بين نولاند والخرافي والسفير

محليات وبرلمان

هل يمهد الخرافي لممارسة دوره كرئيس 'لبرلمان الظل'؟

4303 مشاهدات 0


  كلام المتحدثة بلسان الخارجية الأمريكية - السيدة فكتوريا نولاند- عن حبس المغردين الكويتيين بتهمة الإساءة للذات الأميرية، كان يمكن أن يكون كلاما في الهواء مثل تصريحات رسمية كثيرة حول حقوق الإنسان حين تسأل عنها الخارجية الأمريكية من قبل الصحافة، وهو ما جرى يوم الاثنين الماضي حين سألها أحد الصحافيين عن رأيها بحبس المغردين، وقد أشارت له في حينه، حيث قالت: 'اننا ندعو الحكومة الكويتية الى التمسك بما درجت عليه من احترام حرية التجمع وتكوين جمعيات والتعبير'. واضافت بقولها 'إنكم تعلمون مبلغ استيائنا من حبس أناس بسبب استخدامهم موقع تويتر. ندعو الحكومة الكويتية إلى الالتزام بقيمها التي تقوم على احترام حرية التجمع والعمل المشترك والتعبير، وهي كلها أمور منصوص عليها في شرعة حقوق الإنسان وفي الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، التي وقعت عليها الكويت.' ولفتت نولاند إلى أن الولايات المتحدة لديها موقف واضح حيال إصدار عقوبات بالسجن على أشخاص بسبب مواقفهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن الجانب الأمريكي أثار القضية مع الحكومة الكويتية، دون أن تقدم المزيد من التفاصيل حول ذلك. (رابط: http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=130129&cid=30  بدورها، ردت الخارجية الكويتية على التصريح الأمريكي شارحة أن ما جرى من حبس للمغردين يتم وفق القانون بدولة الكويت.

كان يمكن أن ينتهي الأمر عند هذا الحد، كلام في الهواء مثل 'دوا جمعة، لا يسر ولا يضر': تصريح أمريكي ردا حول سؤال صحافي يمكن أن يجيب عليه أي دبلوماسي بنفس اللغة والصيغة، لأنه من غير المعقول أن تقول أمريكا للرد على السؤال أنها تؤيد حبس المغردين الكويتيين، وهي التي ترفع دوما شعارات الحرية والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان في العالم.  لكن الأمر تصاعد بدخول السيد جاسم الخرافي- رئيس مجلس الأمة الأسبق- على الخط، فالخرافي –الذي لم يعرف عنه التصريحات القوية ضد أية دولة حين كان رئيسا- شن هجوما على أمريكا وسجلها في حقوق الإنسان مذكرا بمعتقل غوانتانامو الشهير، والتفت إلى السفير الأمريكي بالكويت ماتيو تولر ليشن عليه انتقادا لاذعا مطالبا إياه بتحري الدقة بنقل الصورة الحقيقية لبلاده- يعني بالعربي 'يعلمه شغله'. وختم تصريحه ضد أمريكا بأن الكويت 'ليست طوفة هبيطة'، بما يعني 'لماذا تسكتون عن غيرنا وتنتقدونا؟ هل استضعفتمونا؟'. في غمرة حماس الرد، نسي الخرافي أو تناسى أن للولايات المتحدة الأمريكية اليد العسكرية الأقوى في تحرير الكويت من الاحتلال العراقي، وبأنها لاتزال ترتبط معها بمعاهدات دفاعية وأمنية مشتركة، أي أنها قد لا تكون 'طوفة هبيطة'، لكنها حتما بحاجة لعلاقة مميزة مع الولايات المتحدة.

  السفير الأمريكي لم يكن قد قال شيئا حين صرح الخرافي، وهجومه عليه أثار التساؤلات وخصوصا أن الخرافي لم يقل شيئا تجاه تصريح السفير البريطاني فرانك بيكر الذي كتب مقالا ضد قمع مسيرة كرامة وطن الأولى التي قمعت أمام أسوار السفارة البريطانية على شارع الخليج يوم 24-10-2012 ولم وقتها السيد الخرافي رئيسا لمجلس الأمة (رابط: http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=123563&cid=43 فهل الكويت طوفة هبيطة لبريطانيا، وعالية في وجه أمريكا؟ بالطبع لا، فالسيد الخرافي يقضي وقتا طويلا ببريطانيا ولم يعرف عنه تردده على الولايات المتحدة الأمريكية، فهل يكفي هذا لفهم أسباب دخول الخرافي على الخط؟

 المراقبون للساحة المحلية راحوا يبحثون عن تفاسير لما وراء التصريح فقالوا:  الخرافي يبحث عن الأضواء بعدما فقدها بابتعاده عن الحياة البرلمانية، وقد لا يكون هذا التفسير مقنعا لأن بإمكانه الترشح بمجلس الصوت الواحد والفوز برئاسته بكل سهولة ويسر.  هل يبحث الخرافي عن دور جديد له بالبقاء داخل دائرة الضوء، وبحكم قربه من السلطة –وهو قرب يعرفه القاصي والداني-أراد التعبير عن سخطها بلغة أقوى من لغة الخارجية الكويتية الدبلوماسية بمفرداتها؟ هل سيكون صوتا آخر للحكومة أكثر تحررا من موقع رئاسة البرلمان وقيوده البروتوكولية؟

 البعض راح في تفسيره لمحاولة فهم تصريح الخرافي على أنه مغازلة لرافعي شعار العداء لأمريكا بالمنطقة- وتحديدا إيران وحزب الله، وهو الدور الذي كان يقوم به شقيقه المرحوم –ناصر الخرافي رحمه الله. فالكل يتذكر كتابات المرحوم أخيه بتبجيل حزب الله وقائده حسن نصرالله (رابط: http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=53274&cid=47 و http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?cid=47&nid=16946

 المتشائمون وأصحاب التفكير المؤامراتي رأوا بأن تصريح الخرافي إنما هو 'بروفه' لتمهيد الطريق لتصريحات أقوى وأشد قادمة، وذلك توقعا لأحكام أشد وأنكى بسجن مغردين ونواب ومن تتم محاكمتهم في مسألة دخول/اقتحام المجلس عام 2011، وفهمت تصريحاته بالأمس على أنها تحضير لنفسه للعب دور رئيس 'برلمان الظل' دون أن يسبب للحكومة حرجا على اعتبار أنه اليوم مواطنا عاديا. ويذهب أصحاب هذا الرأي أبعد من ذلك: إذا كانت هذه الحكومة التي يرأسها سمو الشيخ جابر المبارك ليست الحكومة الفعلية، فإن مجلس الصوت الواحد الذي يجتمع أمام الإعلام ليس بالبرلمان الحقيقي، فهناك برلمان فعلي في الظل يرأسه جاسم الخرافي، وهنا يمكن فهم تصريح الخرافي- المواطن- وليس علي الراشد مجلس الصوت الواحد.

 على أية حال، نطمئن السيد الخرافي بأن تصريح الخارجية الأمريكية 'لا يودي ولا يجيب'، ودليلنا أن السفير الأمريكي بالكويت ماثيو تولر سارع بعد تصريح الخرافي بساعات لتوضيح الصورة التي رأى بأن الإعلام قد ضخمها، رابط: http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=130315&cid=30

 بمعنى: يا جماعة، نحن سنقول ما علينا قوله، وأنتم افعلوا كما تشاءون!

 

 

الآن-تحليل

تعليقات

اكتب تعليقك