سلطات مرسي المطلقة تدفع مصر إلى وجهة مجهولة بقلم رولا خلف

الاقتصاد الآن

775 مشاهدات 0



من هو محمد مرسي؟ في يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، كان رجل دولة يراعي الظروف ولا يتقيد بالمبادئ العامة، ارتفع فوق ثقله الفكري، ليتوصل لاتفاقية وقف إطلاق نار منهيا بذلك هجوما إسرائيليا على غزة استمر أسبوعا. وامتلأت عبارات المسؤولين الأمريكيين بالثناء على جهوده، وحتى الإسرائيليين أقروا بأنهم ربما يكونون قد بالغوا في مخاوفهم بشأن خلفيته الإسلامية.

لكن يوم الخميس، كان رئيس مصر سياسيا متخبطا، أصدر إعلانا دستوريا يسمح له بأن يحكم بلا اعتراض حتى إجراء الانتخابات التشريعية.

عندها صاح بعض من منتقديه المحليين: 'ديكتاتور!'. وصرخ آخرون: 'الفرعون الجديد!'. وفي الحال تمت تعبئة شوارع القاهرة بمظاهرات متنافسة مناهضة ومؤيدة لمرسي، وانقسم قضاة الدولة ما بين مؤيدين ومعارضين للقرار. ومضت مصر من كونها القوة الإقليمية الناشئة الداعية للاستقرار، إلى حالة غير متوقعة من التقلبات.

ومع ذلك يوجد خيط مشترك في تصرفات مرسي. فالقوة الدافعة يمكن اختصارها في كلمة واحدة: خدمة المصلحة الخاصة. ففي الحالة الأولى نجح الأمر ببراعة لمصلحته، وفي الثانية هدد بنتائج عكسية خطيرة.

ربما لا يود مرسي التعامل مع إسرائيل، أو السماح للولايات المتحدة بأن تنال الفضل في وقف إطلاق النار الذي توسط فيه مسؤولو مخابرات دولته. لكن لم يستغرق الأمر منه وقتا طويلا كي يكتشف أن إيصال الهجوم الإسرائيلي الضاري على غزة إلى نهاية، يتطلب تناول حقائق غير سارة، وفعل هذا على وجه السرعة.

ومن خلال إعلانه مرسومه كان أيضا يسرع لحماية رئاسته من إزعاج نظام قضائي لا يزال يهيمن على عناصره أولئك المتعاطفون مع النظام السابق. وقد قيل إن مرسي يريد أن يستمر في القيام بأعمال الحكم دون إعاقة تتسبب فيها التهديدات بحل الجمعية التأسيسية، أو حتى - على ما يبدو - مجلس الشورى الذي تهيمن عليه جماعته؛ الإخوان المسلمون.

والمشكلة هي أن الجميع كانوا إلى جانبه في أثناء تحركه على صعيد السياسة الخارجية، لكن استيلاءه على جميع السلطات وتحصين قراراته من التمحيص، يعمق من انقسامات مقلقة بالفعل في المجتمع المصري، ويلقي بفترة انتقالية سياسية هشة في فوضى أكبر.

وبالرغم من كون الفترة الانتقالية في مصر مؤلمة، وبالرغم من وجود بقايا دولة مبارك المعرقلة، فإن المرحلة الانتقالية لن تسرع من تقدمها. والحاجة لأن يكون المرء عمليا ليست مبررا لما اعتبرته منظمة العفو الدولية سحقا لسيادة القانون.

لقد كانت المرحلة الانتقالية بالفعل في حالة أزمة. فقد انسحبت معظم القوى التي لا تنتمي للإسلاميين من لجنة كتابة الدستور، وأمل بعضهم أن يتم حلها من قبل المحكمة الدستورية التي كان مقررا أن تصدر حكما في هذا الشأن في أوائل كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وقد أعطت قرارات مرسي اللجنة شهرين إضافيين لإكمال عملها، كما طالب الليبراليون، لكنها حمت أيضا جمعية تهيمن عليها القوى الإسلامية.

وبحسب ما أورده ناثان براون، وهو خبير دستوري في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، في مدونة على 'آرابيست دوت نت'، مهما كان الاستحسان الذي تتلقاه العناصر الموجودة في قرارات مرسي، إلا أن الرسالة العامة هي: 'أنا، مرسي، لي القوة المطلقة. وفي تصرفي الأول كشخص يمتلك قوة مطلقة، أعلن أنني أكثر قوة. لكن لا تقلق - فهذا سيستمر فقط لفترة وجيزة'.

ويبدو أن مرسي تجاهل أن مصر منقسمة إلى نصفين، مع كون المعارضين له مقتنعين بأن الإخوان المسلمين يستخدمون الوسائل الديمقراطية لخلق دولة سلطوية أخرى وفرض أجندتهم الإسلامية.

وفي الانتخابات الرئاسية كان كثيرون ممن صوتوا لصالح منافسه - رئيس وزراء حسني مبارك السابق، أحمد شفيق - غير معارضين لثورة العام الماضي، لكنهم كانوا خائفين من مصيرها تحت سيطرة رئاسة تنتمي للإخوان.

وقد لا يكون لدى مرسي نية للتمسك بصلاحياته الساحقة، لكنه تمكن بالتأكيد من تغذية أسوأ مخاوف معارضيه. يقول عمر عاشور، أحد المحاضرين البارزين في مجال 'السياسات العربية' في جامعة إكستر: 'انعدام الثقة هو واحد من دعائم هذه الأزمة'. وبالرغم من وعد مرسي بأن هذه الإجراءات مؤقتة وضرورية لبناء الديمقراطية، يعلق عاشور بأنه ما إن يبدأ المرء في هذا المسار، فإنه دائما ما يوصله للديكتاتورية وليس الديمقراطية

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك