كيفين شيرر، رئيس شركة آمجين المتخصصة في قطاع التكنولوجيا الأحيائية. بقلم آلان رابابورت
الاقتصاد الآنديسمبر 12, 2012, 1:26 م 643 مشاهدات 0
في أحد أيام شهر تشرين الثاني (نوفمبر) بعد الظهيرة في مدينة كامبريدج بولاية ماساتشوستس الأمريكية، كان كيفين شيرر رئيس شركة آمجين منكباً على أحد الدفاتر محاولاً أن يتوصل إلى تحليل لتكاليف شركة فيديكس.
وبعد أكثر من عقد كمدير تنفيذي لأكبر شركة تكنولوجيا أحيائية في العالم – أصبحت شركة آمجين شركة شاذة في صناعة معروفة بكونها صغيرة وغير مترابطة – فقد استبدل شيرر غرفة مجلس الإدارة بغرفة فصل دراسي.
وكأستاذ جامعي في استراتيجية الشركات بكلية هارفارد لإدارة الأعمال، فإنه قلق حيال هاوية براءات الاختراعات – عندما تقوم مؤسسة فكرية بتعديل تاريخ انتهاء أدوية رائجة، ما يسبب انهياراً في العائدات – وحتى الهاوية المالية لحكومة الولايات المتحدة حل مكانها الضغط الناتج جراء مواجهة أسئلة من عقول شابة لامعة.
يقول شيرر: 'إنه لأمر منعش بحق في هذه المرحلة من حياتك أن تصبح مستجداً تماماً'. تقاعد شيرر من منصب مدير تنفيذي لشركة آمجين هذا العام وسيتنحى كرئيس لها في نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر).
إنه بحق تحول كبير بالنسبة لشيرر. فتحت قيادته، زادت مبيعات 'آمجين' السنوية من ثلاثة مليارات دولار حينما تولى زمام المسؤولية في عام 2000 إلى 16 مليار دولار عندما ترك منصبه، هذا إلى جانب أن الأرباح تتضاعف وأن تركيز الشركة يتسع من العقاقير التي تكافح فقر الدم لتشمل علاج هشاشة العظام ومن المحتمل أيضاً السمنة.
الشركة التي أنشئت في عام 1980 وكانت بدايتها في ولاية كاليفورنيا استطاعت أن تحول علم الحمض النووي الهجين الجديد إلى عمل ينافس الآن شركات الصيدلة الكبرى من حيث الموارد والامتداد. استطاعت شركة آمجين بتسخيرها تكنولوجيا البيولوجيا الجزئية وتكنولوجيا ربط الجينات أن تساعد في تحديد معالم قطاع التكنولوجيا الأحيائية.
الفضل في ذلك يعود إلى سعة خبرة شيرر في الشركات وخلفيته التي ترجع إلى جامعة هارفارد والتي غالباً ما تستفيد من مديرين تنفيذيين سابقين. وظيفته الجديدة هي تتويج لحياة مهنية كانت بمثابة صعوداً تقليدياً لقمة قطاع الأعمال الأمريكي.
يُرجع شيرر نجاحه إلى الحظ الجيد والإقدام على المجازفات والقدرة على تغيير المسار إذا ما تمت الحاجة إلى ذلك. ويقول في هذا الصدد: 'اقتناص الفرص دائماً ما ينطوي على مخاطر. وعليك أن تتحلى بالشجاعة'.
تعلم هذه الشجاعة خلال تدريبه في أكاديمية القوات البحرية الأمريكية. بعد تخرجه بشهادة في الهندسة عام 1971 خدم شيرر في غواصة نووية مقاتلة في الوقت الذي كانت الحرب الباردة فيه محتدمة.
وعلى الرغم من أنه استمتع بالانضباط والمغامرة، إلا أن شيرر أراد تحديات جديدة وأنواع مختلفة من الضغوط، لذا اختار أن يغير سياسته في أوائل الثمانينيات لينغمس في إدارة استشارات بشركة ماكينزي. وبعدها بعامين انتقل إلى شركة جنرال إلكتريك، وتعلم عن أدق تفاصيل عمليات الشركة بإدارة وحدات العمل تحت إدارة جاك ويلش، مديرها التنفيذي الذي خدم لمدة طويلة.
وبالنظر إلى الوراء، يقول شيرر إنه كان يعاني نفاد الصبر كي يصعد سريعاً في حياته المهنية. في عام 1989 ترك شركة جنرال إلكتريك لإدارة التسويق والمبيعات في شركة الاتصالات 'إم سي آي'. لكنه تصادم مع الثقافة وشعر أن حياته المهنية قد وهنت بعد أن أعطى الرئيس التنفيذي نصيحة لم تطلب منه عن هيكلة وحدات الشركة.
يقول شيرر: 'ثقافتهم كانت من نوع لم أستطع أن أتعلم حقاً كيف أناوره. كنت شاباً، وكنت متغطرساً لذا لم تسر اِلأشياء على ما يرام بالنسبة لي هناك'.
لكن في عام 1992، جاء عرض شركة آمجين بوظيفة لإدارة المبيعات والتسويق والعلاقات مع الحكومة. وتحول هذا إلى شركة آوية له حيث ظل فيها شيرر البالغ من العمر حالياً 64 عاماً لمدة 20 عاما.
وبعد ثماني سنوات، تولى منصب المدير التنفيذي – الشخص الثالث في تاريخ الشركة البالغ 12 عاما الذي يشغل هذا المنصب.
وسرعان ما غير شيرر من الأوضاع، فقد عين فريق قيادة جديد ونقل الكثير من عمليات التصنيع في الشركة إلى بورتوريكو. ويقول معلقاً:: 'كانت هذه هي المجازفة الكبرى، أفضل طريقة لخسارة شركة تكنولوجيا أحيائية هو أن يحدث إخفاقا في التصنيع'.
وخلال عامين، جعل شركة آمجين تستحوذ على شركة إيميونكس في مدينة سياتل والتي صنعت عقار التهاب المفاصل الذي راج بيعه، 'إنبريل،' بمبلغ 16 مليار دولار. كما أنه كان السبب في تطوير 'دينيسوماب'، عقار هشاشة العظام شديد الرواج.
مع ذلك فبينما كانت شركة آمجين تنمو، ادعى النقاد أنها فقدت رؤيتها كشركة تكنولوجيا أحيائية بارعة وسريعة النمو وأصبحت مثلها مثل أي شركة أدوية متثاقلة ذات سعر سهم راكد. لقد كان أمراً أقر به في عام 2006، حيث ذكر أن آمجين في حاجة إلى أن تظل 'صغيرة ونهمة في الشعور والسلوك كلما كبر حجمنا'.
كما يقول شيرر أن شركة أمجين تتجاوز التعريفات السهلة في بعض النواحي. ويقول في هذا الصدد: 'أعتقد أننا مثال لما يحتمل أن تكون عليه شركة تكنولوجيا أحيائية، إننا ما يرغب الآخرون بشكل أو بآخر في أن يكونوا مثله – شركة كبيرة وناجحة'.
لكن شركة آمجين أيضاً كانت تكافح مع شكوك حول آمان الأدوية وإحباط المستثمرين. انتقد شيرر من قبل حملة الأسهم لأن راتبه كان مرتفع – قبل التوجه الجديد بتقليل الأجور المفرطة – وبسبب استثماره بكثافة في بحث فشل في جني نتائج مناسبة.
ويقول شيرر: 'لدينا بالتأكيد أزماتنا ومفاجآتنا، كنت أمر بليال لم أستطع أن أخلد فيها إلى النوم. لكني لم أكن هذا الشخص الذي يمضي الكثير من الوقت في ما أسميه القلق غير المنتج وغير البناء'.
سلم شيرر المقاليد لروبرت برادوي، الذي عينه من مصرف مورجان ستانلي ليصبح المسؤول الرئيس عن العمليات، وتستمر الشركة في تكثيف الإنفاق على البحث أملاً في تطوير عقارات تقلل من مستوى الكولسترول في الدم وتكافح السمنة.
وحيث إن شيرر بدأ دوره الوظيفي الجديد في جامعة هارفارد، فإن التحدي لم يكن كما بدأ في آمجين فقد انغمس في التكنولوجيا الأحيائية بعد حياة طويلة كمهندس ورجل أعمال.
كان من المهم بالنسبة له كمدير تنفيذي غير عالم أن يحرص على تعلم ما يكفي حول علم صناعة التكنولوجيا الأحيائية ليصبح ذا مصداقية، في الوقت الذي يحافظ فيه أيضاً على عقلية المدير. وقد تطلب هذا منه مدرسين خصوصيين وكتبا مدرسية وسنوات من المواظبة على تعلم كيفية التفكير بشكل مختلف كي يتمكن من صنع القرارات فيما يخص الاستثمار والبحث وأن يحظى باحترام علماء الشركة.
ويشرح قائلاً: 'أحد الأشياء التي يجب عليك فعلها لكي تكون مؤهلاً ككبير مهندسين في سلاح الغواصات الأمريكية هو أن تنال المعرفة الشاملة حول محطة المفاعل – كل شيء من نظرية كل الأبعاد والكيمياء والكهرباء والطاقة النووية وعلم المعادن. كان علي أن أكون خبيراً واضعاً نصب عيني نظاماً معقداً للغاية وأعتقد أن البيولوجيا هي شيء من هذا القبيل'.
ساعدت الخبرة شيرر أن يخلف وراءه الكثير من نفاد صبره وعجرفته السابقين وأن يتطور كقائد كما يقول، حيث تعلم أن يثق بزملائه ذوي الخبرة الأعمق في تطوير العقاقير. وفي النهاية والأكثر أهمية، أصبح منصتاً جيداً وكَف عن محاولة أن يصبح أذكى شخص في الغرفة.
ويقول معلقاً: 'أدركت أن عيش اللحظة معناه أن تولي الشخص الذي معك اهتماماً كاملاً وهذه هي أفضل طريقة تنقل بها احترامك وأن تستمع لتفهم. حيث أصبحت أكثر ارتياحاً كوني مدير تنفيذي، فلم أكن بحاجة إلى أن أحمل هم نيل الإعجاب'.
هذه المهارات نفسها تساعده الأن، حيث يتصارع مع دراسات لحالة معقدة في أرجاء صناعات عدة ويهيئ نفسه للحياة كأستاذ. وقد يكون التحدي صعباً مثل تعلم التكنولوجيا الأحيائية.
ويقول في هذا السياق: 'لا يمكنك أن تنجح في هذا الأمر بحكم قوة منصبك أو سلطتك أو جدارتك المفترضة مسبقاً. عندما تصبح الرئيس التنفيذي فمن المرجح أن يصدقك الناس إذا قلت شيئاً ما. أما هذه فبيئة مختلفة تماماً'.
ستختلف الوتيرة أيضاً. لقد ولى أمر التركيز على الأرباح ربع السنوية والسفر الدائم. وتم استبدال كوادر المساعدين للسيد شيرر بواحد وبدلاً من المقابلات مع المصرفيين والمستثمرين، يرى شيرر الطلاب الملتمسين للمشورة.
ويقول مضيفاً: 'ربما أكبر تحول قمت به هنا هو الانتقال من عقلية طبيب الفرز في غرفة طوارئ الرئيس التنفيذي إلى عقلية أكثر تأملاً وعمقاً في التفكير وبعداً للنظر'.
تعليقات