واشنطن بحاجة لإزالة الصدأ عن بنيتها التحتية بقلم إدوارد لوس
الاقتصاد الآننوفمبر 27, 2012, 5:54 م 1462 مشاهدات 0
واجهت الهند أكبر انقطاع للتيار الكهربائي في التاريخ البشري خلال الصيف الماضي، ما أثر على 600 مليون شخص. لذا صُدمت عندما قالت حماتي الهندية، القادمة لزيارتنا، عن الساحل الشرقي لأمريكا، متضمنا واشنطن ''إنه يبدو سيئا مثل الهند''. ثم كانت هناك عاصفة دريكو، التي تسببت في انقطاع الكهرباء عن ستة ملايين منزل أمريكي لعدة أيام وسط جو حارق. وشهد الشهر الماضي العاصفة الأكبر، إعصار ساندي الذي ترك عشرة ملايين منزل ترتجف من البرد. ويتوقع مختصو الأرصاد موجة شديدة البرودة في أواخر كانون الأول (ديسمبر) من المحتمل أن تتسبب في انقطاع الكهرباء.
من الصعب تحديد التاريخ الذي تبنت فيه أمريكا قناعات الهنود، أو البريطانيين حول تدني جودة البنية التحتية لديها. عندما قضت أمي البريطانية الجنسية أشهرا عديدة في الولايات المتحدة عام 1950، كانت أمريكا متقدمة بشكل مذهل. كانت توجد مكيفات هواء، ومكعبات ثلج في كل ثلاجة، وأضواء نيون في كل مكان، وطريق مفتوح كان يمكن حتى للطبقة العاملة القيادة عليه. لكن شيئا فشيئا على مدار الـ 30 عاما الماضية، أظهرت أول بنية تحتية حديثة في العالم تقدمها في السن. وتم إهمالها من قبل جيل الاستثمارات وتكيف الأمريكيين معها.
في مرحلة ما خلال الـ 12 شهرا المقبلة سنكتشف ما إذا كان لدى الولايات المتحدة الرغبة في تحديث بنيتها التحتية لتلائم القرن 21. إذا سارت الأمور على ما يرام، سيتخذ الكونجرس الخطوات اللازمة لتجنب الأزمة المالية قبل أول كانون الثاني (يناير). وفي إطار ذلك سيقوم المشرعون بجدولة قنبلة موقوتة أواخر عام 2013، يتوصلون قبلها إلى صفقة أكبر تدخلهم في أزمة مالية أخرى. ومن المحتمل أن يقوم الكونجرس بتقليص ميزانية الاستثمار الفيدرالية الهزيلة بالفعل. ويكمن الأمل وفقا لما يقوله مركز بروكينجز انستيتيوشن ميتروبوليتان، في أن يقوم الكونجرس بـ ''قطع الاستثمارات'' بدلا من فعل ذلك بطريقة فجة في جميع المجالات.
هناك ثلاثة أسباب تدعو للقلق. أولا: غضب الجمهور الملحوظ حول تهالك شبكات الكهرباء، والطرق العامة، المطارات ومجاري المياه المحلية. ما يعني أن المشرعين سوف يشعرون بضغوط قوية في اتجاهات أخرى (مثل الدفاع عن المستوى المتدني الحالي لضريبة أرباح رأس المال، أو الحفاظ على ميزانية الدفاع عن طريق خلق فرص عمل). ومن الصعب الآن تسافر بالطائرة داخل الولايات المتحدة ولا تواجه تأخيرات كبيرة بصورة منتظمة، أو إلغاء للرحلات، أو تواجه مطبات هوائية في رحلتك. ومن الصعب أيضا أن تفوت رد الفعل الرزين والمؤثر لمعظم الركاب.
سيتم حل جزء كبير من مشكلات الطيران الأمريكية المحلية عن طريق بناء ''نكست جن'' NextGen، الذي سيحول الولايات المتحدة الأمريكية من شبكة رادار تعود إلى الحرب العالمية الثانية إلى نظام تعقب الرحلات بالقمر الصناعي. وسيجعل مشروع نكست جن الرحلات أكثر أمانا، لكن الكونجرس غير متحمس لأن فاتورة المشروع تبلغ 25 مليار دولار على الأقل.
ثانيا، معظم الأمريكيين لا يدركون مدى بعد دولتهم وأنها تقع في مكان بعيد خلف بقية العالم. ووفقا لتقرير التنافسية الخاص بالمنتدى الاقتصادي العالمي، يأتي ترتيب البنية التحتية الأمريكية دون المرتبة 20 في معظم الفئات التسع، ودون 30 في جودة خدمات النقل والكهرباء. لقد أنجبت الولايات المتحدة الإنترنت، ذلك النوع من الشبكة اللامركزية التي تحتاج إليها وصلات الطاقة الأمريكية بشكل كبير. ووفقا لنادي منظمة التعاون والتنمية للدول الأكثر ثراء، معدل سرعة شبكة الإنترنت الأمريكية يأتي في المركز العاشر مقارنة بمعدل الإنترنت في دول مثل كوريا الجنوبية وألمانيا. وفي عصر لم تعد فيه الطرق التقنية العالمية السريعة، بمثابة شعار، فإن الأمر ليس بمزحة. يمكن لرجل الأعمال الأمريكي أن يتحمل حركة المرور المكتظة، لكن الإنترنت البطيء يمكن أن يسبب له الشلل والعجز في عمله.
ثالثا: ربما تكون هناك تساؤلات كثيرة حول حالة الاستقطاب الحالية في واشنطن لإعطاء إشارة البدء لخطة بنية تحتية طموحة. ووفقا لجمعية المهندسين المدنيين الأمريكيين، تحتاج الولايات المتحدة لإنفاق 2200 مليار دولار في العقد المقبل ببساطة من أجل الحفاظ على الجودة الحالية للبنية التحتية. وطبقا للميزانية الحالية، ستنفق واشنطن أقل من نصف هذا المبلغ. وسوف نحتاج لمزيد من الإيمان لنفترض أنها ستضاعف المبلغ، عند تحقيق الصفقة المالية للحزبين العام المقبل - إذا كان الأمر كذلك بالفعل.
في خروج عن تقاليد حزبهم، يعارض معظم الجمهوريين الآن بشكل إيديولوجي أي دور فيدرالي جاد في البنية التحتية ويريدون تطبيق اللامركزية في الدولة. ولذلك يعد هذا امتدادا لتصور الكونجرس لبناء بنك بنية تحتية عام، كما طلب الرئيس باراك أوباما. سوف يستخدم البنك عشرة مليارات في صورة رأسمال أساسي، على أن يستدين أضعاف ذلك من القطاع الخاص، لإقامة مشاريع عبر الولايات -مثل البنك الأوروبي للاستثمار.
إن بناء الكباري، خصوصا التي تؤدي إلى المجهول، كان هو ما يسعى إليه الحزبان ذات مرة. ومع توجه الولايات المتحدة نحو نقطة مفصلية تتعلق بمستقبلها المالي، من المفيد التشديد على أن واشنطن ستسعى إلى وضع معايير ميزانية فيدرالية لسنوات عديدة مقبلة. وقبل أن يقوم المشرعون بذلك يجب أن يقوموا برحلة إلى شرقي آسيا -مثلا من مطار جون إف كيندي إلى شنجهاي، أو شيك لاب كوك، أو إلى أي عدد من المطارات- ليشعروا بالفرق. وعلى الرغم من أنهم سيتوجب عليهم تجاهل ظروف القرون الوسطى حولهم، فيمكنهم حتى الذهاب عن طريق مطار نيو دلهي الجديد وأن يسافروا على نظام المترو الجديد المكيف في المدينة. وسوف تكون حماتي سعيدة بالترحيب بهم بكوب من شاي مسالا وبعض الإشارات اللطيفة بالإصبع حول شبكة الطاقة الأمريكية.
تعليقات