وفي الاتجاه المقابل يقوم تجار تجزئة آخرون بنقل متاجرهم إلى عملائهم الهامين، لمتابعة الأزياء التي يصممونها شخصياً- مثلاً- بغرض تعديل الهوت كوتور بما يتناسب ورغبات الزبائن الفردية.
• يمكن لمقدمي الخدمات المحليين الاستفادة أكثر من الرحلات الخارجية الفاخرة المخصصة لسكان دول مجلس التعاون الخليجي
لم يلبِّ منتجو الخدمات والسلع الفاخرة، مثل مقدمي خدمات الاستقبال الفخمة، طلب المسافرين من دول مجلس التعاون الخليجي المتعلق بالحصول على الخدمات الفاخرة عندما يسافرون إلى وجهات كلندن وباريس وجنوب فرنسا، خاصةً خلال أشهر الصيف. ويعد هذا القطاع قطاعاً غير مستغل بعد.
• تستمتع هذه المنطقة بتعديل البضائع لتناسب الزبون أكثر من أية منطقة أخرى
يعد تعديل البضائع، من السيارات إلى ساعات اليد، اتجاه هام في دول مجلس التعاون الخليجي، ومن المرجح لها أن تستمر بهذا الإتجاه في المستقبل.
• يمكن للعلامات التجارية أن تكون أكثر تقليدية وتنافسية في الترويج لنفسها في المنطقة في الوقت الراهن
ستظل العلامات التجارية التقليدية قوية في الوقت الذي تكتسب فيه السلع الفاخرة و التي تمنح تجرية مميزة أهميةً حول العالم وفي دول مجلس التعاون الخليجي، نظراً لتركيبتها الاجتماعية والاقتصادية الفريدة من نوعها، ولنوعية السياحة الداخلية التي تجتذبها. وقال السيد ألدوس ميتشيل، المدير في ذا بوسطن كونسلتينج جروب في الشرق الأوسط: 'تستقطب المنطقة على سبيل المثال عدداً كبيراً من السياح الروس والصينيين الذين عادة ما يكونون أكثر ميلاً نحو رفاهية المنتج بالمقارنة ببعض الأسواق الأخرى الأكثر نضجاً. وبالإضافة إلى ذلك فإن الاستهلاك بغرض جذب الانتباه مقبول بشكل أكبر بكثير في دول مجلس التعاون الخليجي بالمقارنة مع أوروبا والولايات المتحدة حيث ألصقت المشاكل الاقتصادية درجة معينة من وصمة العار على الإسراف'.
تعليقات