ناشرا ((الآن)) يكتبان عن سعود الناصر بالذكرى الأولى لوفاته

وفيات

بن طفلة: كان يحذر من الإخوان المسلمين والتيارات الدينية السياسية، فهل صدقت نبوءته اليوم؟، والزيد: بطل التحرير وسيد النظافة

6035 مشاهدات 0

الشيخ سعود الناصر رحمه الله

كتب ناشرا مقالاً لكل منهما في الذكرى الأولى لوفاة سفير وبطل التحرير الشيخ سعود الناصر الصباح، وفيما يلي مقال الدكتور سعد بن طفلة ويليه مقال الأستاذ زايد الزيد:-

كتب: سعد بن طفلة

في مثل هذا اليوم من العام الماضي، غيب الموت شخصية سياسية دبلوماسية كويتية فذة، فقد رحل في ذلك اليوم الشيخ سعود الناصر السعود الصباح بعد صراع طويل مع مرض السرطان.

 اشتهر الشيخ سعود بالاستقامة والصرامة فيما يراه حقا، وكان صاحب قرار لا يتردد باتخاذه متى ما توافق مع قناعاته، نظيف اليد واللسان، وعفيف الذمة المالية،لم تشب سيرته الوزارية ولا الدبلوماسية كسفير لبلاده بأهم عاصمتين عالميتين- لندن وواشنطن- شائبة مالية، ولم يعرف عنه المحاباة والمجاملة في سبيل الحق والقناعة.

 عرف الشيخ سعود-رحمه الله-بسفير التحرير، فقد كان قدرة هائلة من النشاط الدبلوماسي الدؤوب بواشنطن أثناء الاحتلال العراقي للكويت، ولم يتوقف طيلة فترة الاحتلال متنقلا بين البيت الأبيض والكونغرس ممارسا كافة أنواع الإقناع والضغوط لحمل الكونغرس على الموافقة بالمشاركة العسكرية في عاصفة الصحراء التي أزاحت الاحتلال البغيض من بلادنا عام 1991.

 كان الشيخ سعود يحذر ليل نهار من كافة أشكال الدين السياسي، وكان يعتبر أنهم اختطفوا الكويت وأن أجندتهم ليست وطنية بل هي خدمة لأهداف عالمية لا علاقة للكويت بها، وكان يرى أن جماعات الدين السياسي استخدمت دول الخليج وعلى رأسها الكويت كمحاسب-كاشير- لتسديد الفواتير لصالح مرشديها وقادتها بالخارج، وكان ممن يطالبون بإخضاع جمعيات التبرعات الدينية للقانون وللرقابة. رحل الشيخ سعود والجماعات الدينية تسرح وتمرح بالمنطقة مع جمعياتها دون رقيب أو حسيب، في وقت يشتد عليهم هجوم كلامي وإعلامي فقط من قبل قوى انتهازية تحاول أن تربط مطالب الناس الدستورية المشروعة بالكويت بالحركات الدينية السياسية وحدها، وهي محاولة مكشوفة لم ولن تنطلي على أحد، فلا زال النظام السياسي الكويتي يتبنى هذه الحركات ويفتح لها الأبواب ويتجاهل تطبيق قوانين الرقابة المشروعة عليها وعلى جمعياتها غير المرخصة، وما الحملة المؤقتة ضدهم إلا لذر الرماد بالعيون من أجل التخلص من المكتسبات الدستورية والحقوق العامة للشعب الكويتي.

ترى! ماذا سيكون رأي أبوفواز لو كان حيا في فهم هذه الحملة المنظمة التي ترفع شعارات محاربة الإخوان المسلمين وهدفها شيء آخر مختلف تماما؟

 رحل الشيخ سعود الناصر –رحمه الله- وقد ترك لكل من عرفه نموذجا في الاستقامة السياسية، ومدرسة في كيفية اتخاذ القرار، ومعينا لا ينضب من النزاهة والإخلاص لمن ينشد أن يؤدي عمله بإتقان وكمال.



بآخر لقاء بديوان بن طفلة عام 2010

 رحل الشيخ سعود-رجل الدولة- والكويت أحوج ما تكون للقيادات التي لا تجامل في رأيها على حساب وطنها، رحل والجميع يرقب مشهد التدهور الذي تشهده البلاد على صعيد إدارة الدولة من قبل أناس غير مؤهلين لإدارتها وترجمة سياستها وتطلعات شعبها.

رحم الله الشيخ سعود-فقد كان مخلصا لمبادئه، محبا لوطنه، متفانيا في عمله، وخائفا كل الخوف على الكويت...

للمزيد من التفاصيل أنظر أدناه :-


http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=95687&cid=30

http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=96140&cid=39

 وفيما يلي مقال الزيد :-

سعود الناصر بطل التحرير وسيد النظافة

تمر علينا اليوم الذكرى السنوية الأولى لوفاة الشيخ سعود الناصر السعود الصباح أحد أبرز رجالات الكويت في العصر الحديث، حيث لعب أهم الأدوار التي رفعت من شأن الكويت عالياً في أكثر من ميدان، وبذلك حفر التاريخ اسم هذا الرجل في كل زاوية من زوايا الكويت وفي كل قلوب الكويتيين، لذلك يحق لنا القول إنه وإن كان الموت قد غيب الراحل جسداً، إلا أن عطاءاته اللامحدودة وسيرته العطرة ملأت الأرجاء، ومن هنا تجد كل الكويتيين يستذكرون أدواره ومواقفه دوماً في كل حدث، فنتذكره في المناسبات الكئيبة كذكرى الغزو الصدامي، ونتذكره أيضاً في المناسبات السعيدة حينما نحتفل كل عام بذكرى تحرير البلاد من ذلك الغزو، كما أننا أيضاً لا ننسى ذكرى الراحل حينما تمر بنا مواقف أخرى متنوعة، لأنه كان يتصدى لأي مشكلة يستشعر أنه يمكن أن يؤدي تدخله فيها لحلحلتها وحلها، وما أكثر تلك المواقف، كانت جلها تتعلق بالشأن العام، وإن كان لم يغفل حتى عن المشاكل ذات الطبيعة الخاصة التي تحدث بين الأصدقاء أو الأقارب سواء ما كان منها ذا طابع اجتماعي أو تجاري، كان وسيط صلح دائماً يسعى لتحقيق الخير وتهدئة النفوس، حتى إن تطلب ذلك أن يدفع أموالاً من جيبه الخاص لأجل إنهاء أي إشكال يعترض أهله أو أقاربه أو أصدقاءه، وكان يقوم بهذه الأدوار من تلقاء ذاته ولاينتظر من أحد تكليفاً، فكان سيد الإيجابية، وقد كنت شاهداً على كثير من تلك المواقف، ووالله لولا خصوصيتها لأذعتها للعامة، ولكن حسبي أنها أسرار حرص الراحل على أن يبقيها في طي الكتمان، وحسبي أيضاً أن أهل الكويت يعرفون تلك الخصال في شخصية «بوفواز» حتى ولو لم يعرفوا التفاصيل.

كرس الراحل الشيخ سعود حياته كلها لخدمة الكويت، لم يبخل عليها لابجهده ولابعطائه ولابوقته ولاحتى بماله، منذ أن دخل وزارة الخارجية كدبلوماسي بعد تخرجه من الجامعة في بريطانيا (جامعة لندن) في العام 1969 وتدرج بالعمل الدبلوماسي فعين كسفير للكويت في المملكة المتحدة عام 1975 ثم سفيراً بالولايات المتحدة الأميركية في العام 1981، وجاء الغزو الصدامي الذي اجتاح البلاد في الثاني من أغسطس 1990 ليبرز الراحل الشيخ سعود الناصر كواحد من ألمع الساسة في العالم في آخر مرحلة من مراحل الحرب الباردة، فأدار الأزمة بأروع ماتكون الإدارة، وربما كان من حظنا ككويتيين أن جعله الله سفيراً لنا في الولايات المتحدة الأميركية وقت الغزو، سبعة شهور كاملة - هي عمر الغزو - واصل فيها الراحل الكبير العمل الليل بالنهار بلا كلل أو ملل، ففي النهار كان ينسق أعمال جهود مواجهة الغزو والتحضير لتحرير البلاد مع الأميركان، وفي الليل (لفارق التوقيت) كان ينسق مع القيادة الكويتية بالطائف ويبلغها بالتطورات أولاً بأول، فكان البطل في العمل الدبلوماسي، وكان الفارس في الإعلام العالمي وكان المحاضر في الجامعات الأميركية بطول الولايات وعرضها، لم يترك الراحل مكاناً أو نافذة يرى أنها تخدم الحق الكويتي وتبرز القضية الا وتجده واقفاً أمامها، ومن المهم الإشارة هنا إلى نقطة في غاية الأهمية في حياة الراحل الكبير، وهي ان الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش (الأب) أصدر قراراً رئاسياً في الأيام الأولى للغزو بتجميد أرصدة الكويت في كل بقعة بالعالم، وإلغاء كل الإمضاءات التي كانت مخولة بالتصرف في الأموال الكويتية بالخارج، واعتماد امضاء (توقيع) شخص واحد هو الشيخ سعود الناصر! لذا كانت تخرج من تحت يدي الراحل كل الأموال التي كانت تصرف لإعاشة الكويتيين في الداخل والخارج، وكل الأموال التي منحت كمساعدات أو قروض لبعض الدول الصديقة والشقيقة التي ساهمت بتحرير الكويت، وكذلك كل الأموال التي صرفت على جهود التحرير، كما أنه أشرف أيضاً أعمال إعادة البناء التي قامت بها كبرى الشركات بعد التحرير مباشرة في إعادة تشغيل وبناء خدمات الكهرباء والماء والاتصالات والموانئ والمطارات ونزع الألغام وغيرها من خدمات أساسية، وكان الراحل يتعامل مع كل هذه المشاريع والأموال بكل شفافية جعلت الكل يشير إليه على أنه من أكثر السياسيين في تاريخ الكويت.

تحررت الكويت في السادس والعشرين من فبراير 1991، بفضل الله وبحمده، ومن ثم بفضل الدول الشقيقة والصديقة التي وقفت معنا بالحق، وكذلك بفضل المخلصين من أبناء الكويت الذين يأتي في مقدمتهم الراحل الشيخ سعود، ولم ينتهِ دور الراحل عند هذا الحد، فقد شمر عن ذراعيه بعد التحرير لمرحلة البناء، فنسق مع كبرى الشركات الأميركية والأوروبية لأعمال إعادة البناء، ومع كل ماصرف من مليارات الدولارات في هذا المضمار، لم يتلوث الرجل أبداً في كل هذا، رغم أن المغريات كانت أكبر من الوصف، لكن لأنه سعود الناصر النظيف، فانه نشأ نظيفاً وعاش نظيفاً ومات نظيفاً.

دخل العمل السياسي بعد العمل الدبلوماسي من بوابة وزارة الاعلام وهي أول حقيبة وزارية يتسلمها في العام 1992، وبرع فيها من خلال اعادة بناء وتطوير الإعلام الكويتي وإنشاء المراكز الإعلامية بالخارج وتوسعة أعمالها، ومن ثم تسلم وزارة النفط في العام 1999 وحقق فيها انجازات كبيرة، لكن المتغيرات السياسية المحلية وأحداثها دفعته دفعاً لترك العمل الوزاري، لكنه لم يترك العمل السياسي سواء داخل «الأسرة» أو من خلال التواصل مع كل المكونات السياسية المؤثرة بالساحة المحلية أو حتى بالاحتكاك شبه اليومي مع وسائل الإعلام المحلية والدولية.

ونعود للتذكير بنقطة في غاية الأهمية من حياة الراحل الشيخ سعود، وهي نظافة يده، فمع اشرافه على أعمال توزيع أموال الإعاشة على الكويتيين في الداخل والخارج طيلة فترة الغزو، وتقديم المساعدات والقروض للدول الصديقة والشقيقة التي ساهمت بتحرير الكويت، ومع إشرافه على أعمال إعادة بناء الكويت بعد التخريب الذي طال المنشآت، ومع تسلم وزارتين هامتين، مع هذا كله حافظ الراحل الشيخ سعود على اسمه وتاريخه، بحيث لم تسمع أحداً يهمس مجرد همس حول ذمة الرجل رغم تصرفه بأموال طائلة، وميزة الكويت أنك لايمكن أن تغطي فيها على سرقة، خاصة إذا كان المتصرف أو المسؤول شخصاً جريئاً وتسبب له تلك الجرأة - حتماً - خصومات مع السياسيين، مع ذلك كله كان الراحل الشيخ سعود سيد النظافة في حقبة اشتهرت بالاختلاسات والسرقات، فنأى بنفسه بعيداً عن كل الشبهات.

رحم الله الشيخ سعود الناصر وأسكنه فسيح جناته

الآن

تعليقات

اكتب تعليقك