توقعات وكالة الطاقة الدولية متفائلة بخصوص إمدادات النفط بقلم د. نعمت أبو الصوف
الاقتصاد الآننوفمبر 28, 2012, 3:55 م 518 مشاهدات 0
نشرت وكالة الطاقة الدولية IEA يوم الإثنين 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 تقريرها السنوي عن ''توقعات الطاقة العالمية على المديين المتوسط والطويل''. الآفاق المستقبلية الجديدة للوكالة توفر توقعات للعرض والطلب على الطاقة حتى عام 2035.
توقعات الطاقة العالمية لوكالة الطاقة الدولية الأخيرة تسلط الضوء على كم كبير من عدم اليقين، تشمل تعافي الاقتصادي العالمي، نهاية حقبة النفط الرخيص الثمن، الآثار الطويلة الأجل للوفرة في الإمدادات العالمية للغاز والصخر الزيتي، والنمو الهائل في الطلب الصيني على جميع أنواع الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة. لكن التقرير يضيف أن الذي تحديد توقعات الطاقة على المدى الطويل، يعتمد بدرجة كبيرة على الإجراءات التي سوف تتخذها الحكومات، ومدى تأثير سياساتها في الطلب على الطاقة وعلى التكنولوجيا.
في تقريرها الجديد رفعت وكالة الطاقة الدولية من توقعاتها السابقة بخصوص الإمدادات النفطية من المنتجين من خارج أوبك، وفي الوقت نفسه خفضت قليلا من إنتاج النفط من دول أوبك، هذا التنقيح آثار الشكوك عند عدد من المحللين والمتابعين.
الطلب العالمي على النفط سوف يصل إلى 91.6 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2015 - حسب ''سيناريو السياسات الجديدة'' للوكالة، هذا السيناريو الذي يأخذ في الاعتبار التزامات السياسة العامة والخطط التي تم الإعلان عنها من قبل البلدان في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك التعهدات الوطنية للحد من انبعاث الغازات الدفيئة والإلغاء التدريجي لإعانات الوقود الأحفوري والطاقة، حتى في حال لم يتم بعد تحديد أو إعلان التدابير اللازمة لتنفيذ هذه الالتزامات. التوقع الحالي للطلب العالمي على النفط أعلى من 90.8 مليون برميل في اليوم التي أوردها تقرير العام الماضي. الطلب على النفط في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية سوف يصل إلى 43.2 مليون برميل في اليوم في عام 2015 - حسب التقرير الأخير، أي نحو 1.1 مليون برميل في اليوم أعلى مما كان عليه في تقرير العام الماضي.
الإمدادات النفطية من المنتجين من خارج أوبك سوف تستقر فوق 53.0 مليون برميل في اليوم بعد عام 2015، ارتفاعا من 49.0 مليون برميل في اليوم في عام 2011. هذا المستوى من الإنتاج سوف يستمر حتى منتصف العقد القادم، مدعوما بإمدادات الصخر الزيتي من الولايات المتحدة والرمال النفطية في كندا والبرازيل، الذي سوف يعوض عن انخفاض إنتاج النفط الخام في أماكن أخرى من العالم. أوروبا من المتوقع أن تنتج نحو 2.9 مليون برميل في اليوم في عام 2020 بموجب ''سيناريو السياسات الجديدة''، هذا الرقم أقل بنحو 0.9 مليون برميل في اليوم مما كان عليه في تقرير العام الماضي.
يتوقع التقرير أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى عشرة ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2015، من 8.1 مليون في اليوم في العام الماضي، سوف تصبح أكبر منتج في العالم في غضون سنتين بعد ذلك، ويستقر إنتاجها عند 11 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020. في عام 2017 الولايات المتحدة سوف تكون أكبر منتج للنفط في العالم، متخطية بذلك المملكة العربية السعودية - على حد تحليل التقرير. أضاف التقرير أنه في غضون عشرة أعوام سوف تنخفض واردات الولايات المتحدة من نفط الشرق الأوسط إلى الصفر تقريبا. حسب ''سيناريو السياسات الجديدة'' سوف تنخفض واردات الولايات المتحدة من النفط إلى أربعة ملايين برميل في اليوم بحلول 2035 من عشرة ملايين برميل في اليوم.
إن التوقعات الحالية لوكالة الطاقة الدولية بخصوص تخطي الولايات المتحدة للسعودية لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم لا تتماشى مع أراء الكثير من المختصين في الصناعة والمحللين. مصادر الصناعة النفطية لا ترى أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط سوف يتجاوز المملكة العربية السعودية في أي وقت من الأوقات، تجدر الإشارة هنا إلى أن جميع هذه المصادر لها نشاطات في معظم مناطق الولايات المتحدة المنتجة للنفط. حيث تشير هذه المصادر إلى أنه على الرغم من المجهود الكبير الذي تبذله الصناعة في مجال البحث والتطوير لا يزال هناك عدد كبير من التحديات تجابه عمليات تطوير مصادر الصخر الزيتي.
إن هذه القصة كانت محور تقارير وسائل الإعلام العالمية على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية. لكن وسائل الأعلام أغفلت أن تتطرق إلى أن تشديد معايير اقتصاد الوقود في الولايات المتحدة سوف يكون له أثر أكبر على ميزان إمدادات النفط العالمية على المدى الطويل من أثر الإنتاج الأمريكي. حيث أن التوفير من جراء تشديد معايير اقتصاد الوقود في الولايات سوف يكون مسؤولا عن حوالي نصف الانخفاض في وارداتها من النفط بحلول عام 2035.
لكن استمرار ارتفاع الطلب على الطاقة في الصين والهند والشرق الأوسط سوف يعوض أكثر من انخفاض الطلب نتيجة تحسن الكفاءة في دول منظمة التعاون والتنمية المتوقع بالفعل نتيجة لسياسات الحكومات أو الخطط الموضوعة. من حيث الطلب الكلي على الطاقة، ارتفاع الطلب على الطاقة في الصين في الواقع سوف يضيف ما يعادل أمريكا أخرى ويابان آخر بحلول عام 2035.
إنتاج الولايات المتحدة من سوائل الغاز الطبيعي سوف يرتفع بنحو 1.0 مليون برميل في اليوم إلى 3.2 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020 بسبب الطفرة الكبيرة في إنتاج الغاز الصخري. يتوقع تقرير الوكالة أيضا وصول الإنتاج الكندي إلى 4.3 مليون برميل في اليوم في عام 2015، من 3.5 مليون برميل في اليوم في العام الماضي. في البرازيل إنتاج النفط من المكامن النفطية تحت طبقات الملح سوف تساعد على وصول إنتاجها إلى 2.8 ومن ثم إلى 4.0 مليون برميل في اليوم في عام 2015 و2020 على التوالي، من 2.2 مليون برميل في العام الماضي.
بموجب ''سيناريو السياسات الجديدة'' يتوقع تقرير الوكالة ارتفاع إنتاج منظمة أوبك من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي بنحو 1.6 مليون برميل في اليوم إلى 37.3 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2015، من ثم إلى 38.5 مليون برميل في اليوم في عام 2020. حسب التقرير، معظم الزيادة سوف تأتي من العراق، الذي سوف يصل إنتاجه إلى 4.2 مليون برميل في اليوم في عام 2015 و6.1 مليون برميل في اليوم في عام 2020. في حين يشير التقرير إلى انخفاض قليل في الإنتاج السعودي من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي إلى 10.9 مليون برميل في اليوم في عام 2015 و10.6 مليون برميل في اليوم في عام 2020 من 11.1 مليون برميل في اليوم في العام الماضي - قبل أن يرتفع من جديد في العقد التالي، مدفوعا إلى حد كبير بسوائل الغاز الطبيعي. يتوقع التقرير انخفاض الإنتاج الإيراني إلى 3.2 مليون برميل في اليوم في عام 2015، من 4.2 مليون برميل في اليوم في العام الماضي. في هذا الجانب يقر التقرير بأن التوقعات بخصوص الإنتاج الإيراني غير مؤكدة.
على المدى الطويل، يتوقع التقرير تسارع إنتاج منظمة أوبك من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي بعد عام 2020، إلى 46.0 مليون برميل في اليوم في عام 2035، حينها سوف يصل الإنتاج السعودي إلى 12.3 مليون برميل في اليوم، ويصبح العراق ثاني أكبر بلد مصدر للنفط خلال هذه الفترة متجاوزا روسيا. يشير التقرير أيضا إلى تحول كبير في ميزان التجارة العالمية ومركز القوى الجيوسياسية، حيث إن 90 في المائة من صادرات نفط منطقة الشرق الأوسط سوف تتجه إلى آسيا بحلول 2035، مقارنة بـ 50 في المائة حاليا. الإضافة الجديدة في تقرير الوكالة لهذا العام هو ''سيناريو العالم الكفء''، يستند هذا السيناريو إلى إزالة الحواجز التجارية ورفع الدعم عن الوقود الأحفوري الذي يعوق الاستخدام الفعال للموارد والاستثمار في التكنولوجيا الجديدة. في ضوء هذا السيناريو سوف يحقق العالم وفورات في استخدام الطاقة بحلول عام 2035 تعادل 18 في المائة من الاستهلاك العالمي للطاقة في عام 2010، ذلك فقط عن طريق استخدام تدابير تحسين الكفاءة التي يمكن تحقيقها من دون الاستعانة بتقنيات جديدة، التي يمكنها أن تقدم فوائد اقتصادية حقيقية في غضون خمس سنوات من التنفيذ.
تعليقات