كبرى شركات الإنترنت تضطر إلى الاستجابة لتقنيات الهاتف الجوال.. بقلم تيم برادشو

الاقتصاد الآن

1644 مشاهدات 0


شهد هذا العام تغييرًا خطيرًا في شكل شبكة الإنترنت العالمية، حيث يستطيع الآن المزيد من الناس الدخول إلى شبكة الإنترنت من خلال الهواتف الجوالة أكثر من أجهزة الحاسوب في الصين، وهي موطن لأكبر مستخدمي الإنترنت في العالم.

كما أن أمريكا الشمالية وأوروبا ليستا متخلفتين كثيرًا في صنع هذا التحول الرقمي، وكما هو الحال بالنسبة للأسواق سريعة النمو مثل تركيا وإندونيسيا.

هذا يمثل تحديا كبيرا لعمالقة الإنترنت اليوم- وعلى رأسها 'جوجل' و'فيسبوك'، وكذلك 'ياهو' و'مايكروسوفت'- التي نشأت عندما استخدم معظم عملائهم نمطيًّا شبكة الإنترنت عبر الشاشات الكبيرة والثابتة.

قارن بعض المديرين التنفيذيين لشركات الهاتف الجوال النمو المتسارع في استخدام الإنترنت عبر الهاتف الجوال باضطراب عمل الصحف المطبوعة الذي قابله القراء بالتحول إلى الإنترنت، وهذا يخلق فرصًا لما ما يسمى بـ'الهاتف الجوال أولًا' لدى الشركات الناشئة بهدف الإطاحة بالشركات الرائدة حاليًّا.

اجتذبت السرعة مع تطبيقات مثل 'انستاجرام' أو 'أنجريبيردز' عشرات الملايين من مستخدمي الإنترنت الذين فاجأوا العديد من شركات الإنترنت على حين غرة وتسلط الضوء على الكيفية التي تتحول فيها الأرض من تحت أقدام عمالقة الإنترنت.

'أعتقد أننا الآن في عام 1999 في مجال الهاتف الجوال، 'وفقًا لما يقوله ديف مورين، الرئيس التنفيذي لشركة باث، وهي شبكة اجتماعية للهاتف الجوال التي تتنافس مع رب عمله السابق، 'فيسبوك'، ويقول ذلك في إشارة إلى طفرة شركات الإنترنت الأولى.

كان قد بلغ عدد مستخدمي 'انستاجرام' 50 مليون مستخدم، عندما أذهل 'فيسبوك' المجال الصناعي بعرض استحواذ قيمته مليار دولار، قبل أسابيع فقط من طرح أسهمها في السوق لأول مرة. ومنذ ذلك الحين بلغ عدد مستخدمي انستاجرام 30 مليون مستخدم. وكان مطور الألعاب، 'روفيو'، الذي يدعي تحقيق مليار تنزيل للعبة الأصلية، 'أنجريبيردز' الذي قام بتطويرها، قد تم تحميل عدد 100 مليون لتكملة اللعبة الأخيرة بعد ثلاثة أشهر– وهي أرقام من النادر تحقيقها في ألعاب الحاسوب أو وأجهزة الألعاب الإكترونية. وظهرت العشرات من الشركات المبتدئة التي تركز على التطبيقات في صحوة لمحاولة الاستيلاء على المجال الجديد للهاتف الجوال قبل أن تستطيع شركات أكبر التعلم أو شراء الخبرة المتخصصة اللازمة لإتقان مجال الهاتف الذكي. تقول شركات مثل 'باث' و'فليببورد' إنها تقوم بتوفير تجربة استخدام أفضل لغيرها من الشبكات الاجتماعية أو تطبيقات المجلات، مع التركيز على السرعة والبساطة التي هي صعبة بالنسبة لموقع عادي على شبكة الإنترنت، الذي يفيض بالميزات، لوضعها على الشاشة الصغيرة.

تحول مستخدموها إلى الهاتف الجوال، يجبر السلطات القائمة على الإنترنت على عمل تحولات استراتيجية تعمل بشكل أعمق بكثير من مجرد إعادة بناء خدماتها للشاشات الأصغر حجما أو في كيفية العمل على التكيف مع نماذج الدعاية القائمة على وسيلة جديدة.

الخشية من أن يؤدي ذلك إلى فقدان إمكانية الدخول المباشر لمستخدميها، جعلت 'جوجل' تتخذ خطوة ناجحة في صناعة البرمجيات المتنقلة مع برنامجها أندرويد. الآن، هي تسعى لمحاكاة هوامش الربح الخاصة بشركة أبل، وقدرتها على السيطرة على جميع جوانب الخبرات الجوال الخاصة بعملائها، وانتقلت 'مايكروسوفت'، و'جوجل' و'أمازون' إلى مجال الأعمال التجارية الخاصة بالأجهزة.

وأضافت الشركات الناشئة أن الحقيقة ذاتها هي أنها نشأت في عالم الهاتف الجوال مما سيعطيها الميزة.

'عدم وجود أي خيارات أخرى تفرض عليك ألا تعامل الجوال كمواطن من الدرجة الثانية'، كما يقول إيفان دول، المؤسس المشارك لـ'فليببورد'، وهو برنامج قارئ أخبار للهاتف الجوال والحاسوب اللوحي الذي تم تقديمه لأول مرة على جهاز الآيباد في عام 2010. ويضيف قائلًا: 'لقد رأينا الشيء نفسه مع النشر والانتقال من الطباعة إلى الرقمية. إذا كنت لا تزال تتمسك بالطباعة، فأنت ستترك طفلا بلا طعام على حساب طفل آخر'.

لا يزال لدى عمالقة الإنترنت مقاييس من جانبهم– بلغ عدد مستخدمي تطبيق 'فيسبوك' للهاتف الجوال، على الرغم من أنه تم استعراضه بشكل ضعيف، مئات الملايين من المستخدمين المنتظمين وأيضًا أنه التطبيق الأكثر تحميلًا في متجر التطبيقات الخاص بـ'أبل'.

لكن الحفاظ على الوجود المطلق يثبت أنه أكثر صعوبة بالنسبة للهواتف الجوالة من شبكة الإنترنت التقليدية، بالنظر إلى سيل المنافسة من التطبيقات المستقلة.

وتتفاقم المشكلة بظهور حقيقة أن في الوقت الراهن، لا أحد يستطيع تأمين الدخل نفسه من الإعلانات على الشاشة الصغيرة. وكان الاقتباس الشهير لجيف زوكر عام 2008، الرئيس التنفيذي لقناة 'إن بي سي' التلفزيونية، أن خطوة الإنترنت التي قامت بها وسائل الإعلام التقليدية بدلت 'الدولارات التناظرية ببنسات رقمية'، قد تكون أيضا قابلة للتطبيق حيث تتحول شركات الإنترنت من شبكة الإنترنت إلى الهاتف الجوال.

يقول العديد في هذا المجال إنه من المبكر جدًا ظهور خدمة الإنترنت على الهاتف الجوال، فإن أرباح اليوم في هذا الصدد أقل من تأمين أنموذج دائم للمستقبل، 'الهاتف الجوال بمثابة فرصة يمكن الاستيلاء عليها في هذه اللحظة' على حد قول توم هولم، مدير التصميم في 'أيديو'، وهي شركة تقديم استشارت حول التصميم ومستثمر مبتدئ في مجال التكنولوجيا.

ولسوء الحظ بالنسبة لعمالقة التكنولوجيا، فإن الكثير من عمليات الاستيلاء على فرص الهاتف الجوال حتى الآن قد قامت بها الشركات الناشئة التي تصمم المقومات البدهية للمحمول بالنسبة للمواد الأساسية لشبكة الإنترنت على سطح المكتب.

تطبيق موقع فليكر للهاتف الجوال لمشاركة الصور الذي تمتلكه 'ياهو'، على سبيل المثال، سلب البريق منه حشد غفير من التطبيقات الصديقة للهاتف الجوال مثل 'انستاجرام' الذي جذب إليه عشرات الملايين من المستخدمين في فترة تتجاوز العامين بقليل. 'يلب'، وهو موقع عرض محلي، واجه تحديًا من قبل 'فورسكوير'، وهو تطبيق من طراز 'الهاتف الجوال أولًا' الذي يقدم شريطا من النصائح للأصدقاء حول الحانات المحلية والمتاجر والمطاعم، وجذب هذا التطبيق ما يزيد على 20 مليون مستخدم.

ولقد تعرضت خدمات الرسائل السريعة التي تقدمها 'ياهو' و'مايكروسوفت' و'أمريكا أون لاين' إلى الإهمال في الهاتف الجوال بسبب تطبيقات الدردشة مثل 'ماسنجر' و'واتسأب'.

ولهذا فإن عمالقة التكنولوجيا يزيدون من سرعة استجابتهم لهذه التنكولوجيا سواء أكان ذلك من خلال الاستحواذ أو تطوير ما هو قائم من خدمات، حيث قامت 'فيسبوك' بإعادة صياغة صورتها في خدمة الإنترنت على الهاتف الجوال. وعلاوة على الحصول على 'انستاجرام'، يتطلع مارك زوكربيرج الآن إلى كافة الخدمات الجديدة أو الخصائص في مجال إنترنت الهاتف الجوالة أولًا، حسبما صرح به زملاء في العمل، ولقد عقدت 'فيسبوك' العزم على تعميق خبرة استخدام الهاتف الجوال لدى مستخدمي موقعها، وتعيد التفكير في خدماتها لتكون أكثر ملاءمة للهاتف الجوال.

وأخبر ديك كوستولو، المدير التنفيذي لـ موقع تويتر 'فاينانشال تايمز' في الشهر الماضي أنه يرى حاليًا موقع تويتر على أنه 'المدخل المنحدر'، حيث يوجه مستخدموه إلى التطبيق 'الجوهري' لموقع تويتر على الهاتف الجوال.

وأخيرًا، اعترفت 'جوجل' ضمنيًّا أن تطبيقها الخاص بهاتف الآيفون للجي ميل (بريدها الإلكتروني) في حاجة إلى تطوير عند شرائها لـ'سبارو'، وهو تطبيق بريد آيفون الشهير.

ولكن هناك ثمة سؤال وهو هل هذه التحركات سوف تكون كافية. 'لقد كنا نعمل في شركاتنا للتأكيد على أن التعديل التحديثي لخدمة كانت تعمل على شبكة الإنترنت لتعمل على الهاتف الجوال لن تكون فكرة جيدة على أي حالة' وفقًا لما يقوله داني ريمر من شركة إندكس فنتشرز، ويضيف: 'الهاتف الجوال له منظومته الحاسوبية الخاصة به، لذا يجب إعادة النظر في الخدمات حتى تعمل كما لو أنها طورت أصلًا خصيصًا لهذه الأجهزة'.

شاشات الهاتف الجوال تجبر مصممي تطبيقات الجوال على البساطة

تجادل الشركات الناشئة التي ترهن عملها على الهواتف الذكية قائلة إن التصميم الخاص بالهاتف يتطلب أن يكون مختلفًا عن التصميم لموقع على الشبكة العنكبوتية.

يقول إيفان دول، المؤسس المشارك لشركة فليببورد: 'إنني أرى هناك مقدارين كبيرين من الاعتبارات عند تصميمك تطبيقا للهاتف الجوال'، ويضيف: 'أحد هذين المقدارين يتعلق بالعوائق والآخر بالسياق'.

الحجم المحدد للشاشة، وأجهزة قليلة الطاقة، وقلة النطاق العريض في شبكات الهاتف الجوال 'يجبرك على تصنيع منتجات بسيطة' على حد تعبير دول، الذي يضيف قائلًا: 'بل تجعلك تترك بعض الخصائص' كما أن العملية التي تستهلك أكثر من الضغط على الرابط لتحميل التطبيق تعني أيضًا أن على شركات الإنترنت العمل بأقصى سرعة لإقناع الناس على المحاولة في الاستمرار في استخدام تطبيقاتها.

ويقول دول: 'الموقع لا يبعد سوى زوج من التبويبات'، ويستطرد: 'المستخدمون أقل تسامحًا في الهاتف الجوال فيما يتعلق بالأداء'.

ويقول ديف مورين، المدير التنفيذي في شركة باث ومدير سابق في شركة فيسبوك: 'إن الأمر صعب إلى حد لا يمكن تصديقه' للتحول من موقع صمم خصيصًا للحاسوب الشخصي إلى الهاتف الذكي أو الحاسوب اللوحي. ويضيف: 'ربما لا تتم ترجمة خبرة سطح المكتب إلى خبرة الهاتف الجوال على الإطلاق'.

انستاجرام'، تطبيق لمشاركة الصور الذي تدفع له شركة فيسبوك ما يصل إلى مليار دولار للحصول عليه، يعد مثالًا ساطعًا على منهج الهاتف أولًا.

وبادئ ذي بدء، اختار مبدعو 'انستاجرام' الصور المربعة الشكل مع سطوع منخفض نسبيًّا، المعد خصيصًا للملفات صغيرة الحجم. وهذا حسن إلى حد كبير من استخدامها الهاتف آيفون ذات الشاشة مستطيلة الشكل وعمل على تسريع عمليتي تحميل وتنزيل الملفات.

وعلى الرغم من ذلك، يحذر توم هولم، مدير التصميم في' أيديو'، وهي شركة تقديم استشارت تصميم، من أن هذا يخاطر بخبرة عملائها بشبكة الإنترنت. كما أن الصور التي تبدو رائعة على الشاشات الصغيرة قد تبدو باهتة اللون وذات جودة متردية على شاشة الحاسوب الشخصي أو على النسخ المطبوعة- وربما هذا يوضح سبب عدم امتلاك 'انستاجرام' موقعًا بملء شاشة سطح المكتب حتى الآن.

'إنني أوجه الخطاب إلى هؤلاء الذين أصيبوا بحالة من خيبة الأمل لأنهم فخورون جدا بصورهم على تطبيق انستاجرام، ولكنهم أقل قدرة على عرضها على الشاشات الكبرى' على حد قول هولم.

 

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك