عن التردد في السياسة برأي سعود العصفور
زاوية الكتابكتب يونيو 24, 2007, 7:19 ص 485 مشاهدات 0
«سياسة التردد» و«تردد الساسة»
ما حدث في طهران تجاه أحد موظفي السفارة الكويتية هناك، هو أمر لا يمكن التقليل من
أهميته أو الحديث عنه وكأنه حادث عابر. الظروف التي أحاطت بهذا الاعتداء تدل دلالة
كبيرة على أن عملية الاعتداء كانت عملية منظمة ومرتبة ومقصودة، وليست حادثة قد تحدث
في مواقف وظروف مواتية. فتقصد هذا الديبلوماسي الكويتي والاعتداء عليه من قبل
مجموعة من المسلحين والنظاميين، ومن ثم محاصرة سفارة دولته لمدة تزيد على ثماني
ساعات متواصلة ومنع دخول سيارات الإسعاف لإسعاف الديبلوماسي المصاب داخل السفارة
ولأكثر من ثلاث مرات متتالية، والتي لولا الله ثم تدخل سفير مملكة البحرين في طهران
بإدخال سيارة الإسعاف لحدث ما لا تحمد عقباه لهذا الديبلوماسي المصاب، وما تلى ذلك
من تجاهل واضح ومقصود من المسؤولين الإيرانيين لاتصالات نظرائهم في الكويت واختتام
ذلك كله بتعطيل مغادرة الطائرة الأميرية التي أرسلت على عجل لنقل الديبلوماسي
الكويتي المعتدى عليه إلى بلاده في مطار طهران لأكثر من ثلاث ساعات، ذلك كله يدل
على أن الأمر ليس حادثاً عابراً، وأن وراء الحادث أمورا قد تكون غير معلومة لنا
حالياً، ولكنها قطعاً معلومة لدى المسؤولين الإيرانيين ولدى الجهات العسكرية التي
نفذت هذا الاعتداء الهمجي على الديبلوماسي الكويتي، وهي من دون شك تختلف عن تلك
القصص ضعيفة الحبكة كلها والمثيرة للسخرية، والتي تتحدث عن اعتداء للقوات الأميركية
على ديبلوماسي إيراني في الكويت.
إن تجرؤ تلك القوات العسكرية الإيرانية على مهاجمة ديبلوماسي كويتي في طهران
ومحاصرة سفارة دولته لمدة طويلة لا يمكن أن ينم إلا عن تأكد ويقين لدى من أصدر
القرار لهذه القوات العسكرية بأن ردة الفعل الكويتية لن تتعدى في أسوأ أحوالها
وأعظم حالات غضبها التنديد والشجب والاستنكار والحث على التحقيق في الموضوع، مضافاً
إليها القليل من «الله يسامحكم». هذا إذا لم يتم التحقيق مع الديبلوماسي الكويتي
وتحميله المسؤولية في نهاية الأمر لأنه خرج إلى الشارع، فقبلهم أُحرق العلم الكويتي
في الضفة الغربية، واقتحمت الجماهير الليبية سفارة الكويت هناك وأنزلت علمها ورفعت
في مكانه العلم العراقي، وغيرها الكثير من المواقف التي قوبلت بسياسة «التردد»
و«التودد» و«الخوف» من قبل ديبلوماسيتنا وحكومتنا الرشيدة. لذلك لن يضر هذا المسؤول
الإيراني أو ذاك أن يعتقد أن الأمر هذه المرة لن يكون مختلفاً، فلا ضرر من الاعتداء
على ديبلوماسي أو مواطن كويتي مادامت حكومته لن تجرؤ على ما هو أكثر مما عودتنا
عليه دائماً وأبداً.
«سياسة التردد» هذه لدى الحكومة هي ذاتها التي تجعلها هذه الأيام تخوض معركة تعلم
أنها خاسرة مع وزير النفط، فقط لأنها مجبرة على ذلك، رغم أن الدلائل الواضحة كلها
تدل على أنها معركة غير متكافئة وخاسرة حتى من قبل أن تبدأ. ولكنه التردد الذي
جعلها تدور في مكانها منذ أن بدأت. والأمر مع الوضع الإيراني لن يختلف كثيراً، فها
نحن نطالب باعتذار «خطي» ولم نحصل حتى الآن سوى على «أسف» و«شفهي» أيضاً. نحن ليس
لدينا عداء تاريخي مع إيران، وليس لنا ولا لهم مصلحة في مثل هذا العداء، ولكن لدينا
«خوف» تاريخي متجذر من اتخاذ القرارات والمواقف الصلبة تجاه قضايانا! هذا بالضبط ما
نعاني منه في كل قضية تطرأ على الساحة الكويتية، ولذلك ستمر هذه القضية مثل
سابقاتها ونبقى «ساسة التردد» في المنطقة ووكيلها «الحصري» و«الإقليمي» الوحيد في
المنطقة! وكل اعتداء على كرامتنا وأنت بخير يا حكومتنا!
كاتب ومهندس كويتي
الراي
تعليقات