انخفاض ملحوظ للتضخم
الاقتصاد الآن'بيتك للأبحاث' : استمرار نمو الاقتصاد السعودي رغم مخاطر هبوط أسعار النفط
أكتوبر 18, 2012, 4:35 م 896 مشاهدات 0
ذكر تقرير أصدرته شركة 'بيتك' للأبحاث' المحدودة التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي 'بيتك' أن الإنفاق العام الذي يقوده الطلب المحلي ما زال المحفز الرئيسي للاقتصاد السعودي،وفي ظل الارتفاع الذي تشهده العائدات النفطية والذي وصل إلى مستويات قياسية، وانخفاض مستوى التضخم، فإن المؤشرات تؤكد استمرار النمو والازدهار في الموقف المالي على المدى القريب، مشيرا إلى أن السعودية سوف تسجل نمواً سنوياً لإجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 6٪ على أساس سنوي بنهاية عام 2012، وهو أقل من نسبة الـ 7.1٪ على أساس سنوي المسجلة في عام 2011 نظراً لمخاطر هبوط النمو التي لا تزال قائمة.
وأشار التقرير إلى أن المخاطر الرئيسية التي تواجه السعودية لازالت تتمثل في السوق النفطية. وإمكانية حدوث تراجع كبير ومستمر في أسعار النفط كما حدث في السابق، إلا أن السياسات والإجراءات التي تم بناؤها في السنوات الأخيرة، تجعل السعودية في وضع يمكنها من الحفاظ على الإنفاق عند مستويات تتماشى مع الأهداف متوسطة الأجل لبعض الوقت، خاصة في ظل انخفاض التضخم لأدنى مستوياته في 3 سنوات، وزيادة فرص العمل والسعي الحثيث لإيجاد بدائل للطاقة ممثلة في الغاز الطبيعي للحد من استهلال النفط داخليا حيث وصل إلى معدلات عالية .. وفيما يلي التفاصيل
يبرز دور السعودية في سوق النفط العالمية باعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم وأيضاً لامتلاكها أعلى طاقة إنتاجية للنفط الخام (12.5 مليون برميل يوميا). وتماشيا مع التزامها طويل الأمد، تقوم السعودية بضبط وتعديل إنتاجها من النفط لتخفيف الضغوط صعودا أو هبوطا على أسعار النفط العالمية. وظل إنتاج السعودية من النفط الخام مرتفعأً ولكن عند معدل 9.8 مليون برميل يوميا في سبتمبر 2012 (أغسطس 2012: 9.9 مليون برميل يوميا).
واحتفظ صندوق النقد الدولي في أحدث توقعاته للاقتصاد العالمي (أكتوبر 2012) بقوة النمو الاقتصادي للمملكة العربية عند معدل 6٪ على أساس سنوي في عام 2012، وتعديل توقعاته لعام 2013 إلى 4.2% بدلا من 4.1% على أساس سنوي. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أنه يتوقع استمرار النمو الاقتصادي بقيادة القطاع الخاص والفوائض المالية الكبيرة للحكومة الناتجة بصورة أساسية عن ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنتاج.
وبالإضافة إلى ذلك، افترض صندوق النقد الدولي أن يكون متوسط أسعار النفط (متوسط خام برنت وخام دبي وخام غرب تكساس الوسيط) أعلى من 106.2 دولار للبرميل في 2012 و 105.1 دولار للبرميل في 2013 في حين كان متوسط عام 2011 عند 104 دولار للبرميل حيث لا تزال المخاطر الجيوسياسية التي يمكن أن تؤدي إلى انقطاع إمدادات النفط تشكل قلقاً.
وإلى جانب النفط الخام، شرعت السعودية أيضا في تطوير الصناعات الهيدروكربونية الأخرى ذات الصلة بالنفط. حيث بدأت شركة النفط الوطنية السعودية (شركة أرامكو) العمل جنبا إلى جنب مع مجموعة مختارة من شركات الخدمات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها لتتطلع على أحدث التكنولوجيات المتاحة من أجل تطوير موارد الغاز الحجري. ويقيم حالياً فريق من شركة أرامكو في مدينة هيوستن بولاية تكساس، ويعمل هذا الفريق مع شركة شلمبرجير وشركة هاليبرتون وشركة بيكر هيوز على التكنولوجيا الآبار، بما في ذلك التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي متعددة المراحل.
ومع الطلب المتصاعد على الغاز وبلوغ إجمالي الطلب المحلي على الطاقة ما يقرب من 4 مليون برميل نفط مكافئ يومياً، صرح الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، خالد الفالح، في وقت سابق من هذا العام في مؤتمر البترول العالمي في الدوحة بقطر أنه سيتم تكثيف الجهود لاستهداف موارد الغاز غير التقليدية في المملكة، وذلك لتوفير المواد الخام الجديدة اللازمة لتوليد الطاقة.
وسوف يدعم تركيز أرامكو المتزايد على الغاز الصخري من زيادة الإنتاج السعودي من الغاز خلال السنوات المقبلة. ولدى شركة أرامكو هدفا أخذته على عاتقها وهو إضافة 5 مليار قدم مكعب يومياً من الغاز الجديد بحلول عام 2016 في محاولة لتوفير المزيد من النفط الخام للتصدير.
وفرة مستمرة في الأصول الأجنبية
وقد أدى ارتفاع أسعار النفط منذ منتصف عام 2011 إلى زيادة الأصول الأجنبية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، وهي المصرف المركزي في البلاد، والتي وصلت في أغسطس 2012 إلى 2.3 تريليون ريال سعودي في أغسطس 2012، مرتفعة بمبلغ 32 مليار ريال سعودي عن يوليو 2012. وتوفر هذه المدخرات ركيزة كبيرة للنمو السعودي قد تستخدمها الحكومة إذا ما تعرضت أسعار النفط أو الطلب عليها لأي صدمة. ولا تمتلك الحكومة السعودية مدخرات وافرة فقط، فعلى الرغم من انخفاض نصيب الفرد فيها عن بعض الدول الخليجية الأخرى ذات التعداد السكاني المنخفض مثل قطر والإمارات العربية المتحدة، لكن المملكة لديها الحد الأدنى من الدين العام (6.3٪ من إجمالي الناتج المحلي)، بعد تخفيضها لمستويات الدين منذ عام 2000.
ونتوقع أن يستمر الإنفاق الحكومي والامتصاص المحلي للإيرادات في الصعود في عام 2012 وما بعده. ونتوقع أيضاً أن يستمر تراكم الأصول الأجنبية في السعودية في الارتفاع حيث يقود ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة حركة التجارة وزيادة الفائض في الحساب الجاري والتي سيتم إعادة تدويرها من خلال مؤسسة النقد العربي السعودي إلى أدوات مالية عالية الجودة وأساسية في السوق. وبالزيادة عن مبلغ الـ 2 تريليون ريال سعودي، فإننا نتوقع أن قيمة أصول الأسهم سوف تعادل بحلول نهاية العام أكثر من 110% من إجمالي الناتج المحلي أوما يعادل أكثر من عامين من الإنفاق العام، مما يوفر للمملكة منطقة عازلة لمواجهة أي ركود غير متوقع في أسعار النفط.
مؤشر مديري المشتريات لشهر سبتمبر يشير إلى قوة النمو في القطاع غير النفطي
وفي الوقت نفسه، ارتفع مؤشر مديري المشتريات السعودية لشهر سبتمبر ليصل إلى 60.3 نقطة من 58.3 نقطة في شهر أغسطس مما يشير إلى وجود نمو قوي في ظروف العمل في القطاع غير النفطي. وتتماشى القراءة مع النمو القوي، بعد الانخفاض الذي شهده شهري يوليو ويونيو. ويمكن أن تكون الارتفاعات الموسمية في أسعار الأسهم والتي تشمل تأثيرات شهر رمضان قد ساعدت هذا الشهر على الظهور متعافياً. وارتفعت أنشطة الأعمال بشكل حاد في شهر أغسطس، متأثراً في المقام الأول بحجم النمو الذي شهدته الأعمال الجديدة. وتسارعت طلبات التصدير الجديدة بصورة حادة إلى أعلى مستوى لها في سبعة أشهر في سبتمبر، في حين تراكمت الأعمال غير المنجزة للشهر الثاني على التوالي بعد الانخفاض الذي شهدته في شهر يوليو. وزادت الوظائف بشكل حاد، في أسرع وتيرة لها منذ أبريل وضمنت قوة سوق العمل ارتفاع متوسط الأجور والرواتب في سبتمبر. وانتعشت أسعار المدخلات مع ارتفاع أسعار المشتريات وتكاليف الموظفين والأيدي العاملة، ولكن معدل التضخم تباطأ إلى أدنى مستوى له في عامين. وارتفعت تكلفة الإنتاج بشكل طفيف بعد الانخفاض الطفيف الذي شهدته في شهر أغسطس.
يوضح مؤشر مديري المشتريات أن الإنفاق العام الذي يقوده الطلب المحلي ما زال المحفز الرئيسي للاقتصاد السعودي. وفي ظل الارتفاع الذي تشهده العائدات النفطية والذي وصل إلى مستويات قياسية، وانخفاض مستوى التضخم، فإننا لا نرى سببا يدفع للحد من النمو والازدهار في الموقف المالي على المدى القريب. وقد استخدمت عائدات النفط المرتفعة في تسريع عجلة التقدم في الأهداف التنموية على المستوى المحلي، وكذلك لدعم الاقتصادات الأخرى في المنطقة. فعلى سبيل المثال في أكتوبر 2012، منحت وزارة الصحة السعودية عقدين لتوفير خدمات إدارة مشاريع لإنشاء مدينتين طبيتين (واحدة في مدينة أبها، بينما تقع الأخرى في محافظة الجوف في الشمال) بالإضافة إلى إنشاء 10 مستشفيات. إن منح العقود الأخيرة يتماشى مع توقعاتنا بأن الحكومة ستعزز الانفاق الرأسمالي من أجل تحسين المستويات المعيشية بالإضافة إلى توفير فرص العمل للشباب.
التضخم عند أقل مستوى له في 38 شهراً في أغسطس 2012
تراجع مؤشر أسعار المستهلكين السعودي والذي يقيس معدل التضخم ليصل إلى 3.8٪ في أغسطس 2012 من 4٪ على أساس سنوي في يوليو 2012 وذلك تزامناً مع المزيد من الانخفاض الذي شهدته أسعار قطاعي المواد الأغذية والإسكان. ومن خلال المشاهدة، يتضح أنه قد خفت حدة االضغوط التضخمية خلال الأشهر الأخيرة. وكان أكثر ما يلفت الانتباه في هذا السياق هو انخفاض تكاليف الإيجار. وفي الوقت الذي تراجع فيه التضخم في أسعار الغذاء خلال الأشهر الأخيرة، فإننا نتوقع ارتفاعا طفيفاً في المدى القريب نظراً لتأثير ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً (بسبب ظروف الجفاف في مناطق عديدة). وحتى مع ذلك، وبالرغم من التأثير القوي للإنفاق الحكومي وانخفاض أسعار الفائدة وارتفاع تضخم الأجور في القطاعين العام والخاص، فإننا نتوقع أن أي ارتفاع في مستوى التضخم سيكون طفيفاً، وخاصة في ظل التوقعات بتراجع أسعار المواد الغذائية على المستوى العالمي في عام 2013. ومن المتوقع أن يكون التضخم عند معدل 4.4٪ في 2013 بعد التوقعات بمعدل 4.5٪ لعام 2012 بشكل كلي (منذ بداية السنة وحتى الآن: 4.9٪).
سوف يظل ارتفاع الإنفاق الحكومي بمثابة المحرك الرئيس للقطاعات غير النفطية. وسيتم دعم الإنفاق الحكومي من خلال زيادة الإقراض من قبل البنوك وارتفاع الإنفاق بالنسبة للمستهلكين. وينبغي أن يكون قطاع البناء والتشييد أسرع القطاعات نمواً نظراً لأنه المستفيد الرئيس من الإنفاق الحكومي. وإننا نرى أن السعودية سوف تسجل نمواً سنوياً لإجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 6٪ على أساس سنوي من عام 2012.
وبالرغم من ذلك، فإن توقعاتنا لنمو إجمالي الناتج المحلي لعام 2012 على أساس سنوي هو أقل من نسبة الـ 7.1٪ على أساس سنوي المسجلة في عام 2011 نظراً لمخاطر هبوط النمو التي لا تزال قائمة. وتتمثل المخاطر الرئيسية التي تواجه السعودية في السوق النفطية. ويعد حدوث تراجع كبير ومستمر في أسعار النفط كما حدث في الثمانينات والتسعينات بمثابة أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي. وأكدت الجهات المختصة أنه بالنظر إلى السياسات والإجراءات التي تم بناؤها في السنوات الأخيرة، فإن السعودية في وضع يمكنها من الحفاظ على الإنفاق عند مستويات تتماشى مع الأهداف متوسطة الأجل لبعض الوقت. وعلاوة على ذلك، أكدت الجهات السعودية المختصة أن الاقتصاد السعودي في الوقت الحالي أكثر مرونة نظراً لوجود درجة أكبر من التنويع الاقتصادي، وبالإضافة إلى امتلاكها سوقاً مالياً أكثر تقدما فضلاً عن تحسن البنية التحتية بصورة عامة.
تعليقات