السلطة لن تستسلم ومخطط التآمر والتخريب سيستمر.. الديين محذراً

زاوية الكتاب

كتب 828 مشاهدات 0


عالم اليوم

المخطط لا يزال قائماً...!

أحمد الديين

 

لئن كان صحيحا أنّ حكم المحكمة الدستورية برفض الطعن الحكومي المتهافت في قانون تحديد الدوائر الانتخابية قد حَرَمَ السلطة عمليا من أن تحصل على غطاء “دستوري” مناسب لتنفيذ مخططها المكشوف في تفصيل النظام الانتخابي على نحو يمكّنها من التحكّم شبه الكامل في مخرجات العملية الانتخابية، فإنّه من الخطأ، بل من الوهم افتراض أنّ السلطة قد تخلّت نهائيا بعد حكم المحكمة الدستورية عن هذا المخطط، ذلك أنّها ستحاول تنفيذه عبر أساليب ووسائل أخرى لا تزال متاحة أمامها.
فهناك داخل السلطة وبين حلفائها ومستشاريها مَنْ يدعو، سرا أو علانية، إلى بعث الحياة في مجلس 2009 الميّت سريريا، وتمكينه من أن يلتئم ويعقد جلساته، التي فشل في عقدها، بحيث تلتزم الحكومة حضور الجلسات، ويتم التوافق بينها وبين مجموعة من أعضاء ذلك المجلس الممولين سلطويا على تمرير مشروع بقانون تقدمه الحكومة، أو اقتراح بقانون يقدّمه بعض هؤلاء الأعضاء لتغيير النظام الانتخابي، وذلك تحت ذريعة أنّ حكم المحكمة الدستورية لم يحصّن نظام الدوائر الخمس والأصوات الأربعة، وإنما ترك أمر تغييره إلى المجلس... فإن لم يكن هذا ممكنا لما ينطوي عليه من استفزاز فاضح وما قد يعقبه من ردة فعل شعبية غاضبة، فإنّ هناك داخل السلطة وبين حلفائها ومستشاريها مَنْ يدعو إلى خيار آخر لا يقل سوءا عن الخيار السابق، بحيث يتم ذلك عبر سياسة فرض الأمر الواقع، وذلك بأن يصدر على نحو متزامن، أو متلاحق خلال فترة زمنية وجيزة، مرسوم الحلّ ومرسوم بقانون لتغيير النظام الانتخابي، حتى وإن لم يتوافر فيه شرط الضرورة الملزم دستوريا في المادة 71 من الدستور، ومرسوم بدعوة الناخبين إلى انتخاب مجلس الأمة المقبل!
ولن يردع السلطة عن مثل هذه المحاولات غير موقف شعبي واضح وقوي يجبرها على الإسراع في حلّ مجلس 2009 من دون تأخير أو مماطلة، وإجراء انتخابات نيابية وفقا للنظام الانتخابي القائم من دون تغيير... ولكن هذا أيضا لا يعني بالضرورة أنّ السلطة قد استسلمت، ذلك أنّها ستحاول بالتأكيد التأثير ما أمكنها ذلك على نتائج الانتخابات النيابية المقبلة عبر استخدام مختلف الأساليب والوسائل والأدوات وأشكال التدّخل وعمليات شراء الأصوات بالمال السياسي والخدمات والاستثناءات التي اعتادت تاريخيا على استخدامها في الانتخابات لصالح مرشحيها، أو عبر استخدام أساليب ووسائل جديدة... ولا استبعد أن يكون مثل هذا التدخّل السلطوي في الانتخابات المقبلة تحديدا على نحو فجّ ومكشوف، بل ربما يتخذ أشكالا مباشرة وغير مسبوقة، اللهم إلا في انتخابات مجلس 25 يناير 1967 المزوّر، وذلك حتى تضمن السلطة ألا تأتي غالبية خارجة عن طوعها في المجلس المقبل... إذ لا يمكن أن تقبل السلطة أن يعود الوضع إلى ما كان عليه بعد انتخابات 2012 المبطلة عندما فَقَدَت زمام المبادرة والقدرة على التحكّم في المجلس، بل لعلّ السلطة تدرك جيدا أنّ سقف مطالب الإصلاح السياسي الديمقراطي قد ارتفع خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة عما كان عليه سابقا، فيما هي أبعد ما تكون عن الاستجابة الواقعية لمثل هذه المطالب، ما يدفعها إلى محاولة قطع الطريق بأي ثمن على أن تتشكّل في مجلس الأمة المقبل غالبية نيابية معارضة لنهجها ومتوافقة مع مطالب الإصلاح السياسي.
وإزاء هذه الاحتمالات غير البعيدة عن الواقع فإنّ القوى الشعبية مطالبة بأن تتحلى بأقصى درجات اليقظة والحذر، بل عليها الاستعداد لمواجهة فصول جديدة من التآمر السلطوي والتخريب المتواصلين على الحدّ الأدنى المتاح من المكتسبات الديمقراطية، حيث سيشتد التآمر والتخريب كلما اقترب موعد الحسم المنتظر للصراع التاريخي المستمر منذ نصف قرن بين نهج الانفراد بالسلطة وعقلية المشيخة من جهة، وبين استحقاقات التطور الديمقراطي لمجتمعنا والانتقال بالدولة الكويتية نحو النظام البرلماني الكامل من جهة أخرى.

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك