سوق التأشيرات بقلم د.عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
الاقتصاد الآنأغسطس 17, 2012, 7:09 م 767 مشاهدات 0
أتذكر أثناء عملي بدولة الامارات أني كنت أذهب إلى بعض الأماكن المعروفة بتجمع العمالة الاجنبية من أجل الاتفاق على نقل أثاث الشقة التي أسكنها إلى شقة أخرى، حيث يحضرني مشهد الجموع المثير للشفقة وقد أحاطت بي، وهم في حالة من الهيجان، وكل واحد منهم يعرض سعراً أقل لقوة عمله من الآخر.
ولا أظن أن الصورة لدينا تختلف عن ذلك المشهد المريع الذي وصفته. فتجار التأشيرات قد ملأوا البلد بالعمالة السائبة. فتحقيق الزميل راكان الدوسري المنشور يوم الاثنين الماضي قد أثار الجروح من عدة نواحٍ. فبيع التأشيرات على الرصيف كما هو في الصور المرفقة يعتبر تحدياً صارخاً لكل الضوابط التي تعمل على أساسها المديرية العامة للجوازات. وهذا أمر يدعو للقلق. فمن الواضح أن ضعاف النفوس قد استفادوا من بعض النوافد غير المغلقة تماماً في الأنظمة. صحيح أن التحايل على القوانين أمر معروف في جميع الأزمنة والبلدان ولكن صحيح أيضاً أني كنت أتمنى أن لا يحدث ذلك لدينا خصوصاً عندما يدور الحديث عن مجال له علاقة بأمن مجتمعنا واستقراره.
من ناحية أخرى فإن استقدام العمالة الأجنبية من خلال التأشيرات غير المغطاة بالوظائف من شأنه أن يذهب بكثير من الجهود التي تبذلها وزارة العمل. وليس ذلك وحسب فالعمالة السائبة هي البيئة المناسبة للجريمة ومخالفة القوانين والأنظمة. وفي الحقيقة فإني لا أضع كل اللوم على الوافدين. فهؤلاء عندما يجيئون إلى بلدنا فإنهم لا يأتون حبا فينا وإنما من أجل الحصول على عمل يكسبون من ورائه رزقا يستفيدون منه لانفسهم ولذويهم في الخارج. فإذا كانت التأشيرات التي جاءوا بموجبها غير مغطية بعمل ما فمآلهم الجريمة من أجل سد رمق الجوع على الأقل.
ولذلك ففي ظل هذا الوضع فإن المديرية العامة للجوازات ربما تكون مدعوة للبحث عن تلك النوافد، غيرالمغلقة في الضوابط والإجراءات، التي من خلالها يتسلل ضعاف الذمة للحصول على التأشيرات. وأعتقد أن التنسيق بهذا الخصوص مع وزارة العمل أمر ضروري. من جهتها فإن هذه الأخيرة هي أيضاً مدعوة للاهتمام بجانب العرض في سوق العمل وعدم التركيز على جانب الطلب وحده. فمثل ما نرى فإن كافة الاجراءات التي اتخذتها من أجل رفع مساهمة قوة العمل السعودية يتم الالتفاف عليها أحياناً عبر إصدار التأشيرات غير المغطية بالوظائف وغيرها من وسائل التحايل. وهذا يعني أن هناك قصوراً في معالجة المسألة على جانب العرض.
وأنا هنا لا أريد التقليل من الصعوبات التي تكتنف هذه القضية، فنحن لدينا قطاع خاص قد أنفقنا عليه البلايين من أجل إيقافه على قدمه خلال الثلاثين عاماً الماضية. ولذلك فإن أي خطوة سواء كانت في جانب العرض أو الطلب يجب أن تكون مدروسة من كافة الجوانب. أو بمعنى آخر فإن الوزارة يفترض أن تتوصل إلى المعادلة التي يمكن من خلالها تشجيع القطاع الخاص على الاسثمار وتطوير نشاطه في كافة المجالات من ناحية- لأن هذا يصب في مصلحتنا- على شرط أن لا يكون ذلك على حساب مواصلة البحث عن الحلول التي من شأنها رفغ مساهمة شبابنا في الوظائف التي يخلقها نشاط قطاع الأعمال من ناحية أخرى.
تعليقات