كم عدد الأسر المستحقة فعلاً لإعانة السكن ؟ بقلم سليمان بن عبدالله الرويشد

    أن تستقطع تكاليف السكن تملكاً أو استئجاراً مقداراً تتراوح نسبته ما بين عشرين إلى ثلاثين في المائة بحد أقصى من دخل الأسره فأمر يعد مقبولاً في معظم المجتمعات ومختلف مستويات الدخل إلا أنه حين يتجاوز تلك النسبة وبالذات للأسر منخفضة ومتوسطة الدخل ، يصبح حينذاك عبئاً مالياً يؤثر على تكاليف المعيشة الأساسية الأخرى، لا سيما إذا وصلت تلك النسبة لمعدلات قياسية لا تجد الحكومات أمامها سبيلاً سوى تقديم الإعانة المباشرة للأسر المستحقة لذلك .

إن تلك النسبة قد تفاوتت مابين مجتمع وآخر، إلا أنها بلا شك زادت حدة بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008 م لتصل إلى أرقام تتضمن مؤشرات تحذير، حيث بلغت نسبة الأسر العاملة في الولايات المتحدة التي تنفق ما يزيد على النصف من دخلها الشهري على السكن نحو 25 %، وفي دول الاتحاد الأوروبي أضحى 10 % من الأسر بوجه عام، إضافة إلى نحو 37 % من الأسر التي يقل دخلها عن 60 % من متوسط دخل الأسرة في تلك الدول، تنفق أكثر من 40 % من دخلها على السكن .

ونحن في المملكة لا نختلف بالطبع عن بقية الدول الأخرى في هذا المجال، إلا أن الإحصائيات والأرقام في هذا الجانب لم ترصد، وإن تم القيام بذلك فهي لم تنشر ويفصح عنها، إلا أنه يمكن من البيانات والأرقام ذات الصلة بهذا الجانب، استنتاج بعض أوجه هذه القضية بصورة تقريبية لدينا في المملكة، فكما يعلم الجميع إن نسبة الوحدات السكنية المستأجرة من قبل الأسر السعودية تبلغ نحو 32 % من إجمالي الوحدات السكنية التي تقيم بها كافة الأسر السعودية في المملكة التي تصل لنحو 2.9 مليون وحدة سكنية، ما بين مملوكة من قبل سكانها، ومستأجرة، والوحدات السكنية المستأجرة التي تعكس هذا الجانب الذي نبحث عنه، تتفاوت بالطبع فيما ينفقه المقيمون بها من دخلهم لاستئجارها، إلا أن نسبة الأسر السعودية المستأجرة التي تقتطع ما يزيد على ثلث دخلها للإقامة بتلك الوحدات، قد يكون قريباً من متوسط المعدلات العالمية في هذا المجال وهي نسبة 25 % من تلك الأسر، وربما يزيد ليصل إلى نحو 50 % من تلك الأسر المستأجرة، لا سيما حين ربطها بعدد الأسر السعودية المسجلة في الضمان الاجتماعي التي تشير بعض الإحصائيات إلى أنها تزيد عن 450 ألف أسرة.

إن بوادر تلك المؤشرات تفضي بنا حين استعراضها إلى التساؤل في الواقع عن مدى كفاءة ما يوجه من إعانة في مجال السكن لبعض الأسر السعودية، سواء ما يوفر من وحدات سكنية بصورة مباشرة لتلك الأسر، أو ما يمنح من بدل سكن لأربابها، وهل تلك الأسر تقع ضمن شريحة من يبلغ دخلها الشهري قدراً لا تكفي نسبة 30 % منه للحصول على مسكن ملائم ، أم أن غالبيتها من الأسر ذات الدخل العالي والمرتفع ؟