عدد الدوائر ليس هو الغاية النهائية بل الأهداف.. بنظر الجاسم

زاوية الكتاب

كتب 934 مشاهدات 0


الكويتية

الميزان  /  دائرة أو أكثر

محمد عبد القادر الجاسم

 

في حيثيات حكمها الأخير الصادر في الطعن الحكومي على قانون توزيع الدوائر الانتخابية، تزيدت المحكمة الدستورية وهي تتحدث عن المادة (81) من الدستور التي تنص على أنه «تحدد الدوائر الانتخابية بقانون»، وجاء التزيد في الحيثيات باتجاه الإيحاء بأن الدستور يحظر نظام الدائرة الواحدة ويفرض تعددية الدوائر. وقد رأى البعض أن هذا الاستطراد غير الملزم الذي سطرته المحكمة الدستورية يقيد المشرع العادي، ويمنعه من إصدار قانون الدائرة الواحدة.
وفي رأيي الشخصي، فإنه أيا ما كانت القيمة القانونية لما أوردته المحكمة من أسباب في شأن الدائرة الواحدة، فإن هذا الأمر لا قيمة سياسية له ولا يقيد المشرع العادي إطلاقا. ولتوضيح فكرتي أقول التالي:
إن (عدد) الدوائر الانتخابية بحد ذاته ليس له أهمية سواء كان العدد (1) أو (50)، فالأهمية تكمن في (الأهداف) التي يريد المشرع تحقيقها من وراء تنظيم الدوائر الانتخابية. وبالطبع فإن أهداف الدائرة الواحدة، وهي توفير العدالة السياسية ونظام القوائم، يمكن أن تتحقق من خلال اتباع نظام الدائرتين أو الدوائر الخمس.. ما أقصده أن (عدد) الدوائر ليس هو الغاية النهائية بل الأهداف، ومن السهل جدا تحقيق هذه الأهداف بنظام الدائرتين والصوت الحر والقوائم على سبيل المثال. لذلك حقيقة لا أرى أي سبب يدعو للحزن بسبب تزيد المحكمة في تفسير المادة (81) من الدستور.
من جانب آخر، اعتبر بعض المراقبين حكم المحكمة الأخير بأنه كرّس قاعدة التفاوت في أعداد الناخبين.. والحقيقة أن المحكمة لم تفعل ذلك، بل إنها انتهت إلى أن أعداد الناخبين وتوزيعهم على الدوائر هو من إطلاقات المشرع العادي، وبالتالي يبقى الأمر بيد مجلس الأمة تحت رقابة صارمة من الرأي العام، ومتى كان الرأي العام فاعلا ومؤثرا، فإن بإمكانه دفع مجلس الأمة نحو إقرار قانون يحقق العدالة السياسية.
ومن جانب آخر أيضا، رأى بعض المراقبين أنه كان يتعين على المحكمة الحكم بعدم دستورية القانون بسبب وجود التفاوت الصارخ بين أعداد الناخبين في الدوائر.. والحقيقة أن هذا التفاوت وإن كان يعني غياب العدالة السياسية، إلا أنه لا يوفر مدخلا مناسبا من الناحية الدستورية لإبطال القانون.
إن معالجة أوجه القصور والخلل في القانون القائم هي مسؤولية الرأي العام المؤثر قبل أن تكون مسؤولية مجلس الأمة، وكلما كان الرأي العام منظما فاعلا أمكن تحقيق العدالة السياسية.

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك