عن استحقاقات ما بعد حكم الدستورية.. يكتب أحمد الديين

زاوية الكتاب

كتب 691 مشاهدات 0


عالم اليوم

استحقاقات ما بعد الحكم

أحمد الديين

 

بالتأكيد فإنّ حكم المحكمة الدستورية المرتقب يوم الثلاثاء المقبل في الطعن الحكومي بعدم دستورية قانون الدوائر الانتخابية سيمثّل منعطفا مفصليا في مسار الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.
فإن جاء الحكم باتجاه عدم قبول الطعن أو عدم الاختصاص أو ما شابه ذلك، فإنّ هذا سيعني هزيمة سياسية للسلطة، وهنا ستسقط مبرراتها في الإبقاء على مجلس 2009، ومعها سيسقط مشروعها لتفصيل النظام الانتخابي وفق مقاسها بتغيير توزيع الدوائر الانتخابية الحالية وتخفيض عدد الأصوات التي يستطيع الناخب الإدلاء بها من أربعة أصوات إلى صوتين... وبالتالي لن يكون هناك بُدّ من الإسراع في إصدار مرسوم بحلّ هذا المجلس المرفوض شعبيا؛ وآخر بالدعوة إلى إجراء انتخابات لمجلس الأمة الجديد وفق أحكام القانون الحالي لتنشغل البلاد في التنافس الانتخابي المحموم، وهذا ما سيخفف نسبيا من حدّة الأزمة السياسية، من دون أن يعني هذا حلّها، إذ لا يزال السبب الرئيسي للأزمة المتمثل في التناقض بين نهج المشيخة ومتطلبات التطور الديمقراطي قائما لم يتم حسمه بعد، بل ربما ستكون المعركة الانتخابية المقبلة أحد أبرز مجالات تجلي هذه الازمة عبر محاولات التدخل السلطوي في الانتخابات، التي أتوقع أن تكون غير مسبوقة في فجاجتها للحيلولة دون تشكّل غالبية نيابية في المجلس المقبل خارجة عن طوع السلطة... وفي المقابل فإنّه يفترض أن تكون قضية الإصلاحات السياسية هي العنوان الشعبي المعلن للمعركة الانتخابية المقبلة، بحيث يتم إلزام المرشحين بالتعهد بإصدار قوانين لإشهار الهيئات السياسية وتبني نظام الدائرة الانتخابية الواحدة على أساس التمثيل النسبي والقوائم، كونهما الاستحقاقين الملحين للإصلاح السياسي باتجاه التحوّل نحو النظام البرلماني الكامل وما يفرضه من وجود حكومة برلمانية... وهذه بالتأكيد معركة طويلة وشاقة ستفرض نفسها على الحياة السياسية خلال الفترة المقبلة، ولن يكون بالإمكان تجنّبها أو تأجيلها، وذلك بغض النظر عن طبيعة الحكم المرتقب صدوره عن المحكمة الدستورية.
أما إن جاء الحكم مؤيدا للطعن الحكومي فإنّ الأمر المهم هو منع السلطة من الانفراد بتفصيل النظام الانتخابي على هواها ووفق مقاسها، ولا يعني هذا الاعتراض التركيز على نوع الأداة التشريعية التي سيتم تعديل القانون بمقتضاها، وإنما يجب أن ينصبّ الاعتراض على محاولة السلطة استغلال الحكم لفرض ما تريد وما تخطط له... وفي ظني أنّه ليس هناك من بديل أمام القوى الشعبية غير التأكيد بوضوح ومن دون لَبَس على مطلب الدائرة الانتخابية الواحدة، وتحديدا الدائرة الانتخابية الواحدة وفق نظام التمثيل النسبي والقوائم... ولا أحسب أنّ هناك مجالا للدخول في مداولات أو حوارات مع السلطة في هذا الشأن، حتى وإن دعت إلى ذلك، إذ اعتدنا من السلطة أن تدعو القوى الشعبية إلى الحوار ليس للوصول إلى حلول متوافق عليها، وإنما لتوفير غطاء شكلي يساعد السلطة على تمرير مشروعها الجاهز الذي تسعى لفرضه، بحيث تظهره أمام الرأي العام على أنّه جاء محصلة لذلك الحوار الذي جرى، مثلما حدث وفعلت في العام 1990عندما استدرجت القوى الشعبية إلى حوارات طويلة بينما كانت تجهّز مشروعها لإقامة “المجلس الوطني” غير الدستوري... وهذا ما يتطلّب الحذر تجاه قبول أي دعوة للحوار مع السلطة، أو مع أدواتها والمؤسسات المحسوبة عليها، في شأن النظام الانتخابي المقترح قبل أن تعلن السلطة نفسها عن مشروعها... وذلك حتى لا يُلدغ الشعب من جحر السلطة مرة أخرى، فقد لُدِغنا أكثر من مرتين!

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك